دين الجنازات .. ل “محمد زياد الترك”

-محمد زياد الترك-  خاص (الجسرة)

 

لماذا يعجزُ شابٌ ثلاثيني عن كتابةِ نصٍّ يقتل غيابكِ، ويجعلكِ تتدحرجين من برجِ وحدتكِ على رأس الظنِّ فتشجّيه؟.
السبب بسيط جدًا:
كان أبي وحيد والديه، لعائلةٍ لا تتجاوز الخمسة أفراد
وكان عندما يقرع جرسَ مدرسته، يقرع على الفور عداد عمره
مرات قليلة كان يصل البيت دون أن يتنمّر عليه اقرانه..
لهذا ومنذ ذاك الوقت اراد أن يُكوِّن اسرة كبيرة
فهو يحلم بعدد مهول من الأبناء يَجلِسونه على عرشه
ويأتونه بدماء المتنمرين على اياديهم..

أمي طفلة هزيلة، برحم هشٍّ لا يتسع لتوأمين معًا
وجميلة للحد الذي يشفق طبيب توليد زيارتها له مرتين على التوالي
لهذا باء حلم والدي بالفشل
وكبكرٍ له، أحمد الله على نعمة الفشل
لكان لي كتفين الآن هدّهما التعب
ولقضيت الكثير من عمري في غرف الطوارئ

هذا سببٌ أولي لامتنع عن الكتابة
وامتنع عن التحرش بهالة اختفائكِ
وسبب رئيس لأقع في الظن
فربما اوفيتِ بوعدكِ منذ اسبوعين وانتحرتِ
الجنازات دَينٌ يا لئيمة .. وانا أفي بالوعود كلها
على كلِّ حالٍ..
أنا عاجز تمامـاً عن قتلِ غيابكِ
ولا أجد وسيلة واحدة تخبرني انكِ بخير
وربما وهذا مؤكد
أصبحت عقيمًا في استحضارِ الحبيباتِ العتيقات
اللواتي كنَّ يدفعنني لأكتب نصوصًا
على الأقلِّ أحبها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى