كمال الباشا يفوز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية السينمائي

باحت الدورة الـ74 من مهرجان البندقية السينمائي لهذا العام بأسرارها، حيث فاز فيلم “ذا شيب أوف ووتر” للمخرج المكسيكي جييرمو ديل تورو بجائزة الأسد الذهبي لأحسن فيلم في المهرجان، وتدور أحداث الفيلم في إطار خيالي ويتناول قصة وقوع عاملة نظافة بكماء في حب مخلوق برمائي.

وفاز الفلسطيني كمال الباشا بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “القضيّة رقم 23” للمخرج اللبناني زياد الدويري، في حين فازت شارلوت رامبلينج بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم الإيطالي “هانا”. أما الفيلم التراجيدي العائلي “فوكستروت” للمخرج الإسرائيلي صمويل معاذ فقد نال جائزة لجنة التحكيم الكبرى في حين فاز الفرنسي زافييه لوجراند بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه الدرامي “كستدي”.

 

تتويج عربي

تنافس خلال الأيام الـ10 للمهرجان، الذي استمر من 30 أغسطس الماضي إلى 9 سبتمبر الجاري، 21 فيلما عالميا ضم كبار نجوم ومخرجي هوليوود للفوز بالجائزة الكبرى.

واللافت في هذه الدورة من مهرجان البندقية السينمائي هو المشاركة العربية المميزة، حيث سجّلت 4 أفلام عربيّة حضورا جيدا في دورة هذا العام من مهرجان البندقيّة السينمائي، من ضمنها فيلم “اللحن” للمخرج الجزائري رشيد هامي، وفيلم “مكتوب حبّي” للمخرج الفرنسي التونسي الأصل عبداللطيف كشيش، وفيلم “القضيّة رقم 23” للمخرج اللبناني زياد الدويري.

تتويج المشاركة العربية كان فوز الفلسطيني كمال الباشا بجائزة أفضل ممثّل في المهرجان عن دوره في فيلم “القضيّة رقم 23”. وقد أهدى الممثّل فوزه إلى فلسطين وإلى شعبها، وقال في خطاب تسلّمه لكأس فولبي في الحفل الختامي للمهرجان “أنا فخور بأنني ساهمت في رفع اسم فلسطين أمام العالم أجمع”، مضيفا “الجائزة ليست لي وحدي، بل هي للفيلم والمخرج وفريق العمل الرائع”.

يؤدي الباشا في هذا الفيلم دور لاجئ فلسطيني في لبنان، يدخل في مشادّة كلاميّة مع المسيحي طوني، تنتهي بلقاء الطرفين أمام القضاء، وتتصاعد الأحداث بشكل مشوّق، خاصة مع الأداء المميز للممثلين، والطرح الجريء للمخرج.

 

وعلى الرغم من أنه اشتهر في المجال المسرحي كمخرج وكاتب وممثّل، فإن ذلك لم يمنع كمال الباشا من الظهور في عدد من الأفلام السينمائية مثل فيلم “حجر سليمان” القصير للمخرج رمزي مقدسي، وفيلم “الحب، السرقة، ومشاكل أخرى” للمخرج مؤيد عليان، الذي شارك في مسابقة بانوراما ضمن مهرجان برلين السينمائي عام 2015.

واعتبر الباشا أن “ياسر سلامة تلخيص لمعاناة الفلسطيني في منفاه القسري، غريب بين أهله في الأردن والخليج وفي لبنان، عانى من فقدان وطنه وإبعاده عنه، ثم من عروبته التي لم تستطع أن تنصفه وتقف إلى جانبه في محنته، ثم عانى من خيارات غير مدروسة جرت عليه المزيد من المصائب، لكنه رغم معاناته لم يتحول إلى وحش يشبه كل الوحوش التي آلمته، حافظ على إنسانيته مصرّا على أن تحقيق العدالة للفرد أهم من جميع الانتماءات التي لا تجر إلا المصائب، قاوم وناضل ونحت نفسه بنفسه ورفض الذلّ لنفسه ولخصمه، ساعيا إلى تحقيق العدالة بواسطة القضاء المستقل والحر”.

 

قضايا شائكة

فيلم “قضية رقم 23”، الذي فاز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية السينمائي، يمثل عودة للمخرج اللبناني زياد الدويري إلى الفن السابع من بابه الواسع والعالمي هذه المرة.

يحلل الفيلم بذكاء ونضج سوسيولوجي ونفسي الانقسام السياسي والطائفي في لبنان، ويبدأ بمشادة حادة تقع بين طوني (يؤدي دوره عادل كرم) المسيحي اليميني وياسر (كامل الباشا) اللاجئ الفلسطيني المسلم المقيم في لبنان في أحد أحياء بيروت، وتتحول هذه المشادة إلى قضية رأي عام وتقود الرجلين إلى مواجهة في المحكمة.

وفيما تنكأ وقائع المحاكمة جراح الرجلين وتكشف الصدمات التي تعرضا لها يؤدي التضخيم الإعلامي للقضية إلى وضع لبنان على شفير انفجار اجتماعي، ما دفع بطوني وياسر إلى إعادة النظر في أفكارهما المسبقة ومسيرة حياتهما.

يقول زياد الدويري مخرج الفيلم “أطرح في فيلمي أسئلة على المستوى الفني والدرامي وليس على المستوى السياسي والاجتماعي، ولكن لا شك في أن الأبعاد السياسية والاجتماعية تتداخل مع البعد الدرامي، على شاكلة مجتمعنا اللبنانيا”.

ويعود الدويري مخرج فيلم “ويست بيروت” عام 1998 الذي أسس للسينما اللبنانية بعد الحرب الأهلية و”ليلى قالت” في 2004 و”الصدمة” في 2013 إلى لبنان ليعيد للسينما الحقيقية روحها بفيلم جريء متين وقوي يسمي الأشياء بأسمائها، بعدما تلاشى الفن السابع اللبناني في السنوات الأخيرة ولم يبق منه إلا القليل من الأفلام ذات القيمة الجمالية والفنية والنصية الجيدة.

السجال الذي يرافق أفلام الدويري يبدو أنه سيعود اليوم مع “القضية رقم 23” لكونه يتناول قضايا جريئة لا تزال مطروحة حتى مع انتهاء الحرب الأهلية، وهي الالتفاف حول القضية الفلسطينية والانقسام بين يمين ويسار. فالفيلم يكشف تناقضات المجتمع اللبناني والفساد الثقافي قبل السياسي، ويناقش كذلك قضايا العدالة وكرامة الإنسان والكره والبغض اللذين يكنهما البشر لبعضهم البعض دون أن يعلموا السبب.

والفيلم الذي يعتبر الأول لبنانيا المنتمي إلى أفلام المحاكم، يتضمن جرعات من الأمل والمشاعر الإيجابية، وفيه مشاهد لا تخلو من الطرافة على الرغم من تناوله للقضايا الشائكة. وذكر الدويري أنه بذل جهدا كبيرا لاختيار الممثل الصحيح في المكان الصحيح مشيرا إلى أن الممثلين أبدعوا في أدوارهم مضيفا “أجريت اختبارات تمثيل لما بين 400 و500 ممثل، قبل أن أختار الممثلين الذين أسندت إليهم أدوار الفيلم”.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى