كتاب عالميون رفعوا شعار: كتاب واحد يكفي

هناك من الكتاب في شتى أنحاء العالم من رسخ اسمه من خلال مؤلف يتيم، أمثال الكاتبة الأميركية هاربر لي بروايتها الشهيرة “أن تقتل طائرا بريئا”، أو الكاتب الروسي باسترناك الذي اشتهر برواية “دكتور زيفاغو”.

تقول الباحثة المصرية أماني توما، أستاذة الأدب الإنكليزي بجامعة عين شمس، “اشتهر الكثير من الروائيين والكُتَّاب ببعض كتاباتهم وأعمالهم الأدبية، وأرادوا أن يستمروا في مجالهم ويضيفوا إليه الكثير، ولكنْ ثمة كُتَّاب آخرون أبهروا العالم بعمل أدبي واحد، واكتفوا به ومنحهم الشهرة، بعدها لم يستطيعوا الاستمرار على السير في ذلك الطريق بل انسحبوا، عرف هؤلاء لدى الأوساط الأدبية بـ‘أصحاب العمل الواحد‘، ليس هذا لانعدام إمكانياتهم في الاستمرار، ولكن يبدو أن دخول التاريخ الأدبي بعمل واحد هو الحلم الوحيد لهؤلاء.

ومن هؤلاء الكُتَّاب مارغريت ميتشل الكاتبة الأميركية صاحبة رواية ‘ذهب مع الريح’، ويُطلق على هذه الرواية قصة العشق التي صدرت عام 1936، وكانت سببا في شهرتها، حيث تناولت قصة عشق حازت على إعجاب قارئيها لدرجة جعلت منها الرواية الرومانسية التي لم تتكرر مرة أخرى، حتى وإن كانت من الكاتبة نفسها، وعليه يُعتبر دخول الكاتبة الأميركية لتاريخ الأدب منسوبا فضله لهذه الرواية، التي حازت على الكثير من الجوائز العالمية بعدما تحولت إلى فيلم رومانسي، حقق مشاهدات عالية تكاد تكون الأعلى في تاريخ الأفلام الأميركية الرومانسية، كما أنها نالت جائزة ‘بوليتزر‘، وبالرغم من هذا النجاح الواسع الذي حققته الرواية إلا أن مؤلفتها انسحبت من المجال الأدبي بشكل نهائي”.

وتذكر توما رواية يتيمة أخرى بعنوان “مرتفعات وذرينغ” للكاتبة الإنكليزية إميلي برونتي، ولكون الكاتبة تنتمي إلى عائلة أدبية في الأساس، مارست الكتابة وأطلقت العنان لخيالها الواسع، حتى خرجت بتلك الرواية التي صنعت منها كاتبة متمرسة نالت مكانة لم يسبق لأي من أقربائها الحصول عليها، فبمجرد إطلاق الرواية صنفت من الكلاسيكيات التي تستحق حصد الجوائز، كما أنها ارتقت إلى مرحلة الترجمة والصدور بلغات غير الإنكليزية ومن بينها العربية، وتحولت إلى عدة أفلام، كل فيلم تناولها بمنظور يختلف عن الآخر، ولكن رواية “مرتفعات وذرينغ” كانت الرواية الأولى والأخيرة للكاتبة التي أبهرت بها العالم ثم انسحبت.

أما الكاتبة الأميركية سيلفيا بلاث فهي الأخرى لم تصدر سوى رواية واحدة فقط، ثم انسحبت من المجال الأدبي، وتسمى “الناقوس الزجاجي”، تكاد تكون تلك الرواية تجسيدا للحالة النفسية لمؤلفتها، حيث تناولت حياة فتاة تعاني اضطرابا نفسيا جعلها تقدم على الانتحار، وهو بالفعل ما حدث مع الكاتبة، إذ نراها تخلصت من حياتها بعدما أصدرت تلك الرواية بوقت قصير، لذلك نالت تلك الرواية شهرة تتناسب مع ما حدث للكاتبة، حيث تحولت إلى فيلم وصدرت بأكثر من لغة من بينها العربية.

 

كُتَّاب آخرون أبهروا العالم بعمل أدبي واحد
أيضا نجد رواية “أن تقتل طائرا بريئا” للكاتبة الأميركية هاربر لي، والتي كانت الرواية الأولى والأخيرة للكاتبة، وقد صنف هذا العمل الأدبي من الكلاسيكيات الفريدة للأدب، كما حازت على جائزة “بوليتزر”، بالإضافة إلى ثلاث جوائز أخرى بعدما أصبحت من أشهر الروايات الأدبية وتحولت إلى فيلم سينمائي. وما ساهم في تبوئها لهذه المكانة أنها تناولت قضية من أصعب القضايا المجتمعية على مستوى العالم، وهي قضية التمييز العنصري في ثلاثينات القرن الماضي. وتضيف أماني توما “من بين الروايات الأخرى التي أخذ كُتَّابها لقب ‘أصحاب العمل الواحد‘ كانت للكاتب الأميركي آرثر غولدن رواية تُسمى ‘جيشا‘، حاز الكاتب بعد نشرها على شهرة واسعة تخطت محيط بلاده، وتناولت الرواية التأثيرات السلبية للحرب العالمية الثانية على المجتمع الياباني”.

وتذكر الباحثة أيضا رواية “دكتور زيفاجو” التي كانت الأولى والأخيرة للكاتب الروسي بورسيس باسترناك الذي أبهر بها العالم، بالرغم من ذلك نشرت في إيطاليا نظرا إلى رفض بلاده نشر تلك الرواية التي اعتبرتها من الروايات السياسية، لكونها تناولت الحياة في روسيا قبل وأثناء الثورة، وعليه بدأت شهرة تلك الرواية من إيطاليا بلد النشر، بعدها حصلت الرواية على جائزة نوبل الأدبية، كما تحولت إلى فيلم سينمائي.

ويعد الكاتب الأيرلندي أوسكار وايلد ضمن الكُتَّاب الذين نالوا شهرتهم من رواية واحدة ثم انسحبوا، وكانت روايته هي “لوحة دوران غراي”، وبالرغم من أن الجميع توقع له بعد روايته هذه أن يستمر في سطوعه الأدبي، اكتفى بهذا العمل الذي يحكي قصة حياة شاب أراد أن يرسم صورة أو لوحة لدوران، وكيف أن العمل أظهر مدى الترابط بين البطل والمكان الذي ظل يرسمه لسنوات حتى اكتملت لوحته.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى