خيبات بأصابع طويلة.. ل “سماح العيسى”

-سماح العيسى-  خاص (الجسرة)

 

ربما من الضروري جدًا أن يعتذر أولئك الراحلون عن الفرح المؤقت الذي منحوه لنا والذي جعلنا نمعن النظر في كآبة الحياة من بعدهم و نراها على حقيقتها بكل فجاجتها وبؤسها..
من الضروري أن يعتذروا مرارًا عن الأشياء الجميلة التي مرروها لنا في صناديق من ورق غرقت وتلاشت بعد غيابهم في ملح دموعنا لتتركنا نجابه قبح الواقع بكل كارثيته.
من الضروري أن يعتذروا ملء قلوبهم عن كل السعادة والجمال قبل أن يعتذروا عن أي سيئة اقترفوها أو أي إثم ارتكبوه.

 

**

وعليكَ أن تسأل هذا الحزن أولاً
كم ربِّينا معًا من الخيبات ..
حتى صِرنا بهذه اللامبالاة!

 

**

 

كأي أنثى قاصرة عن الفرح.. أنا ..
الحب، الأمل، الجذل الذي يرقص في الأوردة.. كلها كذبات كبيرة، هزيلة.. أخلقها ثم أراقبها كيف تخفت و تُحتضر..
أراقبها كيف تتقلص لتصير محض جثث.. أواريها قلبي بكل بساطة…
قلبي مقبرة رحبة بسور مرتفع بعض الشيء لكن لا يعلو على الخيبات أبدًا ..
/الخيبات كائنات ضبابية لم يُعرف لها شكل بعد ولم تُلتقط لها صورة واضحة إلى يومنا هذا ../
لكني أتخيلها و هي تمد أصابعها الرفيعة والطويلة فوق سور قلبي لتنبش قبوره.. كل حين ..
لتقلّب تربته بإتقان فلاح يحفظ وجه أرضه أكثر مما يحفظ وجوه أحفاده. تقلّب الخيبات تراب قلبي بمخالبها لتزرع نفسها فيه من جديد.. من جديد بعد كل موت …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى