عبدالفتاح المزين يحلم بفن يحاكي الناس بعيدا عن النخبوية

نضال قوشحة

بدأ الفنان السوري عبدالفتاح المزين مشواره الفني في المسرح، وقدم فيه العشرات من الأدوار، وكان يقدم من خلاله سنويا العديد من الشخصيات، ثم كانت انطلاقته الفنية الهامة في السينما من خلال فيلم “القلعة الخامسة” إنتاج المؤسسة العامة للسينما وإخراج بلال الصابوني، ثم تكررت التجربة السينمائية بفيلم “حادثة النصف متر” مع ذات المؤسسة والمخرج المخضرم سمير ذكري، وفي هذين الفيلمين قدم جهدا كبيرا في مشروعين يعالجان موضوعين فكريين هامين، وهذا ما جعله في مصاف الفنانين الذين يقدمون فنا فكريا عالي المستوى.

بعد المسرح والسينما اتجه المزين للعمل في التلفزيون، فقدم في مسلسل “حمام الهنا” مشاهد أولى له في العمل التلفزيوني، ثم في مسلسل “صح النوم” الشهير، وكلاهما مع النجمين الشهيرين نهاد قلعي ودريد لحام، كما ظهر في العديد من الأعمال الهامة لاحقا.

وقدم في مسلسل “أبوكامل” سيناريو فؤاد شربتجي وإخراج علاء الدين كوكش، وهو أحد الأعمال الأولى في نمط البيئة الشامية، دور زاهي أفندي، وهي الشخصية التي ذاع صيتها وحملت للفنان شهرة كبيرة، واستمرت في جزأي العمل اللذين قدم فيهما بشكل ملفت تلك الشخصية المتسلقة والانتهازية الباحثة عن امتيازاتها ولو على حساب أقرب الناس لها، بحيث وصلت إلى مراتب عليا عند المحتل الفرنسي في حينه، كذلك قدم مع هيثم حقي دورا ملفتا في المسلسل الشهير “دائرة النار”.

ويلعب عبدالفتاح المزين حاليا دوره الأحدث في مسلسل “حريم الشاويش” بإدارة المخرج أسعد عيد، حيث يقدم شخصية الباشا، التي يقول عنها “ألعب في هذه الشخصية دور الباشا الذي وصل عبر أسلوبه في التسلط والغش والمحاباة إلى أن يصبح سيد الحي، بعد أن كان مجرد ‘كشاش حمام’ بسيط في مكان شبه مهدم، يمارس هذا الشخص بدهائه وأخلاقه السيئة، كل ما يمكنه وبمساعدة بعض متنفذي الحي، أفانين الاحتيال ليسحق كل معارضة له، فيمتلك المال والسلطة، ويصبح متحكما بمصائر العديد من الأشخاص، قبل أن يكتشف أمره ويخسر نفوذه وسلطته”.

وعن تكرار الأعمال الشامية من الناحية الإنتاجية، ثم حقيقة ما تقدمه عن البيئة الشامية، توثيقيا، يمتلك مزين رأيا متفردا، فيقول الفنان السوري المخضرم “شخصيا، لا أرى أن كثرة الأعمال الشامية في موسم واحد هو أمر إيجابي، بل على العكس، يجب أن نكتفي بعدد محدد يقدم بشكل واع، بحيث تتوجه الإنتاجات الأخرى نحو أعمال في اتجاهات بديلة، ونوسع الطيف الفكري المقدم في الدراما السورية، أما مسألة حقيقة ما تقدمه البيئة الشامية في مسلسلاتها، وكونه يحمل وثيقة تاريخية، فهذا أمر ملتبس، في الحقيقة معظم ما يقدم ليس دقيقا، فالبيئة الشامية التي تعرض تعني دمشق كمدينة ومجتمع وناس، وهي المدينة التي عمرها كحاضرة آلاف السنين، وكما غيرها في كل مدن البشرية فيها الخير والشر، من هنا نرى أن معظم ما يكتب ويقدم في البيئة الشامية يتركز على الشر، وهذا خاطئ، لأن هنالك جوانب إيجابية كثيرة في حياة الناس بدمشق”.

ويضيف المزين “التركيز على عنصر الشر والجهل الذي كان موجودا في المدينة وتاريخها، أمر يحمل خطورة كبيرة، لأنه بسبب كثرة الإنتاج فإن ذلك سوف يكرس في عقول الناشئة، والذي سيعني محو ما هو مشرق من تاريخ المدينة، وإحلال الخاطئ مكانها، لذلك قلت إن إنتاج البعض من هذه الأعمال وبشكل واع أمر مهم جدا في هذه المرحلة، فبدل إنتاج العديد من الأعمال المكررة والمشوهة، يكفي إنتاج جزء منها بشكل صحيح نقدم فيه ما هو مفيد ومتقن، ونبتعد عن المشوش والخاطئ”.

وعن السينما ومشاركاته فيها، وابتعاده عنها في سنوات عمله الأخيرة يقول عبدالفتاح المزين “للسينما مكان أثير في قلبي، لأن شعبيتي وظهوري القوي الأول كان من خلالها بفيلم ‘القلعة الخامسة’ للمخرج بلال الصابوني، الذي كان أول من دعاني إلى العمل في السينما، ثم شاركت في العديد من الأفلام اللاحقة التي قدمتها في القطاعين العام والخاص، بحيث بلغ عدد أفلامي التي قدمتها بين سوريا ومصر 33 فيلما، ولي مساهمة في فيلم أوروبي”.

ويضيف “انجذبت إلى السينما وعملت فيها، وأعتبرها الأهم لقلبي، فيها تعلمت الكثير من مهارات الفن، وكيفية أن يضبط الممثل مشاعره وقدراته في سلسلة من المشاهد قد تمتد لفترات متباعدة، قد تكون أشهرا، لكي يقدم في النهاية شخصية متوازنة وجاذبة، عندما كانت تقدم أعمالا تهم الشرائح الاجتماعية بأقصى حالات التنوع الاجتماعي الموجود في الحياة، كرست لها وقتا وجهدا كبيرين، ثم لاحظت عزوف من يقومون على السينما في سوريا عن الأفكار التي تهم الناس، لمصلحة أفكار نخبوية تهم المهرجانات السينمائية فقط، حينها ابتعدت نسبيا عن السينما”.

ومع ذلك شارك عبدالفتاح المزين منذ فترة بفيلم “نصف ميلغ نيكوتين” للمخرج محمد عبدالعزيز، والذي يقول عنه لـ”العرب” إني “أعتبر عبدالعزيز مخرجا مثقفا وهاما، وقدمت في الفيلم شخصية صوفية بالغة الشفافية والجمال، وقد حقق العمل العديد من الجوائز في المحافل العربية والعالمية”.

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى