«مرايا» مجلة ثقافية تصدر من القاهرة
علي عطا
صدر أخيراً في القاهرة العدد الأول من مجلة «مرايا» غير الدورية، وهي مجلة ثقافية مستقلة، «تُعنى بنشر المساهمات ذات قيمة في الفلسفة والفكر والعلوم الاجتماعية والإنسانيات والنقد الأدبي والفني». مستشار التحرير تامر وجيه، ومدير التحرير دينا جميل، ومحرر رئيسي مصطفى عبدالظاهر.
وتتصدر العدد قراءة أستاذ التاريخ في جامعة القاهرة ناصر إبراهيم، في مخطوطة كتبها أحد ضباط الحملة الفرنسية على مصر والشام يسجل فيها الأحداث والوقائع التي مر بها جيش نابليون الذي أتى أولاً إلى مصر في 1897، بأحلام الواثق من تحقيق هدفه، وانتهى به الأمر بعد نحو ثلاث سنوات إلى فشل عسكري ذريع.
ومن خلال تلك القراءة يحاول إبراهيم إلقاء الضوء على الصراعات السياسية والأيديولوجية في فرنسا في عهد الملكية بعد اندحار نابليون وصعود أعداء الثورة. وتعطي «مرايا» الأولوية لنشر «الكتابات التي تلقي ضوءاً على الواقع المصري والعربي والشرق أوسطي، وترحب بالإسهامات المتميزة غير المنشورة سابقاً، وتقوم بترجمة نصوص منتقاة منشورة بلغات أخرى».
وجاء في التعريف بهذه المجلة أنها «لا تنشر نصوصاً تروج للرجعية والطائفية والعنصرية والذكورية، أو تحرض على الكراهية، أو تحتوي على عبارات السب والقذف، وهي تتلقى المواد التي يرغب أصحابها في نشرها، بالبريد الإلكتروني، أو في مقرها في 23 شارع عبدالخالق ثروت؛ في وسط القاهرة».
ويتضمن العدد الأول كذلك حواراً مع الروائي والمفكر البريطاني مِن أصل باكستاني طارق علي، يطرح فيه أفكاره حول الثورة البلشفية في سياق التاريخ الأشمل لثورات أوروبا الحديثة، «التي شكَّلت بانتصاراتها وهزائمها وجود عالمنا المعاصر، والتي أسَّست لميراث ثوري لا يمكن اعتباره غربياً فقط، بل إنساني عام». وجاء في افتتاحية العدد أن «مرايا» ترى نفسها ليس فقط كإصدار، ولكن كمشروع فكري، فهي تطرح نفسها منبراً للتفكير في سبيل مواجهة اليأس، وتعتبر نفسها ساحة لكل من يحمل هموم التغيير.
ويقدم الباحث في شؤون الزراعة صقر النور، قراءة في وثيقة «لائحة الفلاح وتدبير أحكام السياسة بقصد النجاح»، التي أصدرها محمد علي باشا في 1829 بغرض تنظيم عمليات الزراعة وضبطها لتحقيق أهدافه، ويطرح أن تلك اللائحة، وسياسات محمد علي الزراعية عموماً، مثَّلا جناحاً أساسياً من أجنحة مشروعه التحديثي، بضبطهما لحياة الفلاح وسيطرتهما التامة عليه، وبتأسيسهما لنظام إيكولوجي- زراعي جديد نزع عن فلاحي مصر استقلالهم النسبي في العصور السابقة.
أما الافتتاحية، فتضمَّنت: «نحن نعيش لحظة رديئة. قد يرى البعض أن هذه نهاية التاريخ، نهاية كابوسية مخيفة، بطيئة ومؤلمة، تتخللها الحروب والصراعات ثم يغلق الستار. تطرح (مرايا) نفسها كمنبر للتفكير في سبل مواجهة هذا اليأس المدمر. الافتراض هو أن التفكير في ما يدور حولنا وعندنا وفينا، والنقد الجذري للأصول والغايات يمكن أن يطرحا آفاقاً قد تساعد على هزيمة اليأس، تجسيداً لعبارة غرامشي الداعية إلى مزج تشاؤم العقل مع تفاؤل الإرادة».
وجاء في ختام الافتتاحية أن هذا العدد من تلك المجلة الوليدة، هو «مجرد بداية تخضع للتصحيح والتطوير بالتفاعل مع متلقيها، فإن سارت التجربة في طريق النضوج، فإن هذا سيكون نتاجاً لتفاعل الفكر المعروض هنا مع قارئه، وإن حدث هذا، فربما تكون الثمرة تأسيس نظرات جديدة حول عالمنا».
(الحياة)