اختتام فعاليات «أيام الترجمة والأدب العالمي في فلسطين»

اختتمت مساء أمس الاثنين فعاليات «أيام الترجمة والأدب العالمي في فلسطين» (فلسطين: الحضارة وتواصل المعرفة) والذي أقامته وزارة الثقافة الفلسطينية بالتعاون مع منشورات المتوسط وجمع عددا من الكتاب والمترجمين العرب والأجانب الذين ألقوا كلماتهم وتفاعلوا مع الجمهور الثقافي والطلابي الفلسطيني في جامعات بيرزيت والنجاح وبيت لحم.
الفعالية التي أطلقت كتابين مترجمين الأول عن معجم المصطلحات الأساسية في الترجمة الأدبية والثاني «أحلام وطن – عن السينما الفلسطينية» للمفكر الأمريكي – الإيراني حميد دباشي حفلت باللقاءات المهمّة وسمحت للوفد الزائر بمعاينة «التجربة الفلسطينية» بدءا من عبور جسر الملك حسين ومعاناة ساعات الانتظار والتحقيق الأمني الإسرائيلي وصولا إلى اكتشاف فداحة الاستيطان الإسرائيلي وأثر الحواجز الأمنية والعسكرية في تقطيع أوصال الشعب الفلسطيني.
الوفد، الذي تضمن أفونسو كروش، الروائي والموسيقي البرتغالي، وعبد الجليل العربي، المترجم التونسي، وحسام الدين محمد، الكاتب والشاعر السوري، وبرهان القلق، المترجم الفلسطيني، وخالد سليمان الناصري، الشاعر وصاحب دار «المتوسط»، والذي غاب عنه الشاعر والمترجم الفرنسي فنسنت كالفي، بسبب تعرقل سفره، والمترجم التونسي أيمن حسن بسبب رفض إسرائيل إعطائه تصريحا.
زيارة متحف الرئيس ياسر عرفات ملأت القادمين بعاطفة وتأثر كبيرين، بدءا من وضع الزهور على ضريح القائد الفلسطيني الأشهر، ومرورا بالجولة التي قام بها مدير المتحف محمد حلايقة وعرضت القاعات التي ضمت لوحات وشرائط فيديو لسنوات حصار «المقاطعة» التي سبقت وفاة عرفات الغامضة بأثر عال لمادة البلوتونيوم، وكذلك مرّت بغرفته التي كان يدير منها العمليات، وغرفة نومه الصغيرة، وغرفة حراسه.
كما استعرض الكتاب والمترجمون المبنى الواسع الجديد للمكتبة الوطنية الفلسطينية (40 ألف متر مربع) والتي، إذا تم المخطط لها، ستكون المركز الأكبر للتوثيق والعروض والحفلات والثقافة الفلسطينية، وشرح وزير الثقافة، الشاعر إيهاب بسيسو، باستفاضة، الخطط المستقبلية للمكان، والتغييرات المعمارية التي ستحصل فيه، محافظة على طابعه الأندلسي من جهة، وفاتحة إياه على الإمكانيات الثقافية المتوخاة.
المترجم برهان القلق، شرح في جامعة بيرزيت، أسبابه الفلسطينية لتعلم التشيكية والبلغارية والسلوفاكية، والكتب التي ترجمها، واللحظات التي جمعته بمحمود درويش الذي رثى شقيقه، ممثل المنظمة الأسبق في فرنسا، عز الدين القلق، والمعارك التي قادها في تشيكيا، بدءا من لقائه بالرئيس السابق، الكاتب هاتسلاف هافل.
أما الناقد والشاعر حسام الدين فقدم ورقة عن «ترجمة فلسطين» تناول فيها مفارقات النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي على ضوء علاقات القوة والمعرفة، وكذلك في رؤية للاشتباكات «الترجمية» بين السرديات اليهودية والإسلامية، واللغتين العربية والعبرية، مستعرضا تاريخا طويلا من المحاولات الثقافية لمساجلة هذه المواضيع.
بعد الندوة قامت جامعة بيرزيت بتعريف الوفد بأبنيتها، والتي كان أكثرها إثارة للاهتمام متحف فلسطين، حيث قامت منسقة المعرض بتقديم عرض تفاعلي لمعرض «تحيا القدس» الذي قدّم، بأشكال إبداعية كثيرة، كشوفا للمعاناة والاستيطان والقضايا التي تشغل المقدسيين والفلسطينيين. البناء الذي ساهمت في تمويله مؤسسة «التعاون» هو تحفة معمارية ويحمل شهادة عالمية في مواصفاته التي تراعي البيئة.
بعض كتاب المدينة شاركوا الوفد جولة في رام الله القديمة وانتهى اللقاء باجتماع كبير في أحد المقاهي الشعبية حضره مثقفون فلسطينيون فاعلون كحسن البطل، مدير تحرير «فلسطين الثورة» وكاتب العمود اليومي في «الأيام»، وشعراء وكتاب وإعلاميون بينهم غسان زقطان ومهيب البرغوثي.
اليوم الثاني شهد زيارة الوفد لمدينة نابلس العريقة والتقى مسؤولي وأساتذة جامعة «النجاح»، وغصت القاعة بالحضور من المعلمين والطلاب، حيث تحدث الكاتب البرتغالي أفونسو كروش عن تجربته في كتابة «لنشتر شاعرا» الذي ترجمه عبد الجليل العربي للعربية، كما تحدث عن كتب أخرى منها «المسيح يشرب البيرة»، وهو موضوع أثار اهتمام الجمهور وأسئلته.
عبد الجليل العربي تحدث بدوره عن إنجازاته في ترجمة الكتب البرتغالية للعربية، وبالعكس، وربط اهتمامه هذا بيوم طلبت فيه منه السفارة الفلسطينية في لشبونة الترجمة المباشرة للرئيس محمود عباس خلال زيارة له إلى البرتغال.
مسؤولو وزارة الثقافة والجامعة استضافوا الوفد في جولة في نابلس القديمة وحاراتها وتذكاراتها، ومنها نصب يعود لأيام السلطان العثماني عبد الحميد، وحمام تركي جميل، إضافة إلى محلات الحلويات الشهيرة للكنافة النابلسية والأسواق الضيقة المليئة بالحياة. الوفد التقى مجددا بوزير الثقافة قبل يوم واحد من سفره إلى غزة ضمن الوفد الحكومي الكبير لتكريس اتجاه المصالحة والاطلاع على أوضاع القطاع والمساهمة في إمكانيات توحيد الجهود الحكومية لرعاية شؤون المواطنين هناك.
الحديث مع الوزير استطال حول شؤون الثقافة والسياسة وعلاقاتهما المعقدة وكان اللقاء شديد الحميمية والصراحة ووضع أسس أفكار للتعاون في فعاليات ثقافية أخرى.
اختتم الوفد جولته الثقافية في بيت لحم، حيث التقى بدوره مسؤولي جامعتها، وقام كروش والعربي، بتقديم أوراقهما ومناقشة طلاب بيت لحم وأساتذتها، ثم قام الوفد بزيارة معالم المدينة الدينية والتاريخية.

 

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى