ملف اتحاد كتاب المغرب في مؤتمره الـ 19 (1/4): تحت شعار «نحو أفق تنظيمي وثقافي جديد»… الطموح إلى استعادة مجد غابر

الطاهر الطويل

يستعد اتحاد كتاب المغرب لعقد مؤتمره الوطني التاسع عشر في طنجة من الرابع والعشرين وحتى السادس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، تحت شعار «نحو أفق تنظيمي وثقافي جديد». وينتظر أن تشكل هذه المحطة مناسبة لتقييم عمل المكتب التنفيذي للاتحاد والوقوف عند نقاط الضوء في مساره وتشخيص مكامن الخلل، واستشراف آفاق العمل المستقبلية.
ومساهمة في إثراء النقاش حول هذه المنظمة الثقافية ذات الحضور في العالم العربي، استفتت «القدس العربي» مجموعة من الأدباء المغاربة، من خلال طرح عدة محاور، مثل .. كيفية أداء اتحاد الكتاب في السنوات الأخيرة، وماهية الموضوعات التي سيقوم المشاركون بإثارتها، وهل ما زال للاتحاد دوره الفاعل في ظل وسائط التواصل الحديثة بعيداً عن الأدوار المؤسسية؟ لتأتي الإجابات كمحاولة لتجسيد الرؤى المختلفة والتصورات المتباينة لهذا الكيان المهم..

للاتحاد أدوار طلائعية مؤثرة
عبد الرحيم العلام (رئيس اتحاد كتاب المغرب)

قد يصعب في مقام كهذا أن نقدم تقييما إجماليا لعمل اتحاد كتاب المغرب في السنوات الأخيرة، اعتبارا لطول الفترة نسبيا وللتراكم الكبير الذي تحقق فيها، خاصة متى تم الجمع بين المنجز الثقافي للمكتب التنفيذي ولمكاتب الفروع، في تعدده وتنوعه وكثافته. ومع ذلك، يمكن أن نجمل طبيعة عمل الاتحاد في محطات كبرى، تعكس جوانب من العمل والحضور الثقافيين لاتحاد كتاب المغرب في المشهد الثقافي الوطني والعربي والدولي .لكن ما تجب الإشارة إليه، هنا، هو أن عمل الاتحاد في الفترة الأخيرة لا يمكن فصله عن عمله وإنجازاته المضيئة في العقود والفترات السابقة، على اعتبار أنه عمل يوجد دائما في دينامية متواصلة، مؤتمرا بعد آخر وفترة بعد أخرى. وبالتالي لا يمكننا أن نقول بأي قطيعة، كيفما كان نوعها، في عمل الاتحاد، أمس واليوم، لكن هذا لا يعني أن ثمة فقط عملا مكرورا وغير متطور، تبعا لما يعرفه العمل الجمعي نفسه من تطور وتجدد. فمنذ المؤتمر الوطني الثامن عشر الأخير، كنا في الهيئة التنفيذية، كما هو الحال لدى فروع الاتحاد، قد سطرنا برامج للعمل الثقافي من شأنها أن ترفع من حجم عمل الاتحاد ومن قيمته ومن طبيعة مواكبته لما يعرفه عالم اليوم من متغيرات طالت المفاهيم وطبيعة علاقتنا بذواتنا وبالآخر من حولنا، سواء تعلق الأمر بتنشيط الحياة الثقافية، بما في ذلك تحريك سياسة النشر، وبشكل غير مسبوق، وتوسيع هياكل الاتحاد، أو أيضا على مستوى صياغة المواقف والتصورات والبيانات والنداءات، أو أيضا على مستوى علاقة الاتحاد بمحيطه الداخلي والخارجي، سواء عبر ما ينجزه على مستوى تقوية علاقاته بالمؤسسات الوطنية، أو على مستوى توسيع علاقاته الخارجية، في إطار نهجه لسياسة ثقافية دبلوماسية منفتحة على الآخر، من خلال شبكة الاتفاقيات وعلاقات التعاون المنتجة المبرمة مع هيئات وإطارات ثقافية مماثلة، عربيا ودوليا. وهنا، لابد من الإشارة إلى أن أهم مكسب تاريخي حققه الاتحاد في الفترة الأخيرة، هو تكرم الملك محمد السادس، بمنح الاتحاد مركبا ثقافيا كبيرا «دار الفكر»، هو الآن في طور البناء، في أرقى حي في الرباط، وبمساحة كبيرة تستجيب لإقامة العديد من المرافق الثقافية والإدارية والاجتماعية، عبر تصاميم هندسية بديعة تساير روح العصر .
أما عن الحضور الثقافي للاتحاد، فلا يمكن أن نقول سوى أنه حضور متعدد ومتنوع، يتوزع من جهة بين ما هو مؤسساتي، يعكس طبيعة الحضور المؤثر والمكثف للاتحاد على مستوى تفاعله مع المؤسسات الدستورية والعمومية والحزبية والمنتخبة، من قبيل تلك التي ساهم بها الاتحاد، بإيعاز منه أو بطلب من جهات ومؤسسات أخرى (رئاسة الحكومة، البرلمان، وزارة الثقافة، وزارة التربية الوطنية، وزارة الشباب، المجلس الوطني للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي)، ويتوزع من جهة أخرى على فعاليات وأنشطة مختلفة؛ يكفي أن نذكر منها، على سبيل المثال، تنظيم الاتحاد للمناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية، بما أسفرت عنه ورشاتها الثلاث عشرة من نتائج وتوصيات مهمة، وإحياء «اتحاد الكتاب المغاربيين»، واستضافة اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بفعالياته الموازية، وعلى رأسها تنظيم الاتحاد لندوة عربية كبرى حول «تجديد الخطاب الديني» وغيرها من الأنشطة الثقافية هنا أو هناك؛ بدون أن أتوقف عند فروع الاتحاد وأنشطتها العديدة، وقد توسعت هي أيضا بتأسيس أربعة فروع جديدة في كل من العيون وكلميم وخريبكة والصويرة؛ عدا ما أطلقه الاتحاد من نداءات بمدن مختلفة حول الثقافة والتنمية، وبيانات تدعو كل من يهمه الأمر إلى الاهتمام بالبعد الثقافي وإدراجه في برامج الحكومة وفي برامج الأحزاب السياسية الوطنية، بالإضافة إلى ذلك، تزايدت منشورات الاتحاد بشكل غير مسبوق هي أيضا، كما تم تطوير كل من مجلة «آفاق»، في شكلها ومضمونها مع إرفاق أعدادها بكتاب العدد يوزع مجانا، وتطوير جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب، عبر توسيع أصنافها من أربعة إلى ثمانية، وغيرها من أشكال الحضور المتنوع والمضيء والمؤثر لاتحادنا في الفترة الأخيرة من تطوره.
من ناحية أخرى أجمعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني المقبل في اجتماعاتها الخمسة، على أن المؤتمر المقبل للاتحاد سيشكل فعلا، مثل سابقه، محطة فارقة في مسار الاتحاد، ما جعل اللجنة التحضيرية بحجمها وبعددها وعدد اجتماعاتها غير المسبوق، تراهن على أن المؤتمر المقبل سيشهد تحولا بنيويا لافتا في الإطارين التنظيمي والثقافي للاتحاد، وهو ما عكسته بالفعل الثورة التي أحدثتها اللجنة التحضيرية في مشروع القانون التنظيمي للاتحاد، عبر وضعها لمشروع قانون جديد يستجيب للأفق المستقبلي للاتحاد، وأيضا في مشاريع الأوراق التي أعدتها، وخصوصا ما يتعلق بورقة التصور الثقافي للاتحاد، في ضوء التحولات والأسئلة التي يعرفها مشهدنا الثقافي الوطني والعالم من حولنا، وهو الأمر الذي ربما استشعرته اللجنة التحضيرية، من خلال الشعار الذي اختارته للمؤتمر المقبل، «نحو أفق تنظيمي وثقافي جديد».
لذا، فالمؤتمر المقبل أمامه اليوم العديد من الرهانات والتحديات والأسئلة الجديدة، والتي عليه أن يطرحها ويواجهها ويناقشها، بما يلزم من حكمة وبصيرة وبعد نظر، بمنأى عن أي تفكير متعصب، بما يجعل هذه المنظمة تنتقل من وضع يبدو أنه قد استنفد قدرته على التفاعل والإنتاج، نحو الانفتاح على فضاء مغاير وعلى أسئلة جديدة للعمل الثقافي والمؤسساتي، والتي من شأنها أن تجعل الاتحاد بهياكله المختلفة تساير طبيعة التحولات الثقافية التي يعرفها عالم اليوم، وأن تستجيب لتطلعات كتابنا وأدبائنا، ما يستوجب حتما من المؤتمر المقبل أن يصوغ خريطة طريق جديدة للاتحاد، وفق رؤية تنتصر للمستقبل بدون أن تفرط في المكتسبات النضالية العديدة لهذه المنظمة وفي المبادئ العامة التي أسست من أجلها، قبل أزيد من خمسين سنة من الحضور والتجدد.
وبدون شك، ما زال الاتحاد يواصل وبقوة لعب أدواره الطلائعية التي كانت له منذ تأسيسه، والتي لم يفرط فيها قيد أنملة، رغم ما طال هذه الأدوار من تعثر أحيانا وتطور أحيانا أخرى، ورغم تغير السياق والشروط التي ولدتها، وأيضا رغم ظهور جمعيات ثقافية أخرى شبه متخصصة (جمعيات للشعر وأخرى للزجل وثالثة للقصة القصيرة، وغيرها) تسند أدوار الاتحاد، من غير أن تزاحمه في أبوته الشرعية وفي مواصلة القيام بأدواره التقليدية أو المستحدثة، خصوصا على مستوى مواصلته تنشيط الحقل الثقافي الوطني، والترويج لثقافة وأدب حديثين، واستقطابه لطاقات أدبية جديدة تتعايش جنبا إلى جنب مع جيل الكتاب الرواد والمؤسسين. فالاتحاد بقي وسيظل ذلك البيت الرمزي الحاضن لشريحة الكتاب والمبدعين، في تنوع حساسياتهم وأجيالهم واهتماماتهم ولغاتهم التعبيرية، وهو جانب تعكسه طبيعة الإقبال المتزايد والمدهش لطالبي العضوية في الاتحاد، من الكتاب والمبدعين والباحثين، ما يجعل الاستجابة اليوم لمختلف الطلبات يبقى أمرا صعبا، رغم تشديد الاتحاد لشروط الانخراط فيه، وهو دليل صحي آخر، من بين دلائل أخرى، على أن الاتحاد ما زال يشكل ضرورة لا مناص منها لأفقنا الثقافي الوطني، بما يواصل لعبه من أدوار طلائعية مؤثرة، على مستوى تنشيط الحياة الثقافية، والاهتمام بالوضع الاعتباري للكاتب، والدفاع عن الحريات، وعن جيل جديد من الحقوق، من بينها على الخصوص الحق في الثقافة.

تضافر الجهود لاستعادة مجد غابر
إبراهيم الحجري (روائي وناقد)

يبدو مستقبل الاتحاد رهينا بطبيعة الوعي الذي يحمله اعضاؤه. عاشت جمعية اتحاد كتاب المغرب مرحلة صعبة منذ أكثر من عقد من الزمن، تخللتها صراعات على أشدها بين أعضاء المكتب المركزي لأسباب عديدة ومتداخلة، الشيء الذي انعكس على أداء الجمعية على المستوى الوطني، ووصلت درجة الشد والجذب إلى درجة تعطيل كل المهام المنوطة بالاتحاد، فانطفأ الإشعاع الذي كان يخلقه عربيا ووطنيا. لكن مع المرحلة الأخيرة عاد الهدوء نسبيا إلى تشكيلة الفريق المسير بقيادة عبد الرحيم العلام، فأعادت الجمعية لملمة أوراقها من جديد في محاولة لاستعادة بريقها المفقود، وترتيب أولوياتها. فسعت تشكيلة المكتب المسير إلى خلق شراكات قوية مع جهات حكومية، وأخرى تنتمي إلى المجتمع المدني بالموازاة مع السعي لتنشيط الحركة الثقافية في المغرب إلى جانب النسيج الجمعي النشيط في المملكة، وتمثيل الوطن في مختلف التظاهرات العربية والعالمية. وأكثر من ذلك، سعى الاتحاد خلال هاته الفترة إلى ربط صداقات وشراكات تعاون مع عدد من الاتحادات العربية والعالمية، فضلا عن تعزيز شبكة الفروع وتمثيل نختلف المدن المغربية في كافة الجهات إيمانا منه بأهمية الرهان الثقافي في التنمية المجتمعية في مرحلة زمنية مفصلية من تاريخ العالم العربي في سياق التحولات المتواترة. كما عرفت هذه الفترة أكبر عدد من المكاسب على مستوى نشر منجزات الكتاب المغاربة الأعضاء، والترويج لها وتوزيعها والبحث عن محتضنين وداعمين. وأعتقد أنه بعد إرساء قواعد وإسناد دولية وعربية للاتحاد وهيكلة المزيد من المدن، وتعزيز عدد المنخرطين فيه والداعمين له ولمشاريعه، أصبح لزاما على المؤتمرين تناول أسئلة أخرى جديرة بالاهتمام تتمثل في الوضع الاعتباري للكاتب المغربي، والاهتمام بأحواله المتعددة في ظل الهشاشة المذلة التي يعاني منها كثير من الأعضاء، بترسيخ قانون أساسي يضمن حظوظا أدنى من الكرامة في مجتمع متحول، ناهيك عن تحيين سياق المشاركة الفعالة للجمعية في دعم القضايا الوطنية والدولية في خضم الأحداث المتواترة التي تعرفها الساحة الوطنية والعربية والدولية في سياق الانتهاكات الجسيمة للكرامة والحقوق الإنسانية، والسعي إلى تسطير برنامج حوار وطني شامل يهدف للإسهام في لملمة نسيج المثقفين والكتاب والمبدعين حول القضايا المصيرية للأمة. فنظريا، ما يزال الاتحاد يحتفظ بنبل رسالته التوعوية والثقافية والتنويرية داخل المجتمع المغربي، وما يزال بإمكانه لو رصّ الصفوف، وصنع تكتله بعمق رسالته وإيمان المنخرطين فيه، على أداء دوره الطليعي في بلورة وعي نخبوي قوي يتصدر الإطارات ويخلق معها تناغما ليتحول إلى أفق جذب مؤسس يرتهن إلى التحريض على الجمال والقيم الرفيعة والنبل وحفظ كرامة الإنسان بعيدا عن المصلحة الذاتية والانتفاعية والنزعة الأيديولوجية الضيقة. ومهما استطاع أفراد الاتحاد، قاعدةً وقيادةً، الالتفاف حول هذه الغايات، والابتعاد عما يسقطه في سياق الجمود والتعطل والتفرقة والصراع، فإن ذلك سيجعله يستعيد مجده الغابر، وصورته القوية التي انطلق بها. لكن هذا يتطلب تعبئة مسؤولة وواعية، وانخراطا حقيقيا فاعلا من لدن المنخرطين، وتفهما منهم للرسالة المنوطة بهم في انسجام مع متطلبات السياقين الوطني والدولي بدون تقاعس أو تخاذل، لأن مجد الجمعية لن يصنعه أفراد أو مكاتب، بل يصنعه التكتل والنسيج الملتحم. وعلى الرغم من كثرة الفاعلين وتعدد الوسائط البديلة المؤثرة في تشكل الوعي، يظل، للاتحاد بفضل الوجاهة التاريخية القوية، القدرة على لعب دور أساس في التأثير لأن سلاحه يكمن في ترسانته البشرية المكونة من النخبة المتنورة التي بإمكانها تغيير وجه الوعي المجتمعي ورسم سيناريوهات تحولاته الرمزية، وأكثر من ذلك يمكنه تحويل هذا التعدد إلى وحدة متكاملة، بما يجعلها قوة ضاربة ضد مستويات القبح والتخلف والجهل.

جعجعة بلا طحين!
العربي بنجلون (قاص وكاتب للأطفال)

ليس هناك في سجل اتحاد كتاب المغرب أي أداء، حتى نقيمه، اللَّهُمَّ إلا إذا كان المقصود اتفاقيات أبرمها مع جهات داخلية وخارجية لإقامة أنشطة ثقافية، لكنها لم تُفَعّل، وبقيت حبرا على ورق، بل كانتْ مثار سخرية، لأنها أكبر من حجم الاتحاد، وأحدثت جعجعة بلا طحين. والشيء الوحيد الذي لمسناه، هو انسحاب العشرات من أعضائه، احتجاجا على جمود أنشطته، منذ انطلاقته الأولى، وبقينا لا نسمع عنه غير تحرك رئيسه. وكان على العقلاء أن يتدارسوا العوامل التي تعوق حركته، وتؤثر في سير نشاطه العادي؛ لكن الأمور بقيتْ على حالها، حتى تفاقمتْ، فأصبح الاتحاد يسير بثلاث أرجل فقط!
أتمنى أن يستعيد الاتحاد صحته وعافيته الثقافيتين، اللتين لازمتاه منذ نشأته. وأن يتصدر دوره الطلائعي في مسيرته النضالية الطويلة، لترسيخ قيم المواطنة الحقة، ولملمة شمل المثقفين، الذين فقدوا ثقتهم فيه، وفي الفعل الثقافي برمته. وأن يساير الطفرة الثقافية والعلمية والتكنولوجية الحديثة، فيبتكر أشكالا أخرى من التواصل والتفاعل مع أعضائه في الداخل، والاتحادات والروابط في الخارج. وأن يصبح قوة اقتراحية داخل مجتمعه، فمن الغبن أن يظل مُهَمِّشا نفسه، ما جعل أكثر المثقفين يبحثون عن وجهات ثقافية أخرى. وقد كنت ـ في لجنة تنظيم المؤتمر السابق ـ واقترحت إشراك الفروع في تسير وتدبير أمور الاتحاد، وإنشاء دوائر أو مصالح، يُعْهَد إليها تنظيم أنشطة، بدل استحواذ المكتب التنفيذي على تنظيمها وحده. لكنها رُفِضتْ، رغم أنّ البعض وافقني، ومنهم الشاعر عبد الرفيع جواهري، بدعوى أن ذلك مكلِّف. بينما جُلُّ الروابط والاتحادات في العالم تتبنى هذا التنظيم العقلاني. مما حوّل إنجاز كلَّ أنشطة الاتحاد إلى يد الرئيس، عِوَضَ إشراك الأعضاء والفروع!
وفي الأخير يُلاحظ أن هناك موجة من الاستياء تطال الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات الثقافية التقليدية، وكذا اتحاد كتاب المغرب. لأن الصراع القائم بين ناشطي هذه التكتلات كلها لم يُعَمِّقْ إلا الخلافَ، ولم يُجَذِّر إلا النفورَ، مما حفز الكثيرين على العمل الفردي، أو خلق تكتلات جهوية ومحلية، ولم يعودوا منتمين إلى الأحزاب أو الاتحاد، أي استغنوا عنها، وشبوا عن طوقها، وما عادوا يفكرون فيها. وهذا كله بسبب الصراع من أجل سلطة وهمية، وتحقيق مكاسب شخصية وآنية. ولا أظن أن الاتحاد سيسترجع دوره الفعال، لأنه فقد كل المصداقية، ولا يتوفر راهنا، على ثقة أعضائه، الأوائل منهم والأواخر. كما أن حدَقة َالرؤية لدى المثقفين، أصبحت أكثرَ شساعةً وأقوى نفاذا مما كانت عليه. ولا يستطيع الاتحاد، في ظل الوضع الحالي، أن يلبي شروط الجيل الجديد من المثقفين، الذين يرون حضورهم في الحركات الاجتماعية والسياسية والفكرية الحديثة، أكثر من منظمة تقيد انطلاقهم وحريتهم وتحشرهم في أنشطة تقليدية؛ ندوات ومحاضرات وقراءات.

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى