‘أوغسطينوس ابن دموعها’.. نجوم الجزائر وتونس بكاميرا مصرية

احتضنت الجزائر أخيرا العرض الشرفي الأول للفيلم التاريخي “أوغسطينوس ابن دموعها” الذي يتناول حياة القديس والكاتب والفيلسوف الشهير سانت أوغسطينوس، حيث يتتبع مخرجه المصري سمير سيف الحياة الأولى للفيلسوف النوميدي منذ ولادته في “طاغاست” بالجزائر، ثم سفره وصراعاته الروحية في قرطاج وروما وميلانو، إضافة إلى الأدوار الهامة التي لعبتها أمه مونيكا وصديقته تانيت قبل أن يصبح سانتو الشهير والذي أثّر على حياته المهنية والشخصية.

والفيلم إنتاج جزائري تونسي مشترك عام 2016، وتم عرضه في قاعة “ابن زيدون” بالعاصمة الجزائر، بحضور مخرجه المصري سمير سيف، وطاقم العمل من ممثلين، وفريق تقني، وعدد من المهتمين بالفن السابع، فضلا عن إعلاميين.

وكتب سيناريو “أوغسطينوس ابن دموعها” التونسي عماد دبور، أما الحوار فكان للمصري سامح سامي، ويحكي سيرة شخصية الفيلسوف والكاتب والعالم الديني أوغسطينوس (23 نوفمبر 354-28 أغسطس 430)، من الناحية التعليمية والتاريخية، ومدى تأثيره على العالم الغربي، وبالتحديد على المجتمع الروماني في تلك الفترة.

يستعرض العمل في 120 دقيقة، عبر بناء درامي، رحلة مخرج جزائري يعمل في قناة تلفزيونية (عماد بن شني)، كلف بتصوير فيلم وثائقي عن حياة الفيلسوف أوغسطينوس منذ ولادته في الجزائر، فيحل بالأماكن التي مرّ بها أوغسطينوس، بحثا عن مادة توثيقية وحقائق عن هذه الشخصية.

ويتتبع المخرج مراحل حياة أوغسطينوس، فانطلق من الطفولة حيث كان ينتمي إلى عائلة ميسورة الحال تعيش في منطقة “طاغاست” (سوق أهراس حاليا) بالجزائر، وكان التعليم غير متاح في قريته، فقرر بعد وفاة والده باتريسيوس أن يسافر إلى قرطاج (تونس حاليا) من أجل تعلم فن الخطابة، فتعلمه وبرز بين باقي التلاميذ.

وفي مرحلة شبابه سمع أنّ التعليم مزدهر في روما، فأبحر خفية عن أعين والدته، وهناك ذاع صيته بين الأوساط الشعبية والسياسية بفضل نباهته وفطنته وذكائه، حتى أضحى يحظى بمكانة مهمة في مجتمعه وعين أستاذا لفن الخطابة بمدينة ميلانو، وبعد أن اشتهر أوغسطينوس في روما تمكن من التأثير على فكر فلاسفة وعلماء الدين هناك.

ويعرض الفيلم كيف استطاعت والدته مونيكا أن تنتصر وتثني ابنها عن اعتناق مذاهب أخرى ودين آخر غير المسيحية، حيث لم يكن من السهل أن تعيده إلى المسيحية، لكنّها سافرت إليه واستمرت في صلاتها ولم تكف عن ذرف الدموع حتى عاد أوغسطينوس إلى المسيحية وترك المانوية.

 

وأدى بطولة الفيلم الذي صور بين فرنسا والجزائر وتونس وإيطاليا عدد من الممثلين منهم عماد بن شنّي وبهية راشدي ونوال بليل من الجزائر، وعائشة بن أحمد وأحمد أمين بن راضي سعد ونجلاء بن عبدالله من تونس، ووقّع الموسيقى التصويرية للعمل العازف والباحث في الموسيقى الجزائري سليم سدادة، فيما أنجز ديكور مشاهد الفيلم توفيق الباهي، وأدت أغنية شارة الفيلم الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي.

واستغرق تصويره أكثر من ثلاث سنوات، نظرًا لاختيار مواقع تصوير متفرقة بين الجزائر وتونس وإيطاليا وفرنسا، وهو من إنتاج شركة “سي تي في” لمالكها عبدالعزيز بن ملوكة و”لايت هاوس” لمالكها عماد دبور بدعم من وزارتي الثقافة الجزائرية والتونسية.

والقديس أوغسطينوس كاتب وفيلسوف من أصل نوميدي لاتيني، ولد في “طاغاست” (حاليا محافظة سوق أهراس) الواقعة في أقصى شرق الجزائر، ويعد من أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية، تعتبره الكنيستان الكاثوليكية والأنغليكانية قديسا وأحد آباء الكنيسة البارزين بعد القديس بطرس.

وولد أوغسطينوس في مملكة نوميديا التي كانت مقاطعة إبّان الاحتلال الروماني للجزائر من أمه الأمازيغية القديسة مونيكا وأبيه باتريسيوس الأفريقي اللاتيني، وتلقى تعليمه في قرطاج وروما، وعيّن أستاذا في علم البلاغة بمدينة ميلانو الإيطالية، ومن أعماله “الاعترافات”، التي تعتبر أول سيرة ذاتية في الغرب، لا تزال مقروءة في شتى أنحاء العالم.

وتوفي أوغسطينوس في 18 أغسطس عام 430 عن عمر 75 سنة، عندما كان الفاندال يحاصرون مدينة هيبو (محافظة عنابة الجزائرية حاليا)، فشجع أهل المدينة على المقاومة.

ويلقب القديس أوغسطينوس بـ”ابن الدموع” نسبة إلى دموع أمّه التي كانت تذرف دموعها لمدة عشرين سنة رغبة منها في أن يعود ابنها إلى ديانته الأولى المسيحية. يقول مخرج الفيلم سمير سيف أنه يعتبر الفيلم علامة فارقة في مسيرته المهنية، لا فقط لأنه تطرق إلى حياة شخصية هامة بل كذلك لأنه جمع فريق عمل من بلدين شقيقين هما تونس والجزائر.

وسمير سيف مخرج مصري، من مواليد 23 أكتوبر 1947 في القاهرة، تخرج من المعهد العالي للسينما قسم إخراج عام 1969 بتقدير امتياز، وعمل بعد تخرجه في النقد السينمائي، كما عمل مساعدا لعدد من المخرجين الكبار في عصره، مثل شادي عبدالسلام، ويوسف شاهين، وحسن الإمام وغيرهم.

وأخرج سيف أول أفلامه “دائرة الانتقام” عام 1976، بعدها توالت أعماله السينمائية، التي تميزت بغلبة الجانب التجاري على الفني وإن كانت تجمع بين الرضا النقدي والجماهيري، مثل “المشبوه” 1981، “احترس من الخط” 1984، “النمر والأنثى” 1987، “شمس الزناتي” 1990، “سوق المتعة” 2000، “معالي الوزير” 2002 وغيرها.

ويتناول الفيلم (مدته 120 دقيقة وهو إنتاج تونسي جزائري مصري) قصة مخرج جزائري يعمل في قناة تلفزيونية، كلف بتصوير فيلم وثائقي عن حياة الفيلسوف أوغسطينوس منذ ولادته في الجزائر، ثم تابع رحلته إلى قرطاج وروما وميلانو.

واختارت إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط “أوغسطينوس ابن دموعها” لعرضه ضمن أفلام الدورة الـ33، والذي ينعقد في الفترة من 7 إلى 12 أكتوبر القادم، وتحمل الدورة اسم النجم المصري حسين فهمي، حيث يحتفي المثقفون به في المهرجان تقديرا لعطائه الكبير في السينما على مدار السنوات الماضية.

وتحرص الجهة المنتجة للفيلم على عرضه في مهرجانات دولية وعربية للاحتفاء به، وقررت أيضا عرضه في مصر في أقرب وقت بجميع القاعات.

 

(العرب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى