تقشف في اختتام أيام سينمائية بعد إلغاء بلدية رام الله عرض فيلم قضية رقم 23

يوسف الشايب

كان حفل اختتام “أيام سينمائية”، إن جاز تسميته بالحفل، متقشفاً، اكتفى ببهو قصر رام الله الثقافي مسرحاً لتوزيع جوائز طائر الشمس الفلسطيني، مساء أمس، بعد قرار إلغاء بلدية رام الله عرض فيلم “قضية رقم 23″، في وقت تمنت فيه خلود بدوي، عريفة “حفل” اختتام المهرجان الذي تنظمه مؤسسة “فيلم لاب”، أن يكون توزيع الجوائر، العام المقبل، بمقاييس عالمية، وبظروف أفضل مما هي عليه هذا العام.

حنا عطا الله، المدير التنفيذي لـ”فيلم لاب”، تلا بيان المهرجان والمؤسسة المنظمة له حول قرار بلدية رام الله إلغاء عرض فيلم “قضية رقم 23″، بادئاً بالاعتذار عن عدم عرضه لجمهور المهرجان وللفنان الفلسطيني العالمي كامل الباشا، ابن القدس.

وقال عطا الله: تقدر مؤسسة “فيلم لاب” الدور المهم والريادي الذي تلعبه بلدية رام الله في دعم المشهد الثقافي في فلسطين، بحيث تشكل نموذجاً ملهماً، ليس كشريك للمؤسسات الثقافة ولـ”أيام سينمائية” فحسب، وإنما كفاعل أساسي ثقافي، كما نتفهم اتخاذ مثل هذا القرار بإلغاء عرض الفيلم، في أعقاب موجة البيانات والتهديدات التي صدرت من بعض الجهات التي طالبت بإلغاء العرض بحجة التطبيع الثقافي.

وأضاف: مؤسسة “فيلم لاب” كانت في خضم الاجتماع مع العديد من الشركاء، بمن فيهم شركاء من الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (BDS) للوصول إلى توافق بشأن هذه القضية، مع الأخذ بعين الاعتبار حماية حرية التعبير من جانب، ورفض أسلوب التخويف والتهديد بديلاً عن الحوار الداخلي والمجتمعي، والحفاظ على منجز حركة الـ(BDS)، وزخم الدور المهم الذي تلعبه على الصعيد العالمي، والذي هو محل تقدير واحترام، إضافة إلى تفويت الفرصة على كل من يود الاصطياد في المياه العكرة.

وعليه، والحديث لعطا الله فإن “فيلم لاب” تطالب المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، وجميع الغيورين على سلامة المشهد الثقافي، وحرية التعبير والفكر، بالتحرك وتحمل مسؤولياتهم تجاه الحفاظ على المنجز الثقافي الفلسطيني. فقد شهدنا خلال العام الأخير العديد من الحوادث المؤسفة والمشابهة في إطار مصادرة حرية الرأي والتفكير، وبحجج وذرائع مختلفة، منها الأمنية أو الوطنية أو الدينية أو خدش الحياء العام وغيرها، تختلف بالمبررات وتتشابه بأسلوب التهديد والتلويح بالقوة، وتنطوي جميعها على فكرة فرصة الوصاية على الآخرين، وهو ما رفضه بيان وزارة الثقافة الفلسطينية اليوم (أمس).

وختم عطا الله حديثه بتوجيه الشكر نيابة عن مؤسسة “فيلم لاب” وإدارة مهرجان “أيام سينمائية” للشركاء وزارة الثقافة وبلدية رام الله، والراعي الرئيسي شركة “جوال”، والداعمين والرعاة الإعلامين كل باسمه، معرباً عن أمله باستمرار هذه الشراكات في السنوات المقبلة.

رضوخ لثقافة المنع
من جانبه عبّر الفنان كامل الباشا في تصريحات للصحافيين الذين تجمهروا حوله عن رفضه لقرار إلغاء عرض الفيلم، وما يؤسس، وفق تعبيره، لمستقبل مظلم ومرعب قد يصيب الثقافة الفلسطينية في مقتل، مطالباً المثقفين والفنانين الفلسطينيين والعرب تشكيل ما يمكن أن يحدد معايير من شأنها الخروج بتصور واضح عن ماهية التطبيع بعيداً عن المعايير التي تطرحها الـ(BDS)، والتي وصفها بغير الموضوعية، وبأنها لا تمثله، مشدداً على أهمية الفن في مد الجسور بين الشعوب، بما في ذلك الشعبان الفلسطيني واللبناني اللذان عانى كل منهما بسبب الحرب الأهلية التي طالت تبعاتها كل الأطراف، مشدداً على أن الرضوخ لثقافة المنع كفيل ببث حالة من الرعب قد تطال مستقبل أبنائنا في فلسطين.

بيان وزارة الثقافة
وكانت وزارة الثقافة أكدت أنها تتابع باهتمام كبير تطورات موضوع عرض فيلم “قضية رقم 23” ضمن فعاليات مهرجان “أيام سينمائية”، مؤكدةً على موقفها الراسخ بدعم حرية التعبير من جهة، وثقافة الاحتجاج السلمي من جهة أخرى، بما لا يتعارض مع احترام التعددية والاختلاف، ضمن أسس التوافق الوطني الوحدوي الذي يعزز من دور مكونات الشعب الفلسطيني: مؤسسات وافرادا وهيئات، ويساهم في دعم مسيرة النضال الوطني، وتشكيل حالة ابداعية لصون الهوية الوطنية في مواجهة مختلف التحديات الثقافية والسياسية.

وقالت في بيان لها، امس: تتفهم الوزارة مطالبة حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) بعدم عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان “أيام سينمائية”، الذي تنظمه مؤسسة “فيلم لاب” كاحتجاج على مواقف مخرجه من خلال تصوير فيلم سابق له في تل أبيب حول القضية الفلسطينية.

وفي المقابل أكدت الوزارة على صون الحق بالمعرفة، وعلى حق المتلقي في اتخاذ قراراته بخصوص أي منتج إبداعي باستقلالية تامة، تعزيزاً لدور الفرد في المجتمع، واحتراماً لقدرته على التمييز وحقه في النقد الفني.

وأضافت الوزارة: رسالتنا بأن دعم الثقافة الوطنية يجب أن يكون في إطار مساحة من الحوار والنقاش، ودون الانزلاق إلى متاهات المزايدات الوطنية التي لا تفيد أي طرف في المشهد الثقافي الفلسطيني، بقدر ما تؤجج حالة من الاحتقان غير المطلوبة خاصة في الحالة الفلسطينية، وفي ظل مواجهة كافة التحديات السياسية، وعلى رأسها ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وشددت الوزارة في بيانها على انه “من حق فلسطين أن تبدي رأيها فيمن ينقلون رسالتها، ومن حقها أن ترفض أية تأويلات لهذه الرسالة، انطلاقاً من قناعتنا بأن أي تشويه لصورة فلسطين هو خدمة مجانية للاحتلال”، لافتة إلى أن قرار بلدية رام الله بإلغاء العرض ضمن فعاليات المهرجان لا يجب أن يؤسس لأي مساس بحرية الرأي والتعبير.

كما أكدت الوزارة على أن “مناقشة القضايا ذات البعد الثقافي تحتاج إلى حكمة ورويّة وعدم اندفاع، من أجل صون المنجزات الثقافية الوطنية، وعدم خلق حالة تضرّ بالمشهد الثقافي الفلسطيني برمّته”.

وختمت الوزارة بيانها بالتأكيد: ستواصل وزارة الثقافة اتصالاتها مع إدارة مهرجان “أيام سينمائية”، ومختلف المؤسسات الثقافية والفنية، وحركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، للاستفادة من هذه التجربة باتجاه بلورة رؤية استراتيجية وطنية، تأخذ بعين الاعتبار ضرورة التمسك بالثوابت الوطنية كمرجعية للفعل الثقافي، ودون المساس بالإبداع الفلسطيني.

(الايام الفلسطينية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى