إلى عكرمة الذي لا يعرفه أحد.. ل “علي زيتون”

-علي زيتون-  خاص (الجسرة)

 

أنا لا أنسى..

كانت العبارة الأشدُّ تناقضًا على الإطلاق، والتي يصرُّ الجميع على قولها… فالمنطق يقول أنَّكَ إذا نسيت شيئًا فأنَّك نسيت أنَّك قد نسيته بالأصل فلهذا لا تذكر أنَّك نسيته! وعليه يظل عالقًا ببالك فقط ما تذكر!
كل هذا اللامنطق لا يعنيني بشيء غير أنَّك تسبح في دمي يا عكرمة..
بالفترة الاخيرة كنتُ أراجع كل الاشياء… العثرات والأخطاء التي مرّت عليّ، والتي ارتكبتها.. أتتبع آثارًا قد رسمتها ورسمها آخرون في حياتي.. آثارًا قد مرَّت عليها الأيام ومحتها وكانت نسيًا منسيا.. أدّعي أنني من خلالها لا أنسى شيئًا …

آثارًا شكّلت خدشًا خفيفًا على جدار الذاكرة مصيره للزوال.. لكن تأثيرك، -ولن اقول أثرك-، باقٍ لأنَّه أحدث كلَّ ذلك الخراب بالذاكرة ليمتد إلى يوم مماتي..
أثر الناس فينا هو ما يبقى.. ما يغير.. ما يمحي كل العثرات.. ما يصحح الاشياء ويعدّل المسارات.. وما يكسر العادات القديمة البلهاء التي تصنع منا حمقى أحيانًا..
أثر يصرُّ على البقاء قويًا كجرح اخترق الخاصرة لا تستوي الأشياء إلّا معه..
ذلك الاثر الذي تركتَ وما زالت بعض كلماتك تتردد بصدى رهيب..
إنّه ذلك الأثر الذي يسبح في دمي… أثرك!

 

*****

 

تريدني على غير طبيعتي.. أنا الذي لا أرضى القسمة.. فلم أكن ولن أكون رقمًا بين الارقام … أي مهزلة تلك التي أرقبها من بعيد!
البشر مضحكون أحيانًا.. لم يرَ على مرّ التاريخ أي شخص الرصاصةَ التي قتلته.. أو على الاقل لم يعش ليروي الحكاية..
الناس مضحكون دائمًا.. إنَّهم لا ينتظرون طويلا حتى يؤذوا أنفسهم من جديد.. كمن مدَّ يده بنفس الجحر مرتين.. مرتين اثنتين..
الناس مضحكون أحيانًا.. إنَّهم على مر سنين لم يتعملوا ابجدية المد والجزر مع انها تتألف من حالتين فقط..
الناس مضحكون أحيانًا.. إنَّهم يضعون عصابة الأعين كي لا يروا الحقيقة، كي لا يفقدوا أعزائهم..
الناس.. بعض الناس.. قلّة قليلة من الناس.. أنا

 

*****

 

في خضم الازمات التي تمر بك …فإن أوّل من تفكر به، ذلك الشخص الذي تريد أن تحكي له وجعك.. أن تلعن أمامه الدنيا وما فيها.. أن تقول أمامه أسوأ الكلمات.. أن تنفس عن غضبك كأنك تصرخ أعلى جبل بعيدًا عن أي انسان مسافة أميال.. ذلك الشخص تحديدًا لا تتركه أبدًا..

 

*****

 

كان يومي يومًا لي.. يوما لي يخلو مني.. ينقصني ذاتي التي أنظرها.. تنقصني أنت … لم أدرك أنّك بحجم الكون إلّا بغيابك.. لأن الفراغ الذي تركت بحجم هذا الكون.. كالأحجية هو غيابك وحضورك.. قطعة من أحجية لا تناسب إلّا مكانًا واحدًا يتخذ شكلها المقلق المثير المؤرق.. باشكالية غريبة.. فراغ بحجم الكون لا يملؤه إلّا وجود بحجم الكون… كوجودك يا عكرمة….

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى