”مروان البطوش“ يكتب: كيفَ أردّ السلام على الحرب؟

-مروان البطوش-

 

بيدٍ من الوحدة
أُشيرُ إلى الأصدقاء.
بيدٍ من الوحدةِ
أغرس عائلةً
في تراب السّرير.
بيدٍ من الوحدة
أحكّ رؤوس القصائد
مثل الفوانيس.
بيدٍ من الوحدة
أنظّمُ كلّ الطوابير
في البيت.
بيدٍ من الوحدة
أغطّي فم القلب
حين يصرخ في الزاوية.

 

****

 

قدماكِ خرجتا عن النّص
ليس هذا ما كتبناه
إلى أين تذهبين؟

 

****

 

كيف لامرأة واحدة
أنْ تشدّ الثلاثين من شعرها
وتجلسني فوق صِفرٍ
وتقول:
ألف، باء، …
لأكتبَ من خلفها؟؟

 

****

 

المقاعد كلّها محجوزةٌ
والشّوارع
والشقق
وغرف النّوم
والأحلام
وساعات المنبه
وصنابير المياه
والمناشف
وفرشايات الأسنان
وإشارات المرور
والبارات
ودور العبادة
والمستشفيات
والأطفال
والمطارات
كلّها.. كلّها محجوزةٌ يا حبيبتي
أنا واقفٌ في وداعي
في يدي سيرةٌ ذاتيةٌ
وبالأخرى ألوّح للحياة..

 

****

 

من فرط ما كنتُ أَعُدّ إلى عشرة
قبل الحبّ؛
اختارني الله
لأدرّس الرياضيات،
ومن فرط ما صرت أُحدّث التلاميذ 
عن الحبّ
فاتني
أنْ أُعلّمهم
كيف يعدّون
إلى عشرة.

 

****

 

منذ احترافي اللّعب،
وهم يخبّئونَ اسمي
ويقهقهون،
إنهم يلعبون
لعبة الإخفاء 
أمّا أنا – وهذا سرُّ بيننا – كنت أعرف أين يخفونه،
غير أنّي قلت:
إذا لم أجدهُ
فسينشغلون به،
وألعب وحدي
بأسمائهم
كلّها.

 

****

 

لقد انفصلتْ رأسي عن جسدي
أثناء الولادة
وخبّأ الأطباء خبر موتي عن أمي…
قالوا لها: سوف يعيش هكذا .. لا تخافي
لكنّها .. خافتْ
لذلكَ خاطتني خِفيةً
ولم تُخبرْ أبي.

 

****

 

وضعتُ يدي
على الجرح
فابتلعها..
كيف أصفّق لهذه الحيلة؟

 

****

 

أحببتُ امرأةً
تخافُ من الحُبّ
كنتُ أقول لها:
كيف حالكِ اليوم .. بدلًا من أُحبّكِ…
كانتْ تخاف..
اشتريت دفتر ملاحظاتٍ صغيرًا لأدوّن الترجمات…
أمثلة:
اشتقتُ إلى عينيك: أنا جائعٌ
هاتِ يدكِ: خذي سيجارةً
عانقيني: احملي شنطة اللابتوب عنّي قليلا لو سمحتِ، سأربطُ حذائي
تعالي معي إلى البيت: وداعًا، نلتقي في القريب ..
كانتْ تخاف..
أحببتُها
وكنتُ أقول لها:
أكرهكِ .. بدلًا من أُحبّكِ.

 

****

 

سحبوا حبلي عند الولادة
ورموا بي بينكم
أنا قنبلة
لكنني حقدًا على الرُّماة
فسدتُ.

 

****

 

أنا باب
كسرتْ حبيبتي
يدي
ومن يومها
وأنا مغلقٌ 
ومفتوح.

 

****

 

كرجُلٍ
عليهِ ألا يبكي
جلستُ في عزاء حبيبتي
واضعًا
ساقًا على ساق
محملقًا
في القهوة والتمر والتبغ.
كرجُلٍ
عليه ألا يبكي
ضحكتُ من الألم حين دهستني مركبة
وهربتْ
غفر لها الله
قبل عامين.
كرجُلٍ
عليه ألا يبكي
قٌلتُ: أنا جائعٌ
لامرأةٍ ودّعتني إلى الأبد
بعد الغداء.
كرجل
عليه ألا يبكي
بكيتُ .. بكيت
حين رأيتُ مناديلَ ترفرف في يد بائع متجوّل.

 

****

 

لقد لوّحوا بالأمومة
لليُتم
وكتبوا أسماءهم
كاملةً
على جذعٍ مقطوع من شجرة
كيفَ أردّ السلام
على الحرب؟
وكيفَ أكون بخير
مع امرأةٍ
تواسيني
وهي تضحك؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى