عن السبانخ والأصدقاء.. ل -روعة سنبل-

-روعة سنبل-

 

عشر جرز سبانخ، أحضرها زوجي بناء على طلبي الذي طلبته في لحظة غباء، يبدو أنّ هرمونات ربّة المنزل كانت في أوجها عند تلك اللحظة!

 

رقدت السّبانخ باستسلام وترقّب، في البرّاد، في كيس كبير محكَم الإغلاق، ثلاثة أيام بلياليها، لكنّها كانت في الحقيقة كأنّها راقدة على صدري .

 

كلّما اتّصلت صديقة ودعتني لفنجان قهوة مشترَك، كنت أقول بيأس :

-عندي شغل بالسبانخ.

وبعد قليل من التمنّع أذهب لشرب القهوة، لكنّني طوال الزّيارة أردّد :

– لازم استعجل، عندي شغل بالسّبانخ.

 

كلّما اتصلت بي إحداهن، كنت ألتّ وأعجن على الهاتف، أستغيب وأنمّ، دون أن أنسى بالطّبع أن أقول كلّ قليل:

– والله ما بحب احكي على حدا، أصلاً عندي شغل بالسّبانخ!

 

كلّما فتحت جهازي المحمول لأقرأ رواية أو كتاباً، سارعتُ بإغلاقه، قائلة:

_ عندي شغل بالسّبانخ .

أنقّل بصري بين البرّاد والجهاز المحمول، لأختار الأخير، أقرأ وأقرأ، ولا أنسى أن أردّد بيني وبين نفسي:

_حاجة قراءة و ضياعة وقت يا بنت،  عندك شغل بالسّبانخ.

و هكذا …

 

أخيراً، صبيحة اليوم الرابع، شددتُ همّتي، قمطت شعري، شمًرت ذراعيّ، وبدأتْ:

فرَزتُ السّبانخ، نقعتها، غسلتها، وقطّعتها، وملأتُ وعاءين كبيرين بها.

بعد القليل من الوقت في الماء المغليّ، و القليل من العصر بين كفّيّ، انكمشتْ، وتقلّصتْ، وأصبحت بالكاد تملأ وعاء صغيراً!

 

نظرتُ، ثمّ عبستُ وبسرت، ثمّ استنتجت حكمة جليلة:

 

عزيزتي ربّة المنزل، بعض الأشخاص في حياتك كالسّبانخ، يأخذون الكثير من الحجم بنظركِ،  لكنّهم عند أول موقف صعب، ينكمشون ويتقلصون، وتظهر أحجامهم الفعليّة.

وبعض الأشخاص كحبّات الأرز، نحسبهم قليل، لكنّهم في الحقيقة وعند الضّرورة، يملؤون طنجرة كاملة!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى