خيط في ثقب إبرة.. ل -زوراب عبدالعزيز-

-زوراب عبدالعزيز-  خاص (الجسرة)

 

فقدتُ شهيتي للكتابة ..

كعينٍ بلا نظر .. صرتُ شاعراً لا يكتب ..

فلامني الأصدقاء.. لأنهم طلبوا قصائد للعشيقات ولم ألبّهم ..

أختي عاتبتني (كيف لنبعك أن ينضب أيها النهر)

النسوة اللّواتي كنتُ أعتقد أنهنّ معجبات بشعري المجعد وعيوني العسلية ..

توقفن عن إرسال رسائل المديح لي منذ أن توقفت عن مديح نون النسوة وتاء التأنيث الحارة ..

الشاب الّذي أراد منّي نصيحة تُعدّل نكهة قصيدته الأولى (حذفني من قائمة أصدقائه )

أخي لم يعد يربت على كتفي (نفتخر بكَ أيّها الشاعر يا فخر قريتنا)

زوجتي تقول ( لم تكن فالحاً إلا بالشعر فتركته )

بتّ عادياً كعامود إنارةٍ لا يعمل على احدى أرصفة الحسكة..

قررتُ مؤخراً أن أعود لمهنتي ..

جلست على طاولتي ..

كملكٍ يتأهبُ لخوض حربٍ ليقول للعالم ما من كبير أكبر منّي ..

بعثرتُ عليها بعض الأوراق ..

وقلمين أحدهما يعمل بالتسخين والأخر يتقيأ الحبر في جيبي ..

نصبتُ شِركاً للأفكار ..

تحضّرت للإمساكِ بقصيدة ..

دُقّ الباب ..

حضر صاحب البيت وذهبت الفكرة ..

طلب الأجار بعنجهية السّيد ..

أجلّتُ الدفع لشهرٍ آخر بكفالة (القسم بالله واليوم الأخر)

قبل أن اُغلق الباب

رنّ جرس هاتفي ..

طلب المُهاتفُ دينهُ الّذي لم يكن ليطلبه أن لم يكن مضطراً ..

أغلقتُ الهاتف بوعدٍ جديدٍ للدائن ..

خطوتُ نحو الطاولة ..

تذكرتُ الأمسية الّتي حضرتها وأنا ارتدي قميص جاري ..

خطوتُ خطوةً أُخرى ..

لمحتُ رأس أصابعي من جواربي ..

تعثرتُ بلعبةِ بحلمِ طفلي (وليس للطفل أن يحلم بأكثر من لعبة كحصانٍ خشبيٍّ يتأرجح فيكون فارساً وأميراً وتغدو الدنّيا لعبته)

وصلت لطاولتي مُنهكاً ..

كإمرأةٍ ولدت تواً ..

مسكت بورقةٍ لأكتب عليها قصيدة أخيرة ..

لكن كيف

وأنا كشخصٍ بتدلّى من حبل مشنقة ..

كيف أكتب لكم ..

بالله عليكم

كيف تطلبون من رجلٍ أعمى أن يُدخل الخيط في ثقب أبرة..


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى