الثمانينات” يحفّز مشاعر الحنين للزمن الجميل ويحقق نجاحا جماهيريا باهرا

هاجر بوغانمي

حقق العرض الموسيقي البصري المبهر «أين تذهب هذا المساء الثمانينات»، الذي نظمته شركة الريان للإعلام والتسويق بالتعاون مع مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي يومي 21 و22 فبراير الجاري، بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، نجاحا جماهيريا منقطع النظير، وهو من إخراج جاسم القامس، وعزف وغناء الفرقة الموسيقية التابعة لمركز الشيخ جابر الأحمد. يوثق العمل لمرحلة مهمة من تاريخ تلفزيون الكويت، وهو كما وصفه مخرجه «رحلة في ثقافة مشتركة»، لذلك استطاع أن يدغدغ مشاعر الجمهور القطري والعربي الذي كان متواجدا بكثافة، وحرك في نفوس الجميع ذكريات وصور من زمن يسمى بالزمن الجميل لبساطته.

يضم العرض 55 فقرة غنائية وفيديو، تبدأ بشارة افتتاح الإرسال في تلفزيون الكويت في تلك الفترة، ويستمر حتى نهايته، وقد تم تثبيت شاشات ضخمة على جنبات خشبة المسرح تم من خلالها عرض مقتطفات من أشهر الأعمال الكرتونية والمسلسلات، والبرامج الترفيهية، والدينية، والتوعوية، والتعليمية التي كان يقدمها تلفزيون الكويت في تلك الفترة، وقد كان بعضها من إنتاجه، والبعض الآخر من إنتاج مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك.. ويصاحب مقاطع الفيديو أداء الفرقة الموسيقية المكونة من 80 عازفا وعازفة، بينما تراوح الأداء الغنائي بين أداء فردي وآخر جماعي.

ولدت فكرة الثمانينات من رغبة المخرج جاسم القامس في إنتاج فني موسيقي قد يكون هامشيا في الذاكرة الجمعية مثل موسيقى الأخبار والأعمال الكرتونية وغيرها، لكنه يحتل مساحة كبيرة في ذكرياتنا.

◄ مشاهد لا تنسى
ألهبت الفقرات الموسيقية التي صاحبت مقاطع الفيديو المتعلقة بالأعمال الكرتونية حماس الجمهور الذي ردد مع الفرقة الموسيقية كلمات المقدمات الموسيقية لتلك النوعية من الأعمال، خاصة منها “سالي”، و”جريندايزر”، و”السنافر”، و”افتح يا سمسم” وغيرها من البرامج التي أسرت قلوب الأطفال في فترة الثمانينات، وكانت بمثابة المنهل الذي ينهل منه الطفل القيم الانسانية الجميلة، والأفكار الخلاقة.. كما تفاعل الجمهور العريض مع مقتطفات من المسلسلات والعروض المسرحية التي تم إنتاجها في تلك الفترة والتي ضمت أسماء معروفة في هذا المجال، نذكر من بينها مسلسل “خالتي قماشة”، و”خرج ولم يعد” وغيرها.. كما قدم العرض مقتطفات من الأعمال التراثية نذكر من بينها مسلسل “البيت الكويتي”، وهو عمل مستوحى من أدب الحكايات العربي لكنه قدم باللهجة الكويتية، وظهرت في هذا العمل شخصية الفنان خالد العبيد الذي عرف بالشرير الكوميدي أو الشرير المحبوب.

وأعاد عرض الثمانينات الى الأذهان مسلسل “الغرباء” الذي يعد أحد أيقونات الدراما الكويتية والخليجية في ذلك الوقت، وبرز في هذا العمل الفنان غانم الصالح في شخصية كامل الأوصاف بلزمته الشهيرة “الي يخوف لا يخاف”..

من بين المشاهد المؤثرة والتي بعثت في قاعة المسرح حالة من السكينة والهدوء مقتطفات من برنامج “خواطر الشعراوي” الذي كان يقدمه الراحل الشيخ محمد متولي الشعرواي بهندامه الأزهري وكرسيه الشهير، بالإضافة الى المسلسل الشهير “لا إله الا الله” الذي كان نموذجا للعديد من المسلسلات الدينية ذات الصورة النمطية التي كانت تبث في الثمانينات، وكانت تعكس بساطة الإنتاج في ذلك الوقت لتبسيط الرسالة.

واستمتع الجمهور بمختارات من “سهرة الخميس” وهو برنامج يعنى بنجوم الغناء ومواهب التلحين في الكويت، حيث الفنانة نوال، والفنانين عبدالله الرويشد، ونبيل شعيل، وغيرهم من الفنانين الذين رسموا في ذاكرة الجمهور العربي أجمل الأعمال الفنية.

◄ إعلانات الثمانينات
من بين اللوحات التي قدمها العرض “إعلانات الثمانينات”، وهي على بساطتها إلا أنها وثقت لمرحلة كانت فيها الإعلانات التلفزيونية متشابهة في جميع التلفزيونات العربية، إلا أن هذه الصناعة شهدت قفزات نوعية في تلك الفترة، وكانت الفقرة الإعلانية ضمن البرنامج اليومي لتلفزيون الكويت بإيقاعاتها مقدمتها المتميزة، حيث تخاطب الصغار لتجذبهم الى “نحن والأطفال”، والشباب ليتناولوا وجباتهم في بيتزا إيطاليا،، والأسر لشراء أجهزتهم الكهربائية والإعلان الشهير الذي تظهر فيه الشقراء “سبيكة” وهي تسأل جسوم باللهجة المصرية عن تلك الأجهزة الالكترونية المتطورة، وغيرها من الإعلانات.

نجح عرض “أين تذهب هذا المساء” في تنشيط الذاكرة الجماعية، واستدعاء الماضي فترة الثمانينات التي تحن إليه أجيال اكتسبت مبادئها وثقافتها ومخزونها اللغوي والمعرفي من تلك الحقبة، وقدم للجمهور أسماء وشخصيات كانت لها إسهاماتها في الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني لدولة الكويت الشقيقة في تلك الفترة التي يصفها الأشقاء الكويتيون بأنها فترة ازدهار في مجال الإنتاج الفني والدرامي، وإنتاج الأعمال الخاصة بالطفل على مستوى التأليف والإخراج والتمثيل، وقد عرفت الكويت في تلك الفترة استقطاب العديد من الكفاءات العربية في هذا المجال، فمسلسل “خالتي قماشة” و”خرج ولم يعد”، و”مدينة الرياح”، من تاليف الكاتب الفلسطيني المقيم في الكويت آنذاك طارق عثمان، ومن المخرجين العرب حمدي فريد وطلعت حمودة وآخرين.. وأشهر شخصيتين قدمهما عرض الثمانينات هما الراحلان عبدالحسين عبدالرضا وزهير الدجيلي، اللذان اجتمعا في «زمن الاسكافي» و»ديوان السبيل»، وغيرها من الأعمال التي تم إنتاجها في فترة التسعينات.

المصدر: الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى