أفكار ملهمة في «المجلس ــــ حوار الثقافات»

بعدما حطّ مع بداية العام في معهد العالم العربي في باريس، نجح المعرض الثقافي المتنقل «المجلس– حوار الثقافات»– الذي ينُظّم بمبادرة من متحف الشيخ فيصل آل ثاني ويضم مقتنيات فريدة من القطع الفينة والأثرية التي تعكس تفاعل الثقافات تاريخياً، وتشجّع على الحوار في الحاضر– في جمع زواره خلال شهر فبراير حول حلقات نقاش مثيرة للاهتمام اتخذت من «المجلس»- النقطة المركزية في المعرض والمضافة الخاصة بكل بيت في منطقة الخليج العربي– مكاناً لها.
وبتواجده في «معهد العالم العربي» لغاية 10 مارس 2019، يدعو «المجلس– حوار الثقافات» زواره لقضاء بعض الوقت في المجلس للاستماع إلى القصص، مناقشة مشاهداتهم وتبادل انطباعاتهم حول المعرض كجزء من الحوار الثقافي، بالإضافة إلى التعرف على القواسم المشتركة بين الثقافات المختلفة.
لقد شهدت جلسات النقاش المفتوحة طرح مواضيع مهمة منتقاة بعناية ملفتة مثل «اللغة وتأثيرها في الثقافة» و«تطور الفن نحو تشكيل الهويات»، حيث جرى تناول مفهوم التطور الثقافي وكيفية الحفاظ عليه من خلال اللغة والفنون، مما منح المشاركين الفرصة لرؤية العالم من منظور مختلف واكتشاف العادات، التقاليد، المعتقدات، والمجتمعات الأخرى.
وفي تعليقه على المفهوم الذي يقدمه المعرض، قال سعادة الشيخ محمد بن فيصل آل ثاني، عضو مجلس أمناء متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، والذي حضر جلسة الحوار الأولى:
«لقد سعى المجلس منذ إطلاقه إلى خلق حوار هادف بين مختلف الثقافات والمجتمعات، كما قام بلفت الأنظار إلى الأهمية المتعاظمة للمتاحف في عرض التاريخ الغني للحضارات المختلفة. وفي هذا الإطار، يسرنا أن نقوم بتوسيع نطاق عملنا ونقدم للجمهور في باريس منصة مفتوحة لمناقشة العديد من المواضيع المهمة- التي تتمحور حول الفن واللغة والثقافة- بحضور عدد من المتحدثين المختصين في هذا المجال. نحن نؤمن بأن الفعالية القيّمة المتمثلة بإقامة جلسات نقاشية ملهمة هي أفضل ما يعبّر عن جوهر المجلس، فقد شكّلت المبادرة منصة للتفاعل بين كبار المثقفين وزوار المعرض، الأمر الذي يدعونا لتأكيد دورنا كحلقة وصل بين الشعوب المختلفة».
من خلال جلسة «اللغة وتأثيرها في الثقافة»، تناول «المجلس– حوار الثقافات» الأفكار المتنوعة حول الحفاظ على اللغة كوسيلة للحفاظ على الثقافة وناقش كيفية تطور اللغة والثقافة عبر الزمن وتأثير كل منهما في الأخرى. كما دعت هذه المناقشة المفتوحة الزوار إلى تبادل خبراتهم وتصوراتهم حول القوة التي تتمتع بها اللغة في تشكيل الثقافة، مع اكتشاف الطريقة التي تستطيع بها اللغة تكوين جيل كامل من الأفكار والقصص.
تمت المناقشة بمشاركة متحدثين بارزين من بينهم السيدة جاكلين موراند-ديفيلر، أستاذ مشارك في القانون العام والعلوم السياسية في جامعة بانثيون- السوربون، وكذلك الدكتور ناصر الحنزاب، المستشار القانوني لمندوبية قطر باليونسكو.، الذين شاركوا بآرائهم المؤثرة وأشركوا الجمهور في حوار تفاعلي.
كذلك، أبدى الجمهور اهتماماً لافتاً بجلسة النقاش المفتوح حول «تطور الفن نحو تشكيل الهويات»، والتي نجحت في تسليط الضوء على مدى مساهمة الفن في التغيير الإيجابي في المجتمعات ودوره المركزي في عملية تطور الثقافات.
وكان أبرز المشاركون في الحوار السيد جوليان بوروفتشيك، عضو الجمعية الوطنية الفرنسية، السيد فيليب هيراكليس، رئيس مجلس الإدارة في Le Cherche-Midi Editeur SA، السيد كلود دانتونيز، مدير متحف باريس للصيد والطبيعة، السيد غالب بن شيخ، رئيس مؤسسة الإسلام في فرنسا، السيدة فيان سافولي، فنانة واختصاصية في السوق المالية، السيدة سيسيل بليسانس، فنانة في مجال التصوير الفوتوغرافي، والسيد جان بول سكاربيتا، مخرج وممثل. وناقش الجميع تأثير الفن على تشكيل الهويات من جانب والدور الذي يمكن أن يكون للهوية في إلهام الفن من جانب آخر، وقد ساهم الموضوع المترابط في استخراج أفكار مثيرة للاهتمام حول التاريخ، الشرق والغرب.
وفي تعليقه على مهمة المعرض، قال البروفيسور مونيم جيمني، مدير جلسات النقاش المفتوحة:
«يمنح المجلس– حوار الثقافات» جميع من يحضرون المناقشات مساحة كاملة من الحرية لإبداء آرائهم. لذلك، فهو يستقطب كافة أطياف المجتمعات، من سياسيين، فنانين، أكاديميين وصحفيين، ويتيح لهم الاجتماع في مجلس واحد ليتشاركوا بقيم المساواة والتنوع.
وبعد زيارته للمعرض، أثنى السيد/ جوليان بوروسوك على هذه المبادرة المهمة، فقال: «إن هذه المبادرة تساعدنا على إدراك حاجتنا الملحة لتبادل الأفكار والآراء واكتشاف الآخر، فمناقشة الفن الذي يُمثل جوهر المجلس، يمنح الزوار فرصة التعرف على ذواتهم، التواصل مع الآخرين، وتقبُّل اختلافاتهم».
ومن جانبه، أبدى السيد/ غالب بن شيخ، رئيس مؤسسة الإسلام في فرنسا، حماسه للمفهوم الذي يقدمه «المجلس – حوار الثقافات» لِما يمنحه لكل زائر من حرية في التعبير عن الرأي والمساحة الكافية للنقاش، حيث قال: «في المجلس، يحظى الجميع بالتقدير وتحترم وجهات نظرهم، فهذه المبادرة الرائعة التي تستضيفها عاصمة الأنوار باريس، يمكن أن تكون منبراً ملهما لأهل الفكر والرأي في فرنسا».
سيعقد المجلس– حوار الثقافات جلسة النقاش الختامية بعنوان «الرياضة كمحفز للتغيير الثقافي» في 10 مارس 2019، الساعة 3 بعد الظهر، قبل أن ينطلق نحو وجهته التالية في إحدى الدول الأوروبية لتنشيط الحوار في مجتمعات أخرى.
نُظّم المجلس– حوار الثقافات بالتعاون مع مكتب اليونيسكو في الدوحة، واللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، ومعهد العالم العربي، وكذلك تحت الرعاية البلاتينية لشركة «قطر شل» والرعاية الفضية لرفالو وزاميت بيس أدفوكاتس، والرعاية المحلية لكل من بنك قطر الوطني وكتارا للضيافة وهاندسون.الشيخ محمد بن فيصل : المجلس لفت الأنظار إلى الأهمية المتعاظمة للمتاحف

المصدر: الوطن القطرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى