“نجمة البحر” .. الجزء الثاني من “أولاد الغيتو” لإلياس خوري

الجزء الأول من “أولاد الغيتو” صدر سنة 2016 وحمل عنوان “اسمي آدم”، و”نجمة البحر” هو الجزء الثاني ضمن سلسلة قد تمتدّ إلى جزء ثالث، أو أكثر ربما؛ كما يلوح من بنية العملين، والنطاقات الزمانية والمكانية المتشابكة، الفلسطينية والخارجية، التي تنبسط فيها حلقات الحكايات. ومنذ “باب الشمس”، 1998، بدأ يترسخ لدى الياس خوري ميل إلى كتابة الرواية المديدة ذات الأبعاد البانورامية والملحمية، التي تبرع في استدراج التاريخ إلى أنساق السرد المختلفة، وفي استحضار السجلّ التاريخي وتطويعه على نحو يتيح للتخييل أن يتشابك مع الوثيقة والواقعة الفعلية؛ خاصة حين باتت الموضوعات أكثر التفاتاً إلى القضية الفلسطينية، بعد مجموعة الأعمال التي تناول خوري فيها لبنان عموماً، والحرب الأهلية اللبنانية خصوصاً.

رواية خوري الأولى، “عن علاقات الدائرة”، صدرت سنة 1975؛ أعقبتها 12 رواية، بينها “الجبل الصغير”، “الوجوه البيضاء”، “مملكة الغرباء”، “مجمع الأسرار”، “يالو”، “كأنها نائمة”، و”سينالكول”. كما وقّع مجموعة قصصية بعنوان “المبتدأ والخبر”، ومجموعة دراسات نقدية ومقالات، بينها “تجربة البحث عن أفق”، و”الذاكرة المفقودة”.

هنا فقرات من مستهل الرواية:

“ستيلاّ مارس، أو نجمة البحر، هي شرفة الله المطلة على الحمامة التي تسبح في الماء، ونسميها حيفا.

على هذه الشرفة، حيث تأخذنا تلّة النبيّ إلياس إلى الأعجوبة، اكتشف بطل هذه الحكاية وراويها آدم دنون، وجوهه المتعددة، وتصالح مع أسمائه، ونسج حكايته. هنا ذاق طعم القبلة الأولى، وهنا تعرّف إلى مُتَع الحبّ وآلامه. هنا أقسم على الإخلاص للفتاة التي أحبّ، وهنا تعلّم أبجدية الخيانة كي يمحو جروح قلبه بجروح جديدة.

حين تعصف به ذاكرة شرفة الله، وهو يحاول أن يرسم صورته بحبر الكلمات، يرى حيفا وهي تسقط في البحر من شاهق الكرمل، وتمدّ جناحيها كأنّ الماء صار فضاءها الرحب. تغطس في الماء وتطفو، وتصير ملاذاً لشابّ صغير لا ملاذ له سوى شعوره بأنّ ما يعيشه ليس سوى ظلال لحياة إنسان ما كان إلا ظلاً لحكاية لا مؤلف لها.

الآن يأخذه حنين جارف إلى ستيلاّ مارس حين كان يجلس وحيداً، ويشعر بأنه غائب ولا مرئيّ، يتوق إلى زمن الغياب، فيلجأ إلى ضمير الغائب كي يكتب غيابه.

هنا، في جبل الكرمل، حيث عبث التاريخ بتواريخ المكان، وُلد آدم الثاني على شرفة منبسطة في الكرمل. كان يملأ وحدته وغربته بالبحر. يغسل عينيه بغروب الأفق، ويغرق في صمت الهواء البحري الذي ينشر على وجهه طعم الملح”.

المصدر: الايام الفلسطينية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى