آفاق «التذوق الأدبي» في «الدوحة»

صدر حديثا العدد الجديد (137) من مجلة الدوحة الصادرة عن وزارة الثقافة والرياضة لشهر مارس 2019، متضمنا باقة متنوعة من الموضوعات الثقافية والأدبية والفنية على المستوى العربي والعالمي، فيما اختارت ثلاث قضايا لملفاتها الرئيسية.
وفي هذا الصدد، جاء الملف الأول عن المفكر والأديب الفلسطيني إدوارد سعيد الذي عاش في المهجر بعنوان: «غائب وحاضر.. عالم ليس لإدوارد سعيد»، أبرز فيه عدنان جابر، الكاتب الفلسطيني المقيم في فرنسا، أن الشعب الفلسطيني قدم للعالم هديتين جميلتين هما: محمود درويش، وإدوارد سعيد.. الأول قامة في الشعر، والثاني قامة شاهقة في الفكر والثقافة.
ويأتي استحضار هذه القامة الفكرية من قبل مجلة الدوحة، في ظل التوحش الاقتصادي والسياسي والأمني على صعيد كوني، يحتاج الآن قيم العدالة وحقوق الإنسان والأخلاق ومصالح الشعوب، حيث إن الأقوياء في كل المواقع، يعبثون بمصير البشرية، ويعيدون صياغة النظام الدولي استنادا إلى علاقات القوة، مقابل استكانة سياسية، ومقاومة ثقافية ضعيفة غير قادرة على التغيير والتأثير لقطع الطريق على تلك التحولات المخيفة.
وإزاء هذا النوع من اختلال التوازن في المواجهة، تحاول الأمم والشعوب الاستقواء بكل عناصر القوة، واستحضار الإضاءات من تاريخها لدرء الأخطار.
وفي هذا السياق، وجد عدد من الكتاب الفلسطينيين ضمن الملف، إدوارد سعيد، محاربا فذا على جبهة الثقافة المدافعة عن العدالة والتحرر وترك إرثا فكريا ما يزال يحتفظ بقيمته رغم مرور الزمن.
من جهة أخرى، جاء سؤال الملف الثاني بصيغة استفهامية بعنوان «من يعيش من الكتابة؟».
وفي جواب على هذا السؤال، أقرّ عدد من الروائيين والكُتّاب بأن الكتابة إبداع مرتبط بدوائر الكساد، سواء فيما يتعلق بضعف العائد المادي أو سوء توزيع الكتاب أو ضعف القراءة، بالإضافة إلى تردي الحالة الاقتصادية التي تجعل الخيار بين رغيف الخبز والكتاب محسوما، بواقع الحال.
كما قدّمت المجلة ترجمة لمقال يعود للباحثين جون ليون بوفوا ونيكول ديبوا تم نشره في مجلة «علوم إنسانية» الفرنسية بعنوان «النشر العلمي في عصر الثورة الرقمية»، أوضحا فيه أن الباحثين في مختلف التخصصات يسعون إلى نشر أبحاثهم العلمية بشكل سريع في المجلات المحكّمة، ولا يستثنى في ذلك الباحثون والأساتذة الباحثون في علم النفس من هذا الضغط الشديد الذي يولّد ما يشبه «الهوس» بالنشر العلمي بالنسبة للجماعات العلمية.
أما قضية الملف الثالث فجاءت موسومة بـ«التذوق الأدبي»، حيث أبرزت «الدوحة الثقافية» أن من دواعي تأليف كتاب «لذة النص» هو التحريض على القراءة، حيث إن الوضع القائم في فرنسا، كما وصفه رولان بارت في كتابه، «يبدو أن فرنسياً من اثنين لا يقرأ، وهذا يعني أن نصف فرنسا محرومة ـ وتحرم نفسها من لذة النص».. وفي حالتنا الراهنة، كم من عربي لا يقرأ وكم عدد المحرومين من تذوق النصوص ولذتها.
وأوضح الكاتب محسن عتيقي، أن متذوق الأدب يملك أحكامه الخاصة، وإن كانت نابعة في العموم عن «هوى ساذج»، ومتراكم من ذكريات وقراءات يحتفظ بها المتذوق الأدبي عن شغف، لافتا إلى أن هذا اللقاء الآني والساذج بين النص والقارئ هو الذي يجعل ممارسة التذوق موعدا بين الاثنين.
من جهته، يشير الكاتب خالد بلقاسم، أن للأدب طعما خاصا، هو بذلك، يتطلب تذوقا من طبيعة هذا الطعم، وأن حاسة هذا التذوق مجهولة، على نحو يجعلها تستوعب كل الحواس، وتوسع المدارك وفق لذات اللغة التي تفوق ـ بالنسبة لمن تذوقوها ـ ملاذّ الحياة.
إلى ذلك، حفل العدد 137 من المجلة بعدد من الحوارات الأدبية والفكرية مع أعلام من العالم العربي والغربي.
وأهدت الدوحة قراءها كتاب ترجمة النفس (السيرة الذاتية عند العرب) لعبداللطيف الوراري

المصدر: الوطن القطرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى