صون القيم وتحديث التشريعات

احتضنت المؤسسة العامة للحي الثقافي- كتارا يوم 7 مارس الجاري، المؤتمر السنوي الأول لملتقى قلم المرأة القطرية، بعنوان (رحلة عمل المرأة العربية: التحديات والتمكين)، وذلك بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة وبمشاركة نخبة من الباحثين والباحثات والخبراء في قطر والدول العربية، عبر ثلاث جلسات علمية، تُوجت مناقشاتها بمجموعة هامة من التوصيات.
وأعرب سعادة الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام للحي الثقافي- كتارا في كلمة الافتتاح عن بالغ شكره وتقديره لملتقى قلم المرأة القطرية لحرصه على تنظيم مؤتمره السنوي تحت عنوان (رحلة عمل المرأة العربية: التحديات والتمكين) بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وما سيقدمه هذا المؤتمر من تناول مُعمَّق لقضايا المرأة العربية والتحديات التي تقيد وصولها إلى فرص العمل، سعيا لمشاركتها وإسهاماتها الكاملة في مسيرة النهضة والتنمية.
وأكد الدكتور خالد السليطي، أنّ هذا المؤتمر يشكل ريادة في مجال تعزيز دور المرأة وعملها في المجتمع العربي من خلال ما يطرحه من محاور تستعرض مختلف الموضوعات والقضايا التي تهم المرأة في قطر والعالم العربي، لتَبنِّي منظوراً شاملاً يُراعي حضور المرأة ومشاركتها في النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وذلك حتى تقوم بدورها الحضاري وتعزز مكانتها الرائدة وقدراتها المتميزة في خدمة مجتمعها بكل كفاءة واقتدار، وتسهم في صناعة مستقبل عربي مشرق.
وأضاف مدير عام كتارا، أن هذا المؤتمر الذي يشارك في تنظيمه مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان)، يحظى باهتمام ورعاية خاصة من المؤسسة العامة للحي الثقافي- كتارا، باعتبار أن المرأة ركن أساسي في المجتمع وشريك رئيسي في صنع مستقبله، بالإضافة إلى أن هذا المؤتمر يعتبر باكورة فعاليات ملتقى قلم المرأة القطرية الذي أطلقته كتارا في أكتوبر الماضي، استكمالاً لمبادراتها التي تهدف إلى تكريس نهج التميز والإبداع، بما يدعم المرأة القطرية وتمكينها من كافة السبل التي تتيح لها تحقيق النجاح والتفوق والتقدم والريادة في جميع الميادين الإبداعية ويفعّل دورها المحوري في تنمية المجتمع القطري، كما يعزز حضورها ومكانتها في العالم.
وأشاد خالد السليطي في ختام كلمته بإطلاق الملتقى مؤخراً، لجائزة كتارا للأديبة الصغيرة والتي ترسخ ثقافة التميز وتخلق بيئة مشجعة ومحفزة على الإبداع والابتكار، لترفد المشهد الثقافي بمواهب إبداعية جديدة ومشرِّفة في عالم الأدب والثقافة.
ومن جانبها، قالت الدكتورة عائشة المناعي، رئيس المؤتمر ورئيس مجلس أمناء «ملتقى قلم المرأة القطرية» في كلمتها، إن فكرة تأسيس الملتقى، جاءت من إيمان مؤسسة كتارا بأهمية الحفاظ على مكتسبات المرأة القطرية وحماية تاريخها ودورها في المجتمع.
وشددت على أن أول تحد أمام المرأة بشكل عام، هو كيفية التوفيق بين تمسكها بدينها والانطلاق إلى الفضاء الواسع لتشارك المجتمع بكل أطيافه في مسؤولية التنمية والعمران وقبل ذلك غرس الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة في نفوس الأجيال الجديدة، مؤكدة أن القرآن الكريم لم يفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، ولذا فلا تستقيم الحياة على جميع مستوياتها إلا بتمكين المرأة في مختلف المهام وأهمها التربية.
من جهتها شكرت الدكتورة ليلى غنام محافظ «محافظة رام الله والبيرة»، المؤتمر على اختيارها ضيف شرف هذه الدورة. وأبرزت أن المرأة مكون رئيس من الموارد البشرية لأي من المجتمعات وتشكل نصف هذه الموارد، فهي لها دورها المزدوج المتمثل في مساهمتها في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك دورها في تربية الأجيال وإعدادهم لتكون عاملاً رئيساً في تنمية الموارد البشرية الناشئة أيضا، منوهة إلى أن التكامل لا- التنافس- بين الرجل والمرأة هو عنوان التقدم والعدالة الاجتماعية. وبعد ذلك تطرقت ليلى غنام إلى عرض مسيرتها الشخصية وكل التحديات التي واجهتها قبل وصلوها إلى تقلد منصب محافظ رام الله والبيرة، وهي أول امرأة تُعين في هذا المنصب في الوطن العربي وليس في فلسطين فسحب.
تمكين المرأة
وفي ذات السياق، انطلقت أولى جلسات الملتقى بعنوان «الأبعاد السياسية والقانونية»، وتحدث فيها كل من الدكتور يوسف محمد عبيدان، والشيخة حصة بنت خليفة بن أحمد آل ثاني والدكتورة شريفة العمادي، فيما أدارها الدكتور إبراهيم صالح النعيمي.
وأبرز الدكتور يوسف عبيدان، أن التحديات التي تواجهها المرأة العربية تكمن في تحدي التعليم والتحدي الحقوقي والسياسي، مشيراً إلى أنه في المقابل هناك تمكين للمرأة القطرية في جميع المجالات بفضل القيادة الرشيدة. من جهتها، قدمت الشيخة حصة آل ثاني، تجربتها الخاصة في الدبلوماسية الإنسانية كمقرر خاص لشؤون الإعاقة بالأمم المتحدة، منوهة إلى أن تقلد المرأة لمناصب دبلوماسية عليا كان نتيجة الإرادة السياسية ووضع التشريعات والقوانين المناسبة لذلك، منبهة في الآن ذاته إلى أن التحديات في الدبلوماسية تتشابه مع أي تحدٍّ في المجالات الأخرى، وأن العمل الدبلوماسي لم يتطور إلا بعد أن أتيحت فرص التعليم والتثقيف.
بدورها تحدثت الدكتورة شريفة العمادي عن دور معهد الدوحة الدولي للأسرة في تعزيز المنظومة القانونية الداعمة للمرأة القطرية، مفيدة أن المعهد قدم دراسة مهمة في التوازن بين العمل والأسرة، خلصت إلى ضرورة تطوير التشريعات بهذا الخصوص، وأن من بين التحديات التي تواجهها المرأة ساعات العمل الطويلة التي تستنفذ كل طاقة وجهدها.
أما الجلسة الثانية، فجاءت بعنوان «الأبعاد الاجتماعية الاقتصادية» وإدارتها الدكتورة كلثم علي الغانم، وعرضت فيها الدكتورة عادلة محمد الطيب من السودان، مقتطفات من الأطر القانونية والتشريعية التي أسهمت في تعزيز دور المرأة السودانية وذكرت البوادر الأولى لعمل المرأة منذ ستينيات القرن الماضي والمكتسبات التي حققتها على مستوى القضاء والتعليم والسياسة.
كما قدمت الدكتورة هناء البواب من الأردن، ورقة بعنوان «أشكال الوأد في المجتمعات الذكورية» بسطت من خلالها إشكالية رحلة عمل المرأة الأردنية والفلسطينية بشكل خاص في مجتمع ذكوري، ومدى تأثير الجانب الاجتماعي والاقتصادي على تمكينها في هذا المجتمع.
أما السيد منصور أحمد السعدي، المدير التنفيذي لمركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان)، فقدم ورقة بعنوان «واقع وفرص التمكين»، تناول فيها المفهوم النموذجي للتمكين الإيجابي والمتوازن، وأسباب ومبررات وتحديات التمكين وسبل مواجهتها.
وأشار السعدي إلى أن من آليات تمكين المرأة، تطوير بيئة العمل الملائمة وتقديم التسهيلات للمرأة العاملة وعدالة الأجور بينها وبين الرجل وتبني رائدات الأعمال الناجحات وإبراز قدرات المرأة في جميع المجالات.
في حين تمحورت الجلسة الثالثة والأخيرة، حول «آفاق تمكين المرأة العاملة»، قدمتها السيدة سامية حسن أحمد من السودان، تناولت فيها الدكتورة حياة عمري من تونس، «آفاق تمكين المرأة العربية في المجال العلمي والعمل الاجتماعي العام»، حيث دعت إلى تعزيز الوعي وتنظيم جهود المرأة، وتفعيل مشاركتها المجتمعية والتنموية في العمل الاجتماعي العام والعمل المهني ومجال البحث العلمي والتكنولوجيا وغيرها من المجالات الأخرى.
بدورها، تطرقت الدكتورة نورية العوضي من الكويت، إلى دور المرأة العربية في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا، حيث عرضت جانباً من مسيرتها الأكاديمية العلمية والمهنية التي تربو عن ثلاثين عاماً.
واختتمت الجلسات، بمداخلة للدكتورة حياة القرمازي من تونس بعنوان: «المرأة في قلب التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربيّة»، بينت خلالها أن عدم المساواة بين المرأة والرجل في مجال العمل يؤثر سلبياً على التنمية الاقتصادية في البلدان العربية ويتسبب في حالات عديدة في تفشي ظاهرة الفقر في مجتمعاتها.
وخلصت إلى أنه على المرأة أن تناضل بتسلحها بالعلم والمعرفة لتفرض وجودها بكفاءة في مجتمع لايزال إلى اليوم يشكك في قدراتها، وعليها أن تربي أبناءها على احترام مبدأ المساواة بين الذكور والإناث.
توصيات المؤتمر
وفي ختام المؤتمر، اقترح المشاركون عدداً من التوصيات، أهمها، الدعوة إلى إنشاء مركز راصد يوفر كل البيانات والمعارف والدراسات لنماذج وتجارب نجاحات المرأة في الوطن العربي، ودعم المشاريع الصغيرة التي تقوم بها ربات المنازل وإتاحة الفرص لتسويق منتجاتهم.
كما دعا المشاركون إلى مراجعة وتحديث التشريعات والقوانين الخاصة بعمل المرأة العربية، ووضع وثيقة شرف بين الجمعيات الخيرية والتنموية للعناية بالمرأة ذات الاحتياجات الخاصة وجعلها في قائمة أولويات الفئات التي تدعمها وتفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة، في نشر الوعي والمعرفة بأهمية دور المرأة في مواقع العمل المختلفة.
وفي ذات السياق، نادى المشاركون بضرورة تمكين المرأة العربية من وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتمكينها من المساهمة في بناء مجتمعات علمية مؤهلة وذلك من خلال زيادة مشاركتها في البحث العلمي، الذي أصبح محوراً وهدفاً واضحاً من أهداف التنمية في الدول العربية، بالإضافة إلى عقد مؤتمر المرأة العاملة بشكل دوري سنوي ومتابعة تنفيذ التوصيات لتحقيق النتائج المرجوة.

المصدر: الوطن القطرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى