شيخة الزيارة لـ الشرق: الكتابة لمسرح الطفل نقلة نوعية في مسيرتي الأدبية

هاجر بوغانمي

الكلمة في أصل اللغة أنثى، لذلك عندما يكون منبع الكتابة أنثى فإنها لن تزيدها إلا إشراقاً وتوهجاً، يقول الروائي البريطاني برايان ألديس “هناك نوعان من الكُتّاب: من يجعلك تفكّر، ومن يجعلك تحلم”، والكاتبة المبدعة شيخة الزيارة تجعل قارئها الصغير يحلم، ويتخيل، ويسأل، ويطلب المزيد من القصص التي تستفز خياله، وتحفّز ذهنه، وتجعله مستمتعاً بالقراءة، محباً للكتاب.
في هذه الأثناء، تواصل شيخة الزيارة الكتابة للطفل برغم يقينها بأنها كتابة معقدة وصعبة، لكنها ماضية بثقة واقتدار في إثبات نفسها كواحدة من الكاتبات اللاتي أثرين المشهد الأدبي المحلي.
صدر لشيخة الزيارة 21 عنواناً في أدب الطفل من فئة القصص المصورة، كما كتبت نصوصاً مسرحية، ورواية لليافعين في طريقها للنشر، واللافت في تجربة شيخة الزيارة أنها لا تختار حكايات قصصها، فالحكاية عندها تتشكل من تلقاء نفسها، تلهمها ابتسامة طفل، أو نظرته، وأحيانا موقف أو خبر، وعندما تأتي الفكرة تمسك بها، وتحاول أن تبنيها وتطورها إلى أن تخلق الحكاية.
في لقاء مع الشرق، تحدثت الكاتبة شيخة الزيارة عن سبب اختيارها الكتابة للطفل، كما تناول اللقاء رؤيتها لأدب الطفل، وطريقة تعاطيها مع النص الموجه للطفل، والعوالم التي تستلهم منها قصصها، وتجربتها مع فرقة الدوحة المسرحية، ومشروعها القادم.. فكان الحوار التالي.

اختيار

* لماذا اخترت الكتابة للطفل برغم صعوبة هذا المجال وخطورته أيضا؟
**هذا السؤال طرحته على نفسي قبل أن أخوض معترك هذه التجربة، والجواب هو أني كنت أكتب الخواطر والقصة القصيرة،
الكتابة كانت تستهويني لأنها تعبير عما في دواخلنا، وعندما اتجهت للكتابة للطفل، لا أدري إن كان ذلك صدفة أم مخططا له، هل أنا اخرت هذا المجال أم هو من اختارني؟ هذه الأسئلة طرحتها على نفسي، والإجابة كانت واضحة جدا، في مرحلة ما كنت سأصبح أماً، ولأني أقدر قيمة القراءة وأهميتها؛ كنت أحلم بأن يحب أطفالي القراءة، وكنت أختار القصص التي سأرويها لهم.
كانت تستهويني الحكايات الشعبية، ولكن إلى حد معين، وكان اختياري للقصص فيه انتقائية، لأني واجهت في تلك المرحلة صعوبة في الحصول على تلك القصص من ناحية المحتوى الذي كان فقيرا في العالم العربي، مقارنة بالغرب، ولعل ذلك هو السبب الذي دفعني كي أخوض التجربة من باب أنني أمتلك القدرة على كتابة القصص، إلا أن السؤال الأهم الذي ظل تحديا بالنسبة إلي هو: هل أنا قادرة على أن أكتب قصصا للأطفال؟ وكان المستهدف الأول أطفالي في هذه المرحلة، كتبت قصتي الأولى التي كانت مسودة في مخيلتي، واستلهمتها من عالم أطفالي، وسعيت لنشرها لكني كنت مترددة جدا، لأنها موجهة لجمهور الأطفال، والطفل عنده انتقاء في اختياره، فإذا تقبلني هذا الطفل بالحب الذي أكتب له، ووثق بي، فسيكون بوابة دخولي لهذا العالم، ثم أصدرت أول قصة في عام 2008 ونشرت في عام 2009، وكانت بعنوان “الأميرة أمينة”، والحمد لله وفقت في كتابتها كإصداري الأول، ورشحت من قبل دار النشر لعدة جوائز.

متعة

*أين تكمن متعة الكتابة في مراحل الطفولة المختلفة ؟
** متعة الكتابة في صنع الحكاية، وفي مراحل تطور هذه الحكاية وبنائها، فأنت تصل إلى مرحلة تصبح تتحدث مع الشخصيات، وترتدي لباس هذه الشخصية، وتعيش أحداث الحكاية وكأنها حكاية حقيقية لتنتقل إلى متعة أخرى هي محاكاة خيال الأطفال وتطلعات الطفل الذي ينتظر منك حكاية مدهشة.

*ما السؤال الأهم في نظرك هل هو: كيف نكتب للطفل، أم ماذا نكتب للطفل؟
**عندما أسأل: كيف أكتب للطفل؟ فهذا السؤال إجابته موجودة، لأن أي شخص يستطيع تعلم تقنيات الكتابة؛ وهي متاحة في كل مكان، لكن ماذا تكتب؟ وكيف تقنع الطفل بما كتبته؟ هذا هو السؤال الأهم، وهنا يكمن التحدي.
ليس هدفي من الكتابة أن أوصل رسالة للطفل، بل أن أصل إلى مستوى تفكيره وخياله والذي أعتبره مستوى عاليا، وأريد أن أصل إليه لأحاكي هذا الخيال، بالنسبة إلي لا يسعدني أن يقول الطفل بعد أن ينتهي من قراءة القصة: أنا استفدت أو تعلمت أن أكون صادقا، ليس هذا طموحي، أنا أريد من الطفل أن يتساءل: هل حقا من المهم أن أكون شخصاً صادقاً؟.

مسرحية

*قدمت مع فرقة الدوحة مسرحية “شجرة اللؤلؤ”.. كيف تصفين التجربة، وهل سنرى لك في قادم الأيام تجربة مماثلة؟
** الحديث عن مسرحية “شجرة اللؤلؤ” يشعرني بالفخر، لأن هذه المسرحية بوابة دخولي لمسرح الطفل، وتجربة مختلفة جدا، والعمل ما أناس رائعين في عمل مسرحي كان أحد أحلامي، هي نقلة نوعية في مسيرتي أن أتوجه للكتابة لمسرح الطفل، أتشرف بأني حصلت على تشجيع ودعم وتوجيه الأستاذ القدير عبدالرحمن المناعي، وكذلك دعم وتشجيع المخرج الأستاذ فالح فايز الذي أخرج المسرحية، والأستاذ إبراهيم محمد رئيس فرقة الدوحة المسرحية. وأعتبر تجربتي مع الفرقة ثقة منهم، خاصة أنها أول تجربة لي في الكتابة المسرحية، وهي ثقة لا تقدر بثمن.
أستطيع القول أيضا إن تجربة الكتابة لمسرح الطفل ثرية جداً ومهمة ومختلفة تماما عن تجربة الكتابة السردية، وكل نوع من الكتابة له متعة خاصة، لكن عندما ترى شخصياتك تتجسد على خشبة المسرح فهذا بحد ذاته شيء مبهر حقيقة، لأننا عادة نكتب القصص ونجسد الشخصيات من خلال رسوم، لكن في المسرحية أنت ترى الشخصيات تتكلم وتعبر وتتفاعل وتتحرك، وهو نوع آخر من المتعة والإبهار.
أتمنى أن تكون هناك تجربة مسرحية أخرى تجسد على المسرح، علما أنني قدمت نصوصا مسرحية من خلال فعالية “عيالنا على المسرح” بمناسبة اليوم الوطني للدولة، وهي تجربة جميلة أيضا.

* أين وصلت روايتك الأولى لليافعين، وما مشروعك الأدبي القادم؟
** روايتي الأولى لليافعين ستصدر قريباً بإذن الله عن دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، وأنا متحمسة لهذه الرواية، ولإصدارها؛ لأنها الرواية الأولى، أما مشاريعي الأدبية القادمة فلدي مجموعة من القصص المصورة هي في مرحلة النشر مع دار جامعة حمد بن خليفة، ومتاحف قطر، ودار كلمات الشارقة، ودار أصالة، وأنهيت كتابة نصوص مسرحية للأطفال لكني ما زلت أشعر بأنها لم تكتمل بعد، وبحاجة إلى مراجعات جديدة، بالإضافة إلى رواية لليافعين ما زالت في مرحلة الكتابة الأولى، وسأظل أكتب ما دمت أتنفس.

المصدر: الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى