محمد العتيق لـ الشرق: لوحاتي صرخة ضد المخلفات

طه عبدالرحمن

يشهد مقر مطافئ: مقر الفنانين مساء اليوم، افتتاح معرض الفنان التشكيلي محمد العتيق، والمعنون “انتباه”، ويتواصل المعرض حتى 7 أبريل المقبل، وهي الأعمال التي أنجزها العتيق خلال فترة إقامته الفنية بنيويورك في أمريكا.
في حديثه لـ الشرق، يتحدث الفنان محمد العتيق عن فكرة معرضه الجديد، وأهم ما يجعله متمايزاً عما سبقه من معارض فنية وأعمال تشكيلية أنجزها. مؤكداً أن أعمال المعرض الجديد تعد بمثابة جرس إنذار للعالم بخطورة المخلفات، والتي استطاع عبر خامات بسيطة أن ينتزع منها أشكالاً جمالية.
وعرج الحوار على المعارض الافتراضية التي فرضت نفسها على الساحة، على خلفية تداعيات جائحة كورونا، بالإضافة إلى تقييمه للمشهد التشكيلي المحلي، وتقييمه لأعمال الجيل الصاعد من الفنانين، انطلاقاً من خبرته الفنية المتراكمة. وتالياً تفاصيل ما دار:

*ما فكرة معرضك الجديد “انتباه”، والذي سيتم افتتاحه اليوم، والرمزية التي يشير إليها؟
**المعرض هو انتباه لعين الفنان الفاحصة التي تدرك الجمال وتستلهم الشكل، كما قال الفيلسوف الهندي أوشو: (عندما ترى الجمال في الحياة فإن القبح يختفي.. وعندما تعيش الحياة ببهجة فإن الحزن يختفي).

*آخر معرض لك كان بعنوان “شخابيط عتيق.. إضاءة العتمة”، في عام 2019، وحمل قدراً كبيراً من الجرأة، فما الذي اختلف عنه المعرض الجديد؟
**معرضي الجديد “انتباه” يحمل فلسفة تحوي بداخلها جرس إنذار للعالم أجمع يشير إلى الخطر القادم نتيجة (المخلفات)؛ وهو ما لاحظته خلال مشاهداتي اليومية لها في رحلتي الأخيرة لمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما الشق الآخر من تلك الفلسفة التي يرمز إليها المعرض، فهي تلك الدعوة الخاصة للتفاؤل، إلى جانب التحدي الأكبر بالنسبة لي في كيفية انتزاع الجمال من تلك المخلفات، وإرسال رسالة للجميع للتنبيه بذلك الخطر القادم، عبر الأعمال الفنية التي يقدمها المعرض، وما تحمله من جماليات.

تجربة فنية
*هل يعني ذلك أن هذه التجربة الفنية اكتملت ملامحها خلال إقامتك في أمريكا؟
**هذه التجربة الفنية لم تكتمل في نيويورك أثناء برنامج الإقامة الفنية لعام ٢٠٢٠، وذلك لأسباب تتعلق بتداعيات كورونا(كوفيد-١٩)، إلى أن تم استكمال ذات التجربة في الدوحة.
وهنا أؤكد، أن فكرة المعرض تمس العالم أجمع وهي خطوره النفايات على البشر والحيوانات والبيئة، حيث نحرص من خلالها – نحن الفنانين – على لفت انتباه المجتمع تجاه هذه الآفة، وذلك بغرض تحويلها إلى نقطة جمال، بما يسهم في المشاركة ولو بشكل بسيط من جانبنا نحن الفنانين.

* وهل يعد المعرض الجديد امتداداً لمشروعك “إضاءة العتمة”؟
** بالطبع، فإن هذه التجربة تختلف عن سابقتها من تجارب ولكن في الوقت نفسه تبقى الروح وطريقة التركيب والكولاجات، وخاصة مع استخدام خامات مختلفة وورق من القطن الطبيعي، وهي عناصر بسيطة تستكشف أفكار الزمان والمكان.

العرض المباشر
*هل الأعمال التي تم إنتاجها خلال هذا المعرض، يمكن اعتبارها إحدى مخرجات أزمة كورونا؟
** هذا المعرض تم إنتاج أعماله خلال سنة تقريباً، وتضمنها بالطبع الحجر، نتيجة تداعيات كورونا، غير أن فكرة المعرض ليس لها علاقة بموضوع الكورونا (كوفيد-19).

*أمام حرصك على إقامة المعرض مباشرة، وعرض لوحاته أمام المتلقي، هل يعكس ذلك موقفك الرافض من المعارض الافتراضية، على خلاف ما يذهب إليه كثيرون، وخاصة منذ تداعيات الجائحة؟
** كما تعرف أنا لا أحبذ المعارض الافتراضية. وذلك لعدم وضوح العمل الفني وعدم التركيز عليه من المتلقي كونه متحركا ويجب العمل على أن يكون ثابتا للتمعن والاستمتاع به وهذا المعرض ولله الحمد تحت رعاية برنامج الإقامة الفنية الدولية، والذي ينظمه مطافئ: مقر الفنانين، الذي أعطاني الفرصة للخروج والاحتكاك بفنانين ومتاحف ومعارض ومتابعة لقيمين ونقاد في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.

جرأة فنية
*وهل حرصت خلال أعمال معرضك الجديد على الاستمرار في نهجك التشكيلي بتحويل اللوحة الفنية من الأسلوب الكلاسيكي إلى الآخر المعاصر؟
**نعم لوحاتي العتيق دائما لوحات غير نمطية، إذ إن فيها من الجرأة والخروج عن المألوف ويصاحبها فكر معاصر وأتمنى بالفعل أن تحوز اعجاب المتلقين، لتكون بمثابة حذر من المستقبل في وجود مثل هذا الكم من النفايات والبلاستيك بشكل خاص.

*في أعمالك يبدو الجنوح إلى الشكل واضحاً، وذلك بكل ما يحمله من قيم جمالية، فهل شكل ذلك تحدياً أمامك لتقديمه إلى المتلقي في صورة إبداعية تعمل على استقطابه؟
** من الطبيعي أن الأعمال التجريدية والتركيبية والتي لم تتعود عليها العين كمنظر طبيعي تتطلب تكوينا خاصا حتى ينجح العمل الفني وهذا يأتي من خلال الخبرة والتمرس وأيضا اليوم العمل المعاصر كسر قوانين كثيرة، ويتم طرحه مثل هذه الأعمال بأريحية ودون تكلف.

*أمام خبرتك الفنية الطويلة، التي كان محصلتها رئاستك السابقة للجمعية القطرية للفنون التشكيلية، وكذلك إطلاعك على أعمال الفنانين من الجيل الصاعد، ما تقييمك لهذه الأعمال؟
**هناك جيل قادم من الشباب القوي المتعلم الأكاديمي وسوف يتبوأون مناصب كبيرة، وذلك بعد حصولهم على شهادات فنية عليا، وهذا دليل على اهتمام الدولة وحرصها على تقديم جيل جديد للمجتمع بأفكاره وأطروحاته وإفساح المجال له، وهناك جهود كبيرة تقوم بها “مطافئ” عبر برنامج الإقامة الفنية، والتي لها دور فعال في دعم الشباب وإيفادهم للخارج سواء كان في فرنسا أو أمريكا أو الاحتكاك مع نخبة من الفنانين في دول العالم.

مسيرة فنية

يُوصف الفنان التشكيلي محمد العتيق بأنه “سفير السلام والثقافة”، وهو اللقب الذي لقبته به منظمة جسور للسلام والثقافة في كاليفورنيا عام 2016، وذلك نتيجة لأعماله التشكيلية المتنوعة، التي تراكمت على مدى السنوات الماضية، وتم عرضها في العديد من المعارض الفنية العربية والدولية. فيما يُعرف أن محمد العتيق سبق له أن ترأس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية خلال الفترة من 2006 إلى 2013. كما أنه تمكن من حصد العديد من الجوائز داخل وخارج الدولة، ويتمتع بعضوية العديد من الصروح الفنية، كما أنه المنسق العام لأتيليه الأصمخ الدولي للفنون، والمنسق العام لجماعة الفنون التشكيلية، التي أقامت حتى الآن قرابة ثلاث رحلات فنية، قام أعضاؤها بالرسم مباشرة في الهواء الطلق، داخل وخارج الدوحة.

تثقيف الفنان

*ما رأيك في تسرع البعض لإقامة بعض النوافذ التشكيلية للمعارض الفنية؟
**لا توجد إشكالية الآن في وجود مثل هذا الكم من القنوات الثقافية التي من المفترض قبل الركض خلف إقامة المعارض أن يكون هناك تكثيف لإقامة الندوات والمحاضرات والورش الفنية التي تسهم في تثقيف الفنان قبل المضي في التفكير في إقامة المعارض.

*في هذا الإطار، ما تقييمك للمشهد التشكيلي المحلي في الوقت الراهن؟
** أتمنى أن يوظف هذا النشاط في حراك فني بإضافة برامج للندوات الدولية وإقامة الورش ودعوة القطاع الخاص لتبني أفكار الفنانين وتنفيذها بشكل يليق، وهو الأمر الذي حتماً سوف يسهم في تطور الفن التشكيلي المحلي.

المصدر: الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى