«مرقاة قطر» تحتفي بفن الخطابة العربية

أقيمت الجلسة الأولى من مُبادرة «مرقاة قطر للخطابة العربية» التي أطلقها الملتقى القطري للمؤلفين، بالتعاون مع مُختصين في اللغة العربية وعلومها وآدابها وفنونها من دولة قطر. وفي بداية الجلسة شرح الدكتور أحمد الجنابي، الخبير اللغوي وأحد المُشرفين على المُبادرة عن علاقة الخطابة بدولة قطر، مُشيرًا إلى أن الخطابة تحتاج إلى جو من الحرية لكي يُبدع الخطيب، ويُطلق لسانه، ويُعبّر عن رأيه بلا تردّد ولا تخوف ولا تحسّب، وهذه البيئة للأمانة لا يجدها الخطيب إلا في قطر، فهو في بلد يكفل حرية التعبير، وبلد يُؤمن بالرأي والرأي الآخر، وبلد يعتمد لغة الحوار منهجًا في سياسته، وهذه كلها تجعل للخطيب مُطلق الحريّة أن يخطب في أي موضوع شاء من غير إساءة أو تجاوز أو مساس بالآخرين، وهذه آداب كلامية عامة مطلوبة في الخطابة وفي غيرها، فلغة الخطابة لغة منطقية مُحترمة ومُهذّبة، وتنتهج الفصاحة والبلاغة، وتتصف بالجزالة والأصالة. وأشار الجنابي إلى أن الخطب في «مرقاة قطر» ستكون بأوقات مُحدّدة، فالخطب الارتجالية ستكون في دقيقة واحدة، وأما الخطب النقدية فلا يُسمح للناقد بتخطي الدقيقتين، وأما الخطيب الحافظ فإن المرقاة تتيح له ثلاث دقائق، وإذا انتقلنا إلى الخطيب القارئ فالمرقاة تتيح له أربع دقائق، ولا يغتفر الخطأ في الخُطب المكتوبة لأن الورقة ستكون أمام الخطيب، فاللحن هنا غير مسموح كبقية الخطب. مُضيفًا: سيكون أمام كل خطيب 20 موضوعًا تجمع بين التراث والمُعاصرة، فهو خطيب اليوم، بلغة التراث الأصيلة، التي نسعى إلى إحيائها من جديد، فبها سادوا وتميّزوا وذُكروا إلى يومنا هذا.

مهارة الخطابة

وقال محمد الشبراوي: «إن الحديث أمام الجمهور مهارة ضرورية للكاتب والمؤلف، ولا يستغني المُبدع عن الترويج لمُنتجه الأدبي والثقافي، ومن مُنطلق أنه الأولى بعرض بضاعته وتقديم مادته؛ فإنه أحوج ما يكون لإتقان مهارة الحديث إلى جمهوره، فضلًا عن اكتساب جمهور جديد، و»ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب».

الارتجال

بدوره أكد أحمد الدودح، مدرس اللغة العربية، على أن: الخطابة فن من الفنون العربية استخدمه الجاهليون قبلًا، وكان الخطيب مُرتجلًا، مُشيرًا إلى أنه من المُهم تعويد طالب المدرسة على، كيف يخطب؟، وكيف يتكلم دون اللجوء إلى الكتابة؟، وأوضح أن الارتجال يكون من خلال القراءة والرجوع إلى مصادر الارتجال.

النقد اللفظي

فيما قال خليل محفوظ، وهو أحد المُهتمين بالخطابة والتراث الأدبي العربي بخصوص الخطب النقدية: إن النقد في اللغة هو: فنُّ تمييز جيِّد الكلام من رديئه، وصحيحه من فاسده، لكن اصطلاحًا هو نقد الكلام وغربلته ونخله وتمييز غثه من ثمينة سواء كان هذا الكلام منطوقًا أو مكتوبًا، مُوضحًا أنه سيتم تسليط الضوء على جانب من هذا النقد وهو الملفوظ، حيث يجب على الناقد أن ينقد الخطبة لا الخطيب من خلال مناهج عدة مُعتبرة، فالنقد لا يختص بإبراز نقاط الضعف دون غيرها، وإنما يذكر أيضًا مراكز القوة في الخطاب.

الخطيب الحافظ

أما الخطيب الحافظ فقد أكد خالد الأحمد على أن الشرط الأول والأساسي للخطيب الحافظ هو التخلص من رهبة الوقوف أمام الناس، فمهما بلغ حفظك ستتلجلج طالما لم تتخلص من الخوف على الإطلاق، وأكد أيضًا على أهمية القراءة، وفسّر أن لكل إنسان طريقة في الحفظ، والأمر الآخر للحفظ هو أن تقرأ النص بصوت مُرتفع مرات عديدة حتى تصبح مُفردات النص بديهية لك، ثم احفظ الأفكار أكثر من المُفردات كي تستطيع أن تكمل الخطبة، والأمر الآخر هو الإكثار من المران، فالتحضير لخطبة مدتها ساعة يحتاج 60 ساعة، وأيضًا الخطبة المحفوظة لها تأثير أكبر.

الخطيب القارئ

وقال الأستاذ محمد طه، المُهتم بالأدب العربي وفنونه، في مشاركة له عن الخطب المكتوبة: «إن الخطيب القارئ من الواضح أنه يقرأ من نص موجود أمامه، فأحيانًا قد يكون الشخص حديث عهد بالخطابة فيستعين بالنص المكتوب، وفي حالات أخرى قد يكون الشخص مُتحدثًا بارعًا، ولديه خبرة طويلة؛ ولكن لأهمية النص كالنصوص الأدبية أو الدينية يجب أن تُقرأ كما هي، وأيضًا في الإعلام تستخدم الخُطب المقروءة، إلى جانب بعض الدول التي تُكتب بها خطبة الجمعة خوفًا من أن يتطرق الخطيب إلى أمور سياسية، أو ينحرف إلى أمور تضر بأمن الدولة، ولكن مهما كان الخطيب القارئ مُتمكنًا لا يغني هذا عن الارتجال. و»مرقاة قطر» تطلب من المُشاركين على مدار العام تقديم 20 خطبة في كل جادة إلى جانب قراءة 10 كتب من الكتب التي اختارتها لهم مرقاة قطر للخطابة بعناية.

المصدر: الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى