الكاتبة مريم ربيع الأنصاري لـ الشرق: الساحة الأدبية بحاجة إلى معايير تجنباً للوقوع في فخ التكرار

حوار: طه عبدالرحمن

تستعد الكاتبة مريم ربيع الأنصاري، لإصدار رواية جديدة لها، لتضاف إلى رواياتها السابقة، الأمر الذي يطرح أسئلة حول طبيعة هذا العمل المرتقب، وما إذا كانت ستحرص على جعل إبداعها قاصراً على هذا اللون الأدبي، فضلاً عن الأسباب التي تدفع بكثير من المبدعين إلى حصر إنتاجهم في الأعمال الروائية.
مثل هذه الأسئلة، طرحتها الشرق على الكاتبة مريم الأنصاري، لتؤكد حرصها على التنوع فيما تقدمه لقرائها، ساعية من خلاله لتقديم قصص مشوقة تجذب إلى قراءة إنتاجها، حرصاً منها على تحقيق أحد أهدافها في الكتابة بترسيخ العادات الحميدة.
ولم يغفل اللقاء التوقف عند انعكاسات التوظيف الفني للأعمال الأدبية، وما إذا كانت الرواية يمكن أن تشكل تطوراً إيجابياً في حياة الملتقين، إلى غير ذلك من محاور جاءت في سياق الحوار التالي:

*ما الفكرة التي ستحرصين على إبرازها للمتلقي من خلال روايتك المرتقبة؟

** أعتمد في روايتي المرتقبة على الحبكة والتوليفة لربط القصص الواقعية الاجتماعية التي تمثل الواقع الذي نعيشه، وترجمته على الورق حتى تكون الاستفادة أكثر عندما يتم بلورته أمام القارئ. ومن أهدافي الرئيسة في الكتابة، ترسيخ العادات الجميلة التي تربيت عليها من خلال دور الأسرة المترابطة، والمحبة والوفاء والقيم الأخلاقية، وذلك بطريقة قصصية مشوقة تجذب القارئ، وبالنسبة لي أحب التنوع في القصص، وكل من قرأ قلمي يعرف النهج الذي أتبعه في كل قصة.

واقع اجتماعي

*وما “التكنيك” الذي سعيتِ إلى تأكيده خلال هذا العمل.. بما يجعله متمايزاً عما سبقه من روايات؟

** في السنوات الماضية، كان هناك ركود في القراءة، أو بالأحرى القراءة الورقية، ولكن عندما لاحظنا اتجاه الشباب للقراءة، وجدت ضرورة في أن نجذبهم بأشياء تمثل الواقع الاجتماعي، وترسخ لديهم ما يمثله كل مجتمع يعيشون فيه.
ولا شك أنه حسب كل وقت، وما يحتاجه يتغير نهج الرواية، ومن ذلك روايتي الأخيرة”نشتاق لرؤياهم”، حيث جسدت وجودي في إيطاليا، وروما تحديداً، وخاصة مع انتشار جائحة كورونا هناك، وقتها تغير جزء من روايتي، بما مكنني من ربطها بأحداث العالم، ولتكون أيضاً ذكرى للأجيال القادمة.

*هل إنجازك لثلاث روايات يعني أن إبداعكِ أصبح منحصراً في هذا اللون الأدبي؟

** نعم، لأن هدفي الأول والأساسي، توجيه رسائل هادفة، وقد تكون مبطنة من خلال الطريقة القصصية، حيث لا يخفى أننا عندما كنا صغاراً، كانت هناك الكثير من القصص تُحكى لنا، وكنا نتشوق لسماعها، وكانت تؤثر فينا بشكل إيجابي، وبالتالي لم نكن ننساها بسهولة.

ذاكرة المتلقي

*في هذا السياق، ما تفسيركِ بأن الرواية أصبحت هي العمل الأدبي الأكثر استحواذاً على إنتاج المبدعين؟

** يرجع ذلك إلى الرسائل الإنسانية التي تشد المتلقي، وهنا يكون جمالية العمل، بأن يكون متنوع الأفكار والأحداث في الرواية، خاصة أنه عندما نطبقها في عمل فني، فإنه يجذب فضول المشاهد لمتابعة أحداث هذا العمل. أما التكنيك فيكون في كيفية استعراضه لشخصيات العمل بطريقة مدروسة.
مثل هذه الأعمال الأدبية تبقى في ذاكرة المتلقين، لأنها تخلق شعوراً لديهم في حل بعض المشاكل التي نطرحها من خلال الرواية، ولذلك، فإن الرواية هي مفتاح العمل الأدبي.

* مع اتجاهكِ لكتابة سيناريو لحلقات مسلسل روايتك “ابتدينا صدفة وانتهينا عمر”، هل يعني هذا تحولاً جديداً في مسيرتك الإبداعية؟

** كان ذلك حلماً، إلى أن أصبح حقيقة على أرض الواقع، عندما يختار العمل الروائي وتطبيقه لمسلسل، هنا نرى أنه عندما خضت في قضايا الحياة، فإننا بذلك نقتحم نوافذ البيوت لتراها، وهنا نكون ما رسمناه على الورق تم بنجاح لنقله، ومن ثم نلفت إليه انتباه الجميع.

*برأيكِ ما الخيط الفاصل بين إنتاج المبدع لعمل روائي، ثم يقوم هو بنفسه بكتابة سيناريو له ليتم توظيفه في عمل فني؟

** هنا أحتاج إلى أصل التخصص في هذا الموضوع، حتى لا يفقد العمل جماليته، ولذلك أتعاون مع شخص متخصص في كتابة السيناريو بالشكل الذي يتفق مع أحداث الرواية التي أضيفها له، إذ إنه عندما يتحول العمل الأدبي إلى آخر فني، فإنه يحتاج إلى أحداث جديدة، وشخصيات أكثر.

توظيف فني

*وهل تعتقدين أن التوظيف الفني للعمل الأدبي يمكن أن يتناغم مع فكرة وسردية العمل ذاته؟

** نعم بكل تأكيد، فعندما نقدم شيئا مختلفا للآخرين، فإن هذا يدفعني لأكتب وأقدم أفكاراً ورؤى إيجابية لأمور معينة قد تسهم في تحقيق الفائدة للجميع، فالنجاح يتحقق عندما يلامس الكاتب الواقع بشفافية وبأسلوب واضح، فالأعمال التي تجسد الواقع ربما تكون بين سطورها رسالة ما، فتشكل مخرجاً لحياتهم.

* وهل هناك تفكير في الجهة المنتجة لهذا العمل أو الاستقرار على نجومه؟

** الجهة المنتجة حالياً أحجب ذكر اسمها، إلى أن تتم جميع الأمور، وفي خلال الأيام القادمة سنحدد الشخصيات التي ستشارك في هذا العمل.
وأود أن أتطرق بالقول إنه يجب أن نخدم النص بطريقة صحيحة، حتى لا يؤثر العمل الفني على الرواية بشكل سلبي من ناحية السرد، وكذلك حتى لا يكون العمل مكرراً، بحيث لا يتعرض المشاهد للملل، وخصوصاً أن المسلسل للزمن القديم.

معايير إبداعية

* أمام طيف الإبداعات المحلية هل ترين ضرورة في “غربلة” هذا المشهد لتكون الغلبة لأصحاب المنتج الجيد؟

**طبعا، لابد من تحديد معايير محددة يمكن الاستناد إليها، وفرزها من خلال طرح قضايا ومواضيع وأفكار غير مستهلكة، بما يمكنها أن تشكل إضافة يستحق أن يتابعها المتلقي، حتى لا نقع في فخ التكرار والتقليدية.

* وأخيراً.. ما تقييمك للمشهد الثقافي إجمالاً؟

** أتمنى تشجيع الفئات العمرية في الكتابة، حتى تتوسع المدارك الثقافية، وخاصة في موضوع كتابة الدراما المحلية.

تفاعل القراء

*في روايتك “أنثى على حافة الحلم”، هل يمكن توصيفه بأنه خطاب أنثوي مشترك، دون أن يتجاوزه إلى الرجال؟

**هو خطاب مشترك للطرفين، إذ إنه من خلال هذه الرواية أتفاعل مع أصحابها، وأشعر بمعاناتهم، كما أن الرسالة من خلال هذه الرواية تقديم الحلول التي تفيدنا في الحياة من خلال الرحمة والتفاهم والحب والتقدير، وكذلك من خلال العزف على وتر المشاعر والعواطف، وخصوصاً أنها مقروءة من جميع الفئات العمرية.

* وبرأيك، هل يمكن للرواية أن تشكل تطوراً إيجابياً في أوساط القراء؟

**بالطبع، وهنا أذكر أنه من خلال روايتي”أنثى على حافة الحلم” شكرني أحد الأشخاص، عندما كان مقدماً على الطلاق، وقد ذكر لي أنه من خلال روايتي وطريقة سردها أدخلته إلى عالم المرأة وأسلوبها، وعندما واجهته المشكلة مع نسق الأحداث وتبسيطها، رأى المشكلة من زاوية أخرى، وبالتالي تم حل المشكلة، وهذا هو نجاح للكاتب، عندما يرى تأثيره الإيجابي على القارئ.

المصدر: الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى