الوباء وجدل العدوى في التراث العربي

هيثم الأشقر:

تستضيف المكتبة التراثية بمكتبة قطر الوطنية يوم الاثنين المقبل، الدكتور معتز الخطيب، أستاذ المنهجية والأخلاق في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، وذلك ليستكمل مناقشة مجموعة من نصوص التراث العربي المتصلة بالوباء والطاعون من زوايا نظر مختلفة، والتي سبق للمكتبة تناول زوايا أخرى منها في فعاليات سابقة، ومناقشة مقال منشور بالموقع الإلكتروني للمكتبة. وتأتي هذه المحاضرة بالتزامن مع يوم المخطوط العربي، والذي يوافق يوم 4 أبريل من كل عام، وتسعى هذه المحاضرة إلى تقديم قراءة تحليلية للمخطوطات الكلاسيكية حول الطاعون، ويحاجج فيها معتز الخطيب لإثبات أن هذه الأدبيات يمكن أن تُدرج اليوم ضمن ما نسميه الموضوعات المتعددة التخصصات، وأن هذه المنهجية كانت سائدة في الكتابات الكلاسيكية، وتقدم أدبيات الطاعون نموذجًا واضحًا عليها، حيث يجتمع فيها الطبي التجريبي، والحديثي النقلي، والكلامي، والفقهي، والأخلاقي، ويستعرض المحاضر أعمالاً خطيَّة مُحدَّدة ليستخلص منها القضايا المركزية التي يناقشها، وهي تدور في الجملة حول مسألتين مركزيتين: الأولى، تفسير الطاعون والجدل بين التفسيرات الدينية والطبية التجريبية، والنقاش حول الفرق بين الوباء والطاعون، وما يستتبع ذلك من الحديث عن العدوى، والأجر المترتب على من يموت بسبب الطاعون أو في زمنه. والثانية، مواقف المسلمين أثناء الأوبئة، وما يتصل بذلك من الدخول والخروج على أرض الطاعون، وأداء الشعائر الدينية الجماعية وغير ذلك. يدير المحاضرة ويُمهد لها بمقدمة في الموضوع، محمود زكي، أخصائي المخطوطات بالمكتبة. ويعتني في تقديمه خاصةً ضمن عددٍ من النصوص، بمخطوطتين تقتنيهما المكتبة التراثية، وهما: «بذل الماعون» لابن حجر العسقلاني و«مجِنَّة الطاعون والوَباء» لإلياس الإسباني، التي ألَّفها للسلطان العثماني بايزيد الثاني. جدير بالذكر أن الطاعون شكّل الوباءَ الأبرز تاريخيًّا؛ إذ كان يصيب العالم القديم على نحو متكرر وشبه منتظم، حاصدًا مئات الآلاف من الأرواح. تكثَّفت الكتابة عن الطاعون بشكل مستقل منذ الطاعون الكبير أو الطاعون الجارف (749ه/‏‏1348م)، حتى شكل نوعًا خاصًا يمكن أن نطلق عليه، لكثرة المصنفات العربية فيه؛ أدبيات الطاعون.

وإذا كان قد طُبع ونُشر بعضها، فإنه لا يزال العديد منها مخطوطًا، وهي جميعًا تعكس كيفية تفاعل النُّخبة العلمية «وخاصة الفقهاء والمحدثين» مع هذه الجائحة التي عجز الأطباء عن تشخصيها تشخيصًا دقيقًا وعن معالجتها أيضًا، ومن ثم وقعت توترات بين المرجعيتين الطبية التجريبية والدينية النقلية.

المصدر: الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى