مواجهة متخيلة بين “سميحة أيوب” و”سناء جميل”

“البصمة الفنية” هي العلامة المميزة لأسلوب أداء كل فنان، وهي التي تميز أداءه وكيفية تناوله لأدواره عن أسلوب أداء باقي زملائه. وهي تعتمد بدرجة كبيرة على تكوينه الشخصي وموهبته الفطرية وثقافته العامة، وأيضًا على دراسته وخبراته، ولذا تصعب مقارنة فنان بآخر، حتى وإن انتميا إلى الجيل نفسه، وعملا في إطار الظروف ذاتها. ومع ذلك يطيب للجمهور ولبعض النقاد أيضًا عقد المقارنات بين النجوم، وقمم الفن لإظهار مدى كفاءة وتميز بعضهم، والتعبير عن إعجابهم الشخصي بأعمالهم. مع مراعاة مدى اختلاف الظروف الانتاجية والمناخ العام والسياق التاريخي والاجتماعي والفني بكل مرحلة انتاجية وبكل عمل على حدة.
وتستهدف هذه السلسلة من الدراسات إلقاء الضوء على مجموعة الإسهامات المتميزة لبعض نجوم الفن العربي مع محاولة رصد أهم ملامح وسمات البصمة الفنية لكل منهم.
وتمثل كل من الفنانتين القديرتين: سميحة أيوب وسناء جميل قمة من قمم الأداء التمثيلي العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث شاركت كل منهما بتميز في تجسيد عدد كبير من الشخصيات الدرامية الخالدة التي ارتبطت بوجداننا وذاكراتنا على مر الزمان.

النشأة والبدايات الفنية

على الرغم من اختلاف بعض التفاصيل الخاصة بنشأة كل من الفنانتين إلا أن هناك كثيرًا من الخطوط العريضة المتشابهة في الظروف الاجتماعية الخاصة بكل منهما، لعل من أهمها الانتماء إلى أسرة محافظة تنتمي للطبقة المتوسطة وترفض اشتراك ابنتها في التمثيل، كما كانت بداية تعلقهن بالتمثيل من خلال المسرح المدرسي، ومتابعة الأعمال الدرامية بالإذاعة، ثم نجاحهما في الالتحاق بالمعهد العالي للتمثيل، ثم الانضمام أثناء الدراسة إلى الفرقة المصرية الحديثة للتمثيل.

سميحة أيوب مع حمدي غيث في “أنطونيو وكليوباترا”

والفنانة سناء جميل من مواليد 27 إبريل عام 1930 بمركز ملوي بمحافظة المنيا في صعيد مصر، وهي ابنة أسرة مسيحية، وقد انتقلت في طفولتها مع أسرتها إلى القاهرة، والتحقت بإحدى المدارس الفرنسية، وواصلت دراستها بها حتى المرحلة الثانوية. لكن تعلقها بالفن كان سببًا في القطيعة مع عائلتها.
أما الفنانة سميحة أيوب فهي من مواليد 8 مارس 1932 بحي شبرا بالقاهرة.
وقد انضمت كل منهما إلى المعهد العالي للتمثيل لصقل الموهبة بالدراسة، وبالفعل تخرجت سميحة أيوب ضمن الدفعة السادسة (عام 1952)، في حين تخرجت سناء جميل ضمن الدفعة الثامنة (عام 1954). وخلال فترة الدراسة اختارتا لنفسيها اسمًا فنيًا بسبب رفض الأهل لمشاركة ابنتهم في المجال الفني؛ فأصبحت الطالبة سميرة عثمان هي الفنانة سميحة أيوب، كما أصبحت الطالبة ثريا يوسف عطا الله هي الفنانة سناء جميل، وأيضًا من أوجه التشابه بينهما أن سميحة أيوب تزوجت من الأديب سعد الدين وهبة في بداية ستينات القرن الماضي (1962)، كما تزوجت سناء جميل من الكاتب الصحفي لويس جريس في منتصف الستينات.

أولًا- الإسهامات المسرحية:

على الرغم تعدد مشاركات النجمتين في جميع القنوات الفنية لكن يبقى المسرح هو المجال الرئيسي للمواجهة بينهما، فهو مجال الدراسة والتخصص والتألق وقبل كل هذا العشق الأول لكل منهما، ولقد بدأتا العمل الاحترافي أثناء فترة الدراسة بالمعهد العالي للتمثيل بتشجيع من الرائد زكي طليمات على الانضمام لعضوية فرقة “المسرح المصري الحديث” التي بادر بتكوينها من خريجي وطلبة المعهد العالي للتمثيل في إطار الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى عام 1950.
وبالنسبة للفنانة سميحة أيوب فبخلاف نجاحها في الإدارة كأول امراة تدير فرقة من مسارح الدولة لأكثر من عشر سنوات (لكل من فرقتي: المسرح الحديث والمسرح القومي)، وبخلاف تجربتيها في الإخراج (مقالب عطيات، وليلة الحنة) يبقى دورها الأساسي في تجسيد عدد كبير من الشخصيات الدرامية (فيما يقرب من 170 مسرحية)، نجحت في أن تبث فيها من روحها لتحولها إلى شخصيات حية تتنفس وتتفاعل وتؤثر فينا، فمن يمكنه أن ينسى أدوارها الخالدة: “كليوباترا”، “كليمنسترا” (في أجاممنون)، “فيدرا”، “أنتيجونا”، “جروشا” (في دائرة الطباشير القوقازية)، “إيلينا” (في الخال فانيا)، أو أدوارها التاريخية: “إيزيس”، “نفرتيتي”، “رابعة العدوية”، “جليلة بنت مرة (في الزير سالم)، “ست الملك”، “ولَّادة” (في الوزير العاشق)، “صفية” (في دماء على أستار الكعبة)، “الغانية” (في السلطان الحائر)، وكذلك أدوارها المعاصرة: “سلمى” (في الفتى مهران)، “إيمي” (في وطني عكا)، “مبروكة” (في الصفقة)، “خضرة الفلاحة” (في كوبري الناموس)، “سلمى الغجرية” (في السبنسة)، “سوسو الفنانة” (في سكة السلامة)، “عزيزة” (في بير السلم)، “فاطمة” (في المسامير)، “الأم” (في الناس إللي في الثالث)، وذلك بخلاف أدوراها الرائعة في “أهل الكهف”، “الذباب”، “المومس الفاضلة”، “الشبكة” (أو “صعود وهبوط ماهاجونى”)، “الخديوي”، “الساحرة”، وجميعها أدوار مركبة وقد تبدو الأبعاد الدرامية لبعضها متناقضة تماما مع مثيلتها لبعض الشخصيات الأخرى، ولكنها مهارات وخبرات الممثلة التي تستطيع أن تصهر جميع الشخصيات في بوتقة تجاربها وتعيد تشكيلها من جديد طبقا لطبيعة الدور، فتمنحها حياة جديدة تحقق التواصل مع المتلقي ليشعر بنبضاتها. وبعض هذه الأدوار قامت بتقديمها على خشبات أكبر مسارح العالم في عدد كبير من المهرجانات العربية والدولية.
أما عن الفنانة سناء جميل فقد استطاعت منذ أول أدوارها المسرحية أن تلفت إليها الأنظار بأدائها لشخصية شبيبة بمسرحية ابن جلا (تأليف محمود تيمور، وإخراج زكي طليمات)، والتي كانت مسرحية الافتتاح لفرقة “المسرح المصري الحديث”. وطوال مسيرتها المسرحية والتي قامت خلالها ببطولة اثنين وخمسين مسرحية، وذلك حتى آخر عروضها المسرحية عام 1992 ببطولة عرض زيارة السيدة العجوز (للكاتب العالمي فرديريش دورينمات، ومن إخراج محمد صبحي). فضلًا عن بعض التجارب المهمة مثل تقديمها لعرض “مونودراما” بعنوان الحصان (من تأليف كرم النجار وإخراج أحمد زكي). والحقيقة أنها أجادت اختيار أدوارها ولذلك فقد حرصت علي العمل مع كبار المخرجين المسرحيين (وفي مقدمتهم زكي طليمات، فتوح نشاطي، نبيل الألفي، نور الدمرداش، عبدالرحيم الزرقاني، سعيد أبو بكر، كمال ياسين، جلال الشرقاوي، سعد أردش، كرم مطاوع، السيد بدير، حسين جمعه، محمد عبد العزيز، ومحمد صبحي)، كما حرصت علي تنويع أدوارها، كما في: رقيقة هانم في الناس اللي فوق، أنيسة في سلطان الظلام (1958)، جيسكا في الأيدي القذرة (1959) رجاء في صنف حريم (1960)، ليدي ماكبث في ماكبث، جمالات في الدخان (1962)، شمس النهار لتوفيق الحكيم، نونو في المهزلة الأرضية (1965)، شهر زاد (1966)، عواطف في نور الظلام (1971)، المرأة أو الرأي العام في ليلة مصرع جيفارا، د. أميمة القناوي في الحصان (1980) وذلك بالإضافة إلى مشاركتها لجميل راتب في بطولة رقصة الموت لاسترندبرج (1978)، والتي قدمت باللغة الفرنسية.
وبصفة عامة يحسب لها تنوع أدوارها بين التراجيديا والكوميديا ولذلك لا يمكن أن ننسي أدوارها الكوميدية الرائعة في زهرة الصبار، الصعلوكة، كباريه، وبعروض فرقة “ابن البلد” مع الفنان محمد رضا، وكذلك ببعض مسرحيات فرقة إسماعيل يس.

سناء جميل في مسرحية “شهرزاد”

وهنا أشير إلى تلك الصداقة العميقة التي ربطت بين الفنانتين الكبيرتين منذ البدايات وحتى آخر أيام الفنانة سناء جميل، فقد كانت علاقتهما تسودها المودة والألفة، فمرحلة البدايات بفرقة “المسرح المصري الحديث” شهدت تعاونهما معا في أكثر من عرض مسرحي مثل: المتحذلقات، في خدمة الملكة، دنشواي الحمراء، ست البنات، شروع في جواز، نزاهة الحكم، سقوط فرعون، دموع إبليس، ثورة الموتى، عودة الشباب، الأيدي القذرة، قصة مدينتين، كما شهدت مشاركتهما في بعض المسرحيات التي قدمت بنظام مجموعة العمل الثنائية التي تتقاسم أيام العرض، فتم تحقيق التنافس بينهما في تقديم الشخصية نفسها كما في مسرحيات: دون جوان، الشيخ متلوف، كدب في كدب.
وتحتفظ الذاكرة المسرحية بموقف طريف يوضح مدى براعة كل منهما، فقد شهد عام 1966 تحمل المخرج كرم مطاوع لمسئولية إخراج عرضين في موسم واحد وهما مسرحيتي: “أجاممنون” لمسرح الجيب، و”شهرزاد” للمسرح القومي، وكان الدكتور لويس عوض مترجم مسرحية “أجاممنون” يصر على أن تقوم الفنانة سناء جميل بدور كليمنسترا زوجة أجاممنون، في حين أن الكاتب الكبير توفيق الحكيم مؤلف مسرحية “شهرزاد” اختار الفنانة سميحة أيوب لبطولة المسرحية، ولكن كرم مطاوع كان له رأي آخر وأصر على تنفيذه، وهو قيام سميحة أيوب بتجسيد شخصية كليمنسترا، وقيام سناء جميل بتجسيد شخصية شهرزاد، ونجح في إقناعهما بذلك، لتحتفي الحركة النقدية وكذلك الجمهور بنجاح رؤية المخرج الذي أثبت مهارة كل من الممثلتين.

ثانيًا- الأفلام السينمائية:

ومما لا شك فيه أن لكل قناة فنية لغتها الخاصة ومتطلباتها وبالتالي يكون لها نجومها وأعلامها. وإذا كانت السينما هي لغة الصورة فإن فترة خمسينات وستينات القرن الماضي قد شهدت تطورًا كبيرًا في الأداء الدرامي على الشاشة الفضية وبرز خلالها أسماء عدد كبير من النجمات وفي مقدمتهن: فاتن حمامة، ماجدة، شادية، مريم فخر الدين، هند رستم، زهرة العلا. وشهدت هذه الفترة ذاتها تألق ونجومية القديرتين، خصوصًا على المسرح، كما سجلت بداية أعمالهما السينمائية، ففيلم “شاطئ الغرام” (من إخراج هنري بركات) عام 1950 هو أول الأفلام التي شاركت فيها سميحة أيوب كما شهد أولى مشاركات سناء جميل في فيلم “أنا بنت مين” (إخراج حسن الإمام). وخلال مسيرتها السينمائية شاركت سميحة أيوب في بطولة أو تجسيد بعض الأدوار الثانوية بعدد أربعة وأربعين فيلما، أحدثها “الليلة الكبيرة” عام 2015، في حين شاركت سناء جميل في بطولة أو تجسيد بعض الأدوار الثانوية في خمسة وستين فيلما، آخرها “اضحك الصورة تطلع حلوة” عام 1998 (من إخراج شريف عرفة).
وتتضمن المسيرة الفنية لسميحة أيوب مشاركتها في تجسيد بعض الشخصيات الرئيسة ببعض الأفلام المهمة، ويمكن أن نرصد تميزها في تقديم الأدوار الدينية (مثل شخصية أم هاشم بفيلم فجر الإسلام) والأدوار الكوميدية (شخصية سوسو في أرض النفاق، والجدة راوية في تيتة رهيبة)، وكذلك تألقها في تجسيد شخصية ابنة البلد (في فيلمي إفلاس خاطبة، أرض النفاق)، والمرأة الريفية (جفت الأمطار)، والمرأة الآرستقراطية (بفيلم تيتة رهيبة).
وكذلك تتضمن المسيرة الفنية لسناء جميل مشاركتها في تجسيد بعض الشخصيات الرئيسة بعدد كبير من الأفلام المهمة ويمكن رصد تألقها مع المخرجين الكبيرين (صلاح أبو سيف، يوسف شاهين)، وكذلك مدى التنوع الكبير في الأدوار التي قدمتها وتميزها في تجسيد الأدوار الدينية (مثل شخصية سمية بفيلم الرسالة)، والشخصيات المركبة المعتمدة على ملامح نفسية (فاطمة بفيلم المستحيل، نائلة بفيلم فجر يوم جديد، علية صاحبة الفندق بفيلم المجهول)، وكذلك الشخصيات الريفية (حفيظة الزوجة الأولى بفيلم الزوجة الثانية)، والمرأة الشعبية المطحونة (نفيسة بفيلم بداية ونهاية، أم الخير بفيلم البدرون)، وذلك بالإضافة إلى شخصيات المرأة الأرستقراطية (قسمت هانم بفيلم السيد كاف، لطيفة هانم شوكت باشا بفيلم سواق الهانم). وقد أبدعت في تجسيد شخصية المرأة القوية المتسلطة (سواء كانت مسئولة أو مثقفة أو أرستوقراطية)، كما أبدعت بنفس القدرة والكفاءة في تجيد شخصية المرأة المغلوبة على أمرها (سواء كانت ريفية أو صعيدية أو من سيدات المدن الساحلية).

ثالثًا- الدراما التليفزيونية:

بدأ الإنتاج الدرامي بالتليفزيون المصري عام 1962 وهي فترة التألق لكل من النجمتين وكان من المنطقي أن يعتمد التليفزيون على نجوم المسرح المصري، خاصة وأن نظام العمل آنذاك كان يتطب تصوير الحلقة كاملة دون توقف – لعدم وجود المونتاج– وبالتالي كان ممثلو المسرح هم الأقرب إلى طبيعة العمل بهذا الأسلوب، ويحسب للفنانة سميحة أيوب مشاركتها في تلك المرحلة بمجموعة من أهم المسلسلات ومن بينها: خيال المآتة تأليف زكريا الحجاوي، وإخراج نور الدمرداش (1964)، الضحية تأليف عبد المنعم الصاوي، وإخراج نور الدمرداش (1964)، كما يحسب للفنانة سناء جميل مشاركتها في أحد أهم المسلسلات التي حققت جماهيرية كبيرة بمرحلة البدايات وهو: هارب من الأيام من تأليف ثروت اباظة وإخراج نور الدمرداش (1963).
وقد أتاحت لهما الدراما التليفزيونية الفرصة كاملة لتقديم عدد كبير من الشخصيات الدرامية المتنوعة، فشاركت سميحة أيوب في بطولة أكثر من 120 مسلسلا وسهرة تليفزيونية ومنها: خيال المآتة، الضحية، الساقية،، أنهار الملح، سيداتي آنساتي، عصر الحب، مصرع المتنبي، الكتابة على لحم يحترق، سقوط الخلافة، الخيول تنام واقفة، السيرة الهلالية، سعد اليتيم، حكاية شفيقة ومتولي، ذو النون المصري، مملوك في الحارة، المشربية، ولسه باحلم بيوم، الضوء الشارد، المصراوية، أميرة في عابدين، الطاووس، سكر زيادة، ساعة ولد الهدى، محمد رسول الله.
كذلك تضمنت قائمة الأعمال التليفزيونية للفنانة سناء جميل مشاركتها في أكثر من 60 مسلسلًا وسهرة تليفزيونية ومن بينها: هارب من الأيام، أيام المرح، عيون، سيداتي آنساتي، الراية البيضا، الأخوة زنانيري، أزواج لكن غرباء، دعوني أعيش، خالتي صفية والدير، ساكن قصادي، صباح الخير يا جاري، سور مجرى العيون، البر الغربي، ضبط وإحضار.

رابعًا- الدراما الإذاعية:

يعتمد التمثيل الإذاعي بالدرجة الأولى، بخلاف اعتماده على مهارات الإلقاء ومخارج الألفاظ السليمة والقدرة على التمثيل الصوتي والتعبير عن مختلف المشاعر، على نبرات الصوت المميزة، بحيث يتحقق ذلك الوصف الشائع لصوت الممثل الإذاعي بأنه “صوت لا تخطئه الإذن”، والحقيقة أن كل من الفنانتين القديرتين تمتعا بتلك الصفات بدرجة كبيرة، لذا كان النجاح والتميز في الدراما الإذاعية حليفًا لهما في فترة مبكرة من حياتها الفنية، خاصة وأنهما أجادتا التمثيل باللغة العربية الفصحى بنفس درجة إجادتهما للتمثيل باللهجة العامية.
وتتضمن قائمة الأعمال الإذاعية لسميحة أيوب أعمال مثل: سمارة، عودة سمارة، أمارة بنت سمارة، صابرين، أم كلثوم،، حتى النهاية، آخر إنذار، ابتسامة في بحر الدموع، الأم الثانية، أم الأولاد، حنان الأمهات، حماتي في القمر، أولاد حارتنا، بنات حارتنا، ملحمة الحرافيش، أين تذهب أمي؟، الأبالسة، ذئاب ورجال، الثعبان، الباب المغلق، المملوك الشارد، أيام عاصفة، أيامنا الحلوة، زهرة الياسمين، زهور لا تذبل، عازف الجيتار، عطا الله، عنبر سبعة، راحت مع التيار، عندما تغيب الشمس، عندما بكى الشيطان، قصر الشوق، قبل الرحيل، ليلة الفرح، قصة الشقيقات الثلاث، وللحب أجنحة، المسيرة الطاهرة، وذلك بالإضافة إلى البرنامجين الشهيرين: شخصيات تبحث عن مؤلف، من المسرح العالمي.
وتتضمن قائمة الأعمال الإذاعية للفنانة سناء جميل أعمال مثل: عروسة لزوجي، مذكرات الأسطى علي، ثم عاد الربيع، أبلة شوشو، الجاهزين قوي، كلاب الحراسة، مغاوري غاوي مغنى، قصر الشوق، ضبع الليل، بنت الدلال، الدكتور عصبي، صورة نادية، فين العريس، مطلوب خدامة، رجل وامرأة، الولد الشقي، مذكرات المعلم شعبان، عفريت البلد، حضرة الوكيلة، أذكى رجل في العالم، صباح الخير يا جاري، زقزوق وأولاده في العيد، الإمبراطور أبو الدهب، الشيطان والخريف، الصبر في الملاحات، حكاية الدكتور مسعود، تقاليع الستات، امرأة من حديد، كلمني عن بكره، مراتي عصبية، غدا أو بعد غد (آلة الزمن)، شخصيات تبحث عن مؤلف.

حصاد المواجهة

ومن خلال ما سبق يمكننا رصد الحقائق التالية:
أولًا: بالنسبة للمقارنة على المستوى الكمي نجد أن الفنانة سميحة أيوب قد ساهمت في إثراء حياتنا الفنية بأكثر من 400 عملًا أي بما يقرب من ضعف عدد الأعمال التي ساهمت فيها الفنانة الراحلة سناء جميل التي قدمت ما يقرب من 250 عملا.
ثانيًا: إذا كان هناك ارتباطًا وثيقًا بين كل من المستويين الكمي والكيفي، فإنني من خلال هذه المواجهة يمكنني رصد تساوي مستوى المشاركات الفنية في مجالي الدراما التليفزيونية والإذاعية.
ثالثًا: وفي مجال السينما يمكنني رصد تميز الفنانة سناء جميل بعدد الأفلام المهمة التي شاركت ببطولتها وخاصة من خلال تعاملها مع العملاقين صلاح أبو سيف (بدية ونهاية، الزوجة الثانية)، ويوسف شاهين (فجر يوم جديد)، وكذلك مع نخبة من المخرجين المتميزين ومن بينهم هنري بركات، حسام الدين مصطفى، أشرف فهمي، عاطف الطيب، شريف عرفة، وأيضا المخرج العالمي مصطفى العقاد.
رابعًا: وفي المسرح يمكننا رصد التفوق الكبير لسميحة أيوب على كل من المستويين الكمي والكيفي، خاصة مع تعدد مجالات إبداعها (التمثيل والإدارة والإنتاج والإخراج)، ونسجل لها مشاركتها الثرية مع نخبة كبير من المخرجين المتميزين الذين يمثلون مختلف الأجيال، وكذلك مع أربعة مخرجين أجانب (الروسي لسلي بلاتون في مسرحية “الخال فانيا” عام 1963، والألماني كورت فيت في مسرحية “دائرة الطباشير عام “1967، الفرنسي جان بيير لاروي في مسرحية فيدرا عام 1975، البريطاني برنارد جوس في مسرحية أنطونيو وكليوباترا عام 1978)، مما أهلها للحصول في فترة مبكرة (عام 1969) على لقب “سيدة المسرح العربي”.
خامسًا: بصفة عامة يمكن رصد ذلك التميز والتفوق الكبير لسميحة أيوب في أداء النصوص الشعرية (باللغة العربية الفصحى) وتجسيد شخصيات المرأة القوية سواء كانت لبعض الملكات التاريخيات أو لبعض الشخصيات المعاصرة، وذلك في حين تميزت سناء جميل في تجسيد الشخصيات الدرامية المركبة التي تعتمد في أدائها على تجسيد المشاعر النفسية المعقدة، والتعبير عن الخلجات الداخلية المتناقضة.
سادسًا: تمثل كل منهما قمة النضج وذروة التوهج في الأداء المسرحي بدءًا من منتصف القرن الماضي، حيث تمثل كل منهما أعلى مراتب الموهبة والخبرة التي صقلت بالدراسة (من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية)، فمثلتا مرحلة متطورة في الأداء المسرحي عن جيل الرائدات (روز اليوسف، فاطمة رشدي، زينب صدقي، دولت أبيض، أمينة رزق، زوزو نبيل، فردوس حسن). هذا وبالرغم من موهبة عدد من النجمات بعدهما (ومن بينهن: عايدة عبد العزيز، رجاء حسين، سهير البابلي، محسنة توفيق، مديحة حمدي، سميرة عبد العزيز) فإن أي منهن لم تنجح في الوصول كمًا أو كيفًا إلى مستوى هاتين القمتين.

مجلة فنون الجسرة – العدد 01 – ربيع 2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى