الباصرةُ تَمْقُلُ والخيالُ يَنقُل

نظرة المستغرب على مجتمع المستشرق بعد انفضاض المؤتمر

ظاهرة طالما شغلتني، هي حركة الأفراد من الشرق إلى الغرب من خلال كتابات الرحالة التي عنيت بها وما أزال، ولكن أيضاً من خلال علامات وموضوعات وظواهر نجمت عن حركة الأفراد الذين سافروا من الشرق إلى الغرب ممثلا في أوروبا بصورة خاصة. منذ ما قبل الحملة الفرنسية على مصر التي خلقت ظروفا ودوافع لضروب أوسع من سفر العرب والشرقيين إلى أوروبا: ملوكاً وسلاطين، وأمراء ومندوبين وعلماء وطلاباً مبتعثين، وصولاً إلى السياح والمغامرين المتطلعين إلى معرفة الآخر واكتشاف الجديد.
تسعفنا المدونة الأدبية العربية بمتون لا حصر لها كتبت أولاً كوصف جغرافي، وأخبار عن أمم وأقوام ومدن وثقافات (خصوصا نصوص جغرافيي القرون: 9 – 10 – 11، كالمقدسي، والغرناطي، وابن حوقل، والمسعودي، والبيروني، والدمشقي وغيرهم)، وثانياً كيوميات تصف حركة المسافر ومشاهداته، وانطباعاته في ديار الآخرين قريبة وبعيدة (بدءاً من القرن 12 وحتى فجر القرن الماضي، كابن جبير وابن بطوطة والحجري والموصلي والعياشي والمكناسي، وصولاً إلى الطهطاوي والشدياق والمراش وهم بعض فرسان الرحلة العربية في القرن التاسع عشر الذين ميزوا أنفسهم باتخاذ أوروبا وجهة لهم للتعرف على أسباب نهضة الأمم الأوروبية، وهؤلاء كانوا في غالبيتهم دعاة تغيير في بلدان الشرق التي شهدت نوعاً من الاستنقاع الحضاري بفعل تعاقب نظم شمولية فاسدة أخضعت المحكومين لخلطة عجيبة من تحالف “الأرض” و”السماء”).
أتوقف اليوم عند مثقف من مصر، قام برحلات إلى أوروبا قبل أن يتم الخامسة والعشرين من العمر، ولقب بـ”شيخ العروبة” من قبل حتى أن يشيب، لما كان له من حضور بارز مبكّر بين مثقفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر. هو أحمد زكي النجار (1867 – 1934)، عاصر كبار أعلام النهضة العربية كرفاعة رافع الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا ومحمد كرد علي، تأثر بهم وأثّر فيهم، أما الباشوية فقد خلعها عليه الخديوي عباس حلمي الذي كان من أكبر المتحمسين له. ولد في الإسكندرية لأسرة تعود أصولها إلى مدينة يافا بفلسطين، وهناك من يعيد أصولها البعيدة إلى المغرب. تلقى تعليمه بالقاهرة، وتخرج في مدرسة الإدارة سنة 1887. درس فنون الترجمة وأجاد اللغة الفرنسيّة أيما إجادة، فكان كاتبا وباحثا وخطيباً بارعاً في لغة موليير إلى جانب إلمامه بالإنكليزية والإيطاليّة وبعض اللاتينيّة.
تعتبر يوميات أحمد زكي باشا المدونة ما بين (1892 – 1893) على إثر رحلاته الأوروبية (سأقصر حديثي هنا على رحلته إلى إنكلترا) من بين أفضل ما دوّنه كاتب عربي في مطلع العقد الأخير من القرن التاسع عشر. وذلك لما تمتّعت به تلك اليوميات من دقة وموضوعية ورصانة، ولما أورده في سطورها من انطباعات لا تصدر عن دهشة بالغرب ولكن عن تقدير، وقد احتوت على وصف ومعلومات وملاحظات وأفكار رصدت جوانب عديدة من ملامح النهضة في إنكلترا. وتكتسب اليوميات أهميتها الاستثنائية من نباهة شخصية صاحبها وموقعه الثقافي الفاعل في مصر، وقد انعكست ثقافته الرفيعة ونظرته الثاقبة، ونزوعه التنويري في ذكاء التقاطه لكل شاردة وواردة في أوجه الحياة الحديثة في أوروبا وما بلغته من تطوّر ورقيٍّ في شتّى الميادين وعلى كل صعيد اجتماعي واقتصادي وعلمي وثقافي وسياسي وعمراني. وعبّرت يومياته في إنكلترا عن نضج وموضوعية لافتين وعن ذهنية منفتحة على الجديد، وفي خاطره، طوال الوقت، تلك الأسئلة الشاغلة لما ينبغي على الشرقيين، والعرب على نحو خاص، استلهامه من نهضة الغرب وعلومه الحديثة، وما يمكن أخذه عن الغربيين، أو تركه، غير عابئ أو كلف بما كان يراه المثقفون التقليديون في عصره من اختلاف ثقافي، أو ديني أو اجتماعي بين الشرق والغرب، فما من حاجز يحول دون توثّب فكره وانفتاح نظرته على كل جديد.

* * *

بلغة جزلة ولمّاحة يدوّن أحمد زكي باشا سطور يومياته، وهو إذ يعتبر في مدونته عن باريس أنها “جنة الدنيا” كما رآها من قبله رفاعة رافع الطهطاوي، فإن إنكلترا التي لم يتح للأخير زيارتها، كانت في نظر أحمد زكي باشا وبتعبيره “موسوعات العالم”، وهو ما يرسم، من وجهة نظره، الفرق بين جديد ونظيره، وتطلع ومثيله، على رغم السباق الحضاري الحادث يومها بين الفرنسيين والإنكليز.
ولم يترك الرحالة مزيداً لمستزيد، فهو يستكشف ويراقب ويصف كل ما يقع تحت بصره من مظاهر الحياة الإنكليزية، من حركة الناس في الشوارع، إلى حركة القطارات ووسائل النقل المختلفة، إلى المصانع، والمناجم، والمختبرات الطبية، والبنوك، ودار البورصة، والأسواق التجارية، والمتاجر الكبرى، والمطابع، ودور الصحافة، والحياة البرلمانية، وشركات السياحة، والفنادق، ملاحظاً أوقات العمل وأوقات الراحة. ونراه يمعن في وصف الكنائس والقصور وطرز العمارة ونظام الحدائق، ويزور المعارض، والمتاحف والمسارح والملاهي ويرتاد المطاعم والمقاهي والنوادي، مستطلعا الصغيرة والكبيرة، بما في ذلك عدد القطارات أو عدد رجال الشرطة، بل وكم ثور، وكم خروف، وكم طائر، وكم خنزير تستهلك المدينة يومياً، ملاحظاً مظاهر الفقر والغنى والطبائع والعادات، وهو لا يهمل أن يصف العلاقات بين الرجال والنساء، وطرائق الزواج، ووضع المرأة في المجتمع، ومكانتها في سوق العمل، حتى ليبدو لك وكأنه مخرج فيلم وثائقي لا يريد أن يُفلت خيطاً من الخيوط التي تتيح له التعرف على مصادر التطور والعظمة، وما تتأسس عليه نهضة الإنكليز من عناصر القوة، بما في ذلك اجتهاد الأفراد وأدوار الجماعات.

* * *

عرف عن أحمد زكي باشا أسفاره الكثيرة شرقا وغرباً، فطاف أوروبا وولايات الدولة العثمانية ليس لمجرد ولعه بالسفر، ولكن لما كان يجنيه من فوائد علمية وما كان يجمعه من مخطوطات ومؤلفات أدبية عربية وبلغات أخرى، ولما كان يتيحه له السفر من توثيق علاقته بالشخصيات والهيئات الثقافية والعلمية في العالم العربي والعالم، مستفيدا من كونه موظفاً كبيراً في الإدارة المصرية وقريبا من رأس الدولة الخديوي عباس حلمي الذي كان يكنّ له إعجابا لافتاً بثقافته وكفاءته فقرّبه منه، وإلى جانب عمله في سكرتارية رئاسة الوزراء أعطاه الحرية والإمكانات لتأسيس الهيئات الثقافية ووضع البرامج العلمية للدولة، وأتاح له المجال لينشط في تحقيق المخطوطات بكفاءة كبرى إلى جانب إسهامه البارز في تحديث اللغة وقواعد الكتابة العربية. وهو يلتقي في ذلك مع كبار المثقفين في بلاد الشام في إطار “المجمع العلمي العربي بدمشق” أول المجامع اللغوية العربية، وقد ارتبط بصداقة قوية مع أعضاء المجمع المؤسسين من أمثال محمد كرد علي، عبدالقادر المغربي، عيسى إسكندر معلوف، الشيخ طاهر الجزائري. إلى جانب صداقته لكبار مثقفي عصره الفاعلين كأحمد تيمور باشا في مصر، والأب أنستاس الكرملي في العراق.

* * *

كان الهدف من زيارة أحمد زكي باشا إلى لندن هو تمثيل مصر في مؤتمر المستشرقين (عقد في لندن ما بين الـ5 والـ12 من أيلول/سبتمبر) إلى جانب كلّ من اللغوي الأزهري الشيخ محمد راشد، ومدير الكتب خانة الخديوية الألماني كارل فولرس (Karl Vollers) وقد اختاره لهذه المهمة الخديوي عباس واستقبله في قصره قبل السفر، ومما نقله الرحالة عن هذا اللقاء في مقدمة رحلته: إنَّ بعضهم اعترضَ على تعييني في هذه المأمورية العلمية العليّة بأنّي ما زلت في دور الشبيبة والفتوَّة، فأجاب بلفظه الفاخر المنيف “إنَّ هذا هو ذات الواجب عين الصواب، فإنّ زكي مِن نوابِغ الشبان، وبه يمكننا أن نبرهِن لعلماء أوروبا على أنَّ عندنا مِن الشبان مَن يجارونهم في ميادين الفضل والعرفان”.
غادر الرحالة القاهرة يوم الـ14 من أغسطس سنة 1892، وعاد إليها يوم الـ14 من فبراير سنة 1893، فاستغرقت رحلته في أوروبا ستة أشهر، زار خلالها روما وباريس ولندن ومدريد ولشبونة. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها إلى أوروبا. أما إقامته في إنكلترا فقد استغرقت منه شهراً وواحداً وعشرين يوماً.
وصل أحمد زكي إلى إنكلترا قادما من إيطاليا عبر فرنسا، قبل نحو أسبوعين من انعقاد المؤتمر، وبعد انفضاضه، تجول طويلا في لندن، وقام بالسياحة في مدن أخرى كبرمنجهام، ديزني، ليفربول، لنجوثلن، شستر، ليودع الجزيرة البريطانية عائدا إلى باريس عبر ميناء دوفر. مواصلاً من هناك رحلته الأوروبية.

* * *

نشرت رحلة أحمد زكي باشا أولا في الصحافة المصرية، وكان يرسلها من أوروبا بالبريد على شكل رسائل ذات عناوين، جرياً على عادة من سبقه من الرحالة، فاكتملت حلقات نشرها قبل عودته إلى مصر. فكان على حد تعبيره يكتب “بين حلّ وترحال” ولم يعتم أن أخرجها في كتاب تحت عنوان “السفر إلى المؤتمر” أضاف إليه فصولا لم يكن أنجزها خلال السفر، وظهرت للرحلة في حياة مؤلفها طبعتان تحت العنوان نفسه، الأولى سنة 1893، والثانية سنة 1894 وإذا كانت ضالته التي نشدها من تدوين رحلته “العناية بتخييل ما شاهده العيان مِن المناظر الشائقة والمرائي الرائقة تخييلا تتجلَّى به للقارئ موائل يتقرّاها بيده ويسبرها بساعده، فإنني حاولتُ أن أمثِّل له تأثير الحسِّ وانفعال النفس، إذ الباصرةُ تَمْقُلُ، والخيالُ ينقل، والمفكرة تخبُر، والضمير يَسبُر، فتنفعلُ الحواسُّ فتملي على اليراع“، فإن لجوءه إلى تدوينها يوما بيوم، كان الهدف منه استقبال صدمات المعرفة بالجديد في لحظيّتها، وما كان منها موافقاً معارفه السابقة عن المكان وأهله وزمانه، أو مخالفاً لها، وذلك من خلال نقل المشاهدات والانطباعات والخواطر من دون تأخير. من المفيد أن نشير هنا إلى ما أورده أحمد زكي باشا في الطبعة الثانية من كتاب رحلته، ممّا يضيء على الظروف والحيثيات التي أنجز فيها رسائله، يقول “أخذتُ على نفسي قبل السفر أن أمضي نهاري في التنقُّلِ مِن مكانٍ إلى مكان، أصعدُ إلى أعالي كلِّ مدينةٍ نزلتُ بها، وأدخل في جميعِ آثارِها، وأطوفُ كلَّ شوارعها، وأزورُ كافَّة متاحِفها، وبالجُملةِ أشاهدُ كلّ ما يمكنُ مشاهدته في اليوم، وأقضي شطراً من الليل، ليس بقليل في إتمام ما يتسنَّى أو تلزمُ رؤيتَه بالليل، وتعليق المفكّرات وكتابة البريد”.
ولا يخفى على القارئ ما تشي به هذه القطوف من رائق اللغة ونضير الكلام، فرحّالتنا الشاب الذي كان قد اشتهر بأبحاثه اللغوية المتعمقة، وانشغاله في تحقيق كتب التراث الأدبي، إنما صب يوميات رحلته بلغة جذابة، وسرد مشوق يجعلانه واحداً من أهم الناثرين العرب في زمانه، ولا غرو فهو صاحب قاموس ثرّ، ومعرفة بأسرار البيان الأدبي، فضلا عمّا يتمتع به من ثقافة واسعة في التراث الأدبي العربي، والآداب الأجنبية.

* * *

من المؤكد أن أحمد زكي باشا رجع من رحلته الأوروبية، وقد امتحن جملة من الأفكار والتصورات التي كان يحملها عن الغرب، وأضاف إلى ثقافته ومعارفه عبر الاتصال المباشر ما جعله يعيد النظر ببعض الأفكار والمسائل المتعلقة بالحياة الحديثة في أوروبا، وبما يمكن، من ثمّ، أن يأخذ الشرقي عن الغرب، وما يمكن أن يطرحه المثقف من المسبقات الثاوية في الذهن الشرقي عن حقائق التجربة الأوروبية.
ولا يغفل أحمد زكي باشا، وهو المتحمس للحداثة الغربية، عن تناقضات الحياة في المدن الصناعية الكبرى، فهو يلحظ بنظر ثاقب ذلك التفاوت الطبقي السائد، معبراً عنه بفقر مدقع مقابل ثراء فاحش، فلا وجود ملحوظاً للطبقة الوسطى، يقول “إنّ الباحث المدقِّقَ لا يرى في أيِّ نقطة في الكون منظراً أبشعَ ومشهداً أشنعَ مِن الفقر الذي أناخَ بكلكَلِهِ على جانبٍ عظيمٍ مِن سكّان لوندرة، فإنّ ذلك المنظر يُوجبُ لوعة وألماً لا يضاهيهما شيء مِن الأحزان لقربه مِن تلك الثروة الطائلة وتلك النعمة الكاملة الآخذة في النّماء والازدياد، بقدر اشتدادِ وطأةِ الفاقة وتناهي الإعسار، فهلا يرى الناظر بعد ذلك أنّ هذه المدينة قد تفرّدت بالجمع بين الأطراف وانعدم فيها الوسط في كلِّ أمرٍ”. وها هو يصادق على ما قاله الشاعر الرومنطيقي شلي في وصف لندن “إنَّ جهنَّم المستَعِرَة أشبهُ بمدينةِ لوندرة”.
لا بد أن نلاحظ تلك الثقة بالذات الحضارية التي ينتمي إليها الكاتب، عندما يشير في مكان آخر، إلى موقع الشرقي من الغربي في اختلافهما الحضاري والثقافي “حررت ما حررت وأنا أنظر الأشياء بِعيْنَي مصريٍّ بحت، ينفعلُ بانفعال المصريين ويكتب للمصريين، فلم أعبأ بقول مُصنفٍ غربيّ، ولم ألتفِت إلى نبأِ مؤلِّفٍ عربيٍّ”. ويضيف “لم يكن لي مِن مُعتَمَدٍ في استكناهِ الحقائقِ واستجلاءِ الماهيات، سوى شعوري المصري الخالص مِن أثر الشوائب”، ولكن، دائماً وأبداً بأمانة الباحث عن حقيقة الشيء في ماهيته قبل هويته، وعبر “الاستفسار ممَّن يُوثَقُ بعمله وخبرتِه مِن أهل هاتيك الديار”.

* * *

بعد سبع سنوات سيضع أحمد زكي باشا كتابه الرحلي الثاني والأخير تحت عنوان “الدنيا في باريس”، وسنقرأ في خاتمة الكتاب ما يجعلنا نتعرف أكثر على طبيعة نظرته الفكرية، فهو داعية تجديد وتحديث جذريين في الحياة الاجتماعية والثقافية لمصر والشرق، ومثقف طليعي يدعو إلى تحديث المجتمع عن طريق الأخذ عن الغرب في ميادين الفكر والعمل، ولا يضيره أن يجد نفسه في مواجهة مفتوحة مع أهل الرجعة والفكر الماضوي، مادام يرى في هذا الخيار نافذة على المستقبل للأجيال الجديدة “جريتُ في التعبير على أسلوب جديد، لا يروق المتمسكين بتقديم التقاليد، الغافلين بمنهاجهم القديم العقيم، عمّا حدث في العالم من التقدم العظيم. ومن المعلوم عند الخاص والعام أن رأي هذا الفريق العتيق لا يهمّني على الإطلاق؛ فإنما الحكم للاستقبال! وحسبي أنني فتحت هذا الباب، وستقرعه الناشئة التي عليها وحدها مدار الآمال! فإنما الزمان سائر إلى الأمام، وكل أمة لا تجاري حركة التقدم في مضمار الأفكار، وقفت في سبيل الحياة والعمران، وحاق بها الخسار والبوار”.
وإن كنا آثرنا في هذا المختار أن نسافر صحبة أحمد زكي باشا في الديار الإنكليزية، فلنا، لاحقاً، في منتخبين آخرين من أسفار ذلك الشاب اللامع رحلة في فرنسا، وأخرى في الأندلس.
ختاماً أقول: إن أحمد زكي باشا لا يتطرق في كتابه “السفر إلى المؤتمر”، إلا بصورة عابرة إلى الهدف الذي سافر لأجله إلى أوروبا، فلم يذكر، إلا ببضعة سطور، تلك المهمة الموكلة إليه في محفل جمع لفيفاً من أبرز المستشرقين الذين انبهروا بحضوره في المؤتمر، وبات بعضهم من أصدقائه الخلّص. فهو أراد لقارئه أن يسافر معه، ليرى من خلال عينيه المُشعَّتين ذكاء، وانتباهات فكره الثاقب، أوروبا التي رأى.
يا لهذه الأمة التي حضها أحمد زكي باشا على النظر إلى الأمام، حتى لا يحيق بها البوار، فهي ما برحت تمشي بأبنائها في التيه، ولا تريد لعيونهم أن تنظر إلا إلى الوراء.

لندن في تشرين الثاني/نوفمبر 2021

 

مجلة “الجديد”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى