أول طلة

إبراهيم خليل الجيدة
Latest posts by إبراهيم خليل الجيدة (see all)

بهذا العدد ٥٩ نودع عام ٢٠٢١، ولم نشأ أن نودعه إلا بنقلة نوعية في التحرير والإخراج، بحيث تظل الجسرة على حيويتها، نقطة ضوء من نادينا العريق تتوسع، ولا تطمئن أو تركن إلى الثبات، لتكتون جزءًا من إشعاع نادي الجسرة المستمر.

من ملامح التجديد التي ستلمسها عزيزي القارئ توسيع مشاركات الأدباء والنقاد والمترجمين من دولة قطر ومختلف الدول العربية، والانفتاح على أجيال جديدة من الكاتبات والكتاب. ومن ملامح هذا التجديد كذلك التنوع والتوازن بين الرؤى النقدية والفكرية وإثارة القضايا الثقافية، لتواصل الجسرة أدوارها كنافذة لقرائها من المحيط إلى الخليج على ما يجري من أحداث وظواهر ثقافية وتحليل تلك الظواهر وآثارها.

هكذا نفتتح العدد بملف حول ظاهرة من الخطورة في غاية، إذ تتعرض الكتابة وخصوصًا الكتابة الأدبية في عصر التسويق والإعلان إلى تحديات لم تكن مطروحة على الكاتب من قبل. دور النشر وشبكات التوزيع الكبرى تدفع بالكتابة إلى أن تصبح حرفة وصنعة، وتحوِّل الكتاب إلى سلعة والقارئ إلى «زبون» يجب إرضاؤه. وقد شاركت وسائل التواصل الاجتماعي في تحويل هذا الزبون إلى ناقد عبر صفحته الشخصية أو جماعات القراءة. بعض القراء تحولوا إلى نجوم يقودون أذواق غيرهم من القراء. في الملف نطرح القضية ونناقشتها من وجوهها المتعددة.

وفي هذا الإطار كان لا بد أن نلاحظ أن عام ٢٠٢١ كان عامًا لأدب قارة أفريقيا، فبالمصادفة كانت الجوائز الأدبية الكبرى من نصيب أدباء أفارقة، وإن كانوا يكتبون بلغات أوروبية، وتحديدًا الإنجليزية والفرنسية.

هذا الفوز، وإن كان يسجل تغييرًا في نظرة الأوروبيين وقدرتهم على تقبل الآخر، ويمثل كسبًا لدول أفريقيا التي تعاني أزمات متعددة، إلا أن السؤال يظل قائمًا حول موقع أدبنا العربي وآداب اللغات المحلية لقارتي آسيا وأفريقيا من الجوائز الكبرى التي تحمل صفة العالمية، بينما هي أوروبية في أساسها وتثبت ذلك النسبة الكبيرة لعدد الأوروبيين الفائزين بجائزة نوبل منذ بداية منحها عام ١٩٠١ إلى اليوم. في العدد ملف يتضمن كل شيء عن المتوجين الأفريقيين هذا العام.

ولأن هذا العام لم يرحل دون خسارات، يتضمن هذا العدد مقالا للفنان أحمد عزالعرب حول حياة الراحلة جاذبية سري وتحولاتها الفنية وموقعها من الحركة الثقافية المصرية والعربية وليس من الفن التشكيلي فحسب. عاشت جاذبية نحو قرن من الزمان ورأت في حياتها الكثير من الأحلام والكثير من الانتصارات والانكسارات.

رحلت كذلك إيتيل عدنان، تاريخ آخر من الإبداع شعرًا ورسمًا، يضعنا الشاعر خالد النجار الذي كان مقربًا وجهًا لوجه أمام حياتها وشعرها. وهي قيمة ثقافية عربية كبيرة أخرى، ظلت لعقود طويلة جسرًا للحوار بين الشرق والغرب ونالت اعترافًا عالميًا كبيرًا، وتركت كلمتها في ديوان الشعر العربي والعالمي.

ولا أختتم قبل تهنئة الكاتب السوري الكبير نبيل سليمان، أحد كتاب الجسرة بجائزة سلطان العويس. وهو فوز مستحق على حياة عريضة من الإبداع والنقد والشغب الثقافي.

وأما وعدنا بـ «كتاب الجسرة» فهو بسبيله للتحقق بتوجه في اختيار خط يسد نقصًا حقيقيًا في المكتبة العربية.

مجلة الجسرة الثقافية – عدد 59

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى