«محلاّت».. المكان مُستعادًا بلغة اللون

معرض الفنان الرائد يوسف أحمد بمتاحف مشيرب

الدوحة – الجسرة الثقافية

يستلهم الفنان التشكيلي القطري يوسف أحمد ذاكرة المكان في الدوحة بمعرضه الجديد “محلّات” في بيت محمد بن جاسم بمتاحف مشيرب.

ينقل الفنان الرائد ملمحًا من ملامح مدينة الدوحة القديمة التي خضعت للتحولات، ممثلة في شارع الكهرباء. ويستعيد حقبة مهمة من تاريخ منطقة مشيرب، وخصوصًا المحلات التجارية والمعالم المهمة في الشارع الشهير، ومنطقة مشيرب.

يضم المعرض 4١ لوحة مرسومة بألوان الزيت تجسد عمارة الشارع والمحلات، وتتصدرها أسماء البقالات والمخابز والمطاعم

والأدوات الكهربائية والمغاسل وأستديوهات التصوير والمكتبات والمستلزمات الرياضية ومتاجر البيع بالجملة والأحذية والخياطة، إلى جانب عمارات شهيرة للسكن ومقار الشركات.

سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني والفنان يوسف أحمد يتوسطان عددًا من حضور افتتاح المعرض

افتتح المعرض سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة مساء الأربعاء 24/11/2021 بحضور سعادة الشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني رئيس مركز قطر الفني، والسيد ناصر مطر الكواري الرئيس التنفيذي لمشيرب العقارية، وجمع من الفنانين والمثقفين والإعلاميين.

يصف الفنان يوسف أحمد معرضه “محلاّت” بأنه: وسيلة إبداعية للتوثيق، وأسلوب مبتكر للاحتفاء بالذاكرة الجماعية، فهذه اللوحات الزيتية العديدة تصور إرثًا مهمًا لماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، حيث كان شارع الكهرباء يزخر بالتجارة والنشاط ومن أهم المعالم التجارية في قطر، وربما تغيب على كثيرين من الجيل الحالي تلك المعالم، ولذلك فالمعرض يرسخ الذاكرة الجماعية، ويعطي هذه المنطقة حقها من خلال الفن، لأن الفن ليس مجرد تعبير عن الجمال، بل وسيلة إبداعية للتوثيق.

يحفز الفنان يوسف أحمد خيال الزائر للمعرض والمتأمل في اللوحات، لاستعادة تفاصيل الشارع والمكان، ويستخدم العناوين والأسماء ليتمكن المشاهد من صياغة لحظة اجتماعية مكتملة في ذاكرته، إذ كان الشارع مقصدًا لمعظم أهل الدوحة لقضاء حوائجهم والتسوق والتماس المنافع.

صاغ يوسف معادلًا بصريًا لرمزية الشارع وموقعه في قلب الدوحة، من شكل العمارة في تلك اللحظة وألوان الجدران والنوافذ والأبواب والمنظور الكلي للشارع ليثر في نفس المشاهد عواطف ومشاعر مشبعة بالحنين والذكريات.

يُعتبر الفنان التشكيلي يوسف أحمد رائدًا من رواد حركة الفن الحديث في دولة قطر، وتتجاوز مسيرة عطائه الفني الثلاثين عامًا، أنتج خلالها أعمالًا مستلهمة من بيئته المحيطة تؤكد ارتباطه الوثيق بالثقافة القطرية والتقاليد المحلية، وهو يستخدم مواد مستمدة من بيئته في عمله كالنخيل الذي يصنع منه ورقًا للرسم، والأصباغ التي يستخلصها من تراب الأرض القطرية ليُضفي على لوحاته تأثيرات وطابعًا محليًّا.

وهو يقول عن تجربته: «إنني فنان محلي حظي بميزة دراسة الفن في الخارج، وعندما أنظر حولي في بيئتي أجد الكثير من العناصر التي تثير حماستي وتلهمني».

جاء في موسوعة متحف الفن الحديث: “يُعتبر يوسف أحمد من الفنانين الرواد، لمساهماته المهمة في تطوير الفن الحديث والمعاصر في قطر. ومن خلال مراقبته التطورات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية والتاريخية التي شهدتها بلاده خلال السبعينيات والثمانينيات، أخذ الفنان على عاتقه مسؤولية توثيق تطور ساحة الفن في قطر، باعتباره مستشارًا ومربيًا في مجال الفنون”.

يُعد يوسف أحمد مع فنانين آخرين مثل: جاسم زيني، وحسن الملا، ووفيقة سلطان سيف العيسى، وسيف الكواري، ومحمد الكواري، وماجد المسلماني، ومحمد علي عبدالله؛ الجيل الأول من الفنانين القطريين الذين درسوا الفن في الخارج. بدأت وزارة التربية -آنذاك- تقدم منحًا لأصحاب المواهب لكي يتابعوا دراساتهم في بعض البلدان العربية، مثل العراق ومصر، وأيضًا في إيطاليا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية.

تخرج يوسف أحمد من كلية التربية الفنية في جامعة حلوان بالقاهرة، حاصلًا على شهادة البكالوريوس في الفنون والتربية سنة ١٩76، وأسس مع زملائه في وزارة الإعلام، محمد علي عبد الله وحسن الملا، مجموعة فنية في أواسط السبعينيات، أطلقوا عليها اسم «الأصدقاء الثلاثة».

وثّق في كتابه «الفنون التشكيلية المعاصرة في قطر» (١٩86) سير عدد من الفنانين الرواد المعاصرين، وعرف بالمؤسسات والمنظمات التي كانت تشارك بنشاط في تطوير الفنون التشكيلية في قطر.

حوار بين سعادة وزير الثقافة والفنان يوسف أحمد خلال جولة بالمعرض

في أواسط الثمانينيات، انتمى يوسف أحمد إلى جماعة من الفنانين كانت تضم عبدالرسول سلمان، وحسن الملا، ومحمد خميس، وفؤاد المغربل، وقد أدى لقاء هؤلاء الفنانين إلى تشكيل جماعة دعيت بـ«أصدقاء الفن التشكيلي». وكان الدافع وراء تشكيل الجماعة هو تعزيز التطور الفني في المنطقة من خلال تنظيم معارض متنقلة ضمن بلدان مجلس التعاون الخليجي، مما سهل التواصل بين الفنانين في المنطقة.

مجلة الجسرة الثقافية – العدد 59

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى