لبنة في هذا الصرح

(أول طلة)

إبراهيم خليل الجيدة
Latest posts by إبراهيم خليل الجيدة (see all)

هذا أول أعدادنا في عام جديد، بأمل وتطلع كبير إلى المزيد من الازدهار الثقافي. وقد ودعت دولة قطر العام ٢٢٠١ ثقافيًا بتظاهرتين بالغتي الأهمية، حيث أكمل معرض الدوحة الدولي للكتاب الذي نظمته وزارة الثقافة، والذي بلغ عامه الخمسين من عمره المديد بإذن الله، ليظل عيدًا للكتاب ورئة لمحبي القراءة تجدد الهواء كل عام، حيث بلغت المشاركات هذا ٤٣٠ ناشرًا بالإضافة إلى توكيلات لتسعين دار نشر أخرى، بما يثبت مكانة هذا المعرض لدى الناشرين الذين يراهنون على قرائه من المواطنين والمقيمين.

ومن معرض الكتاب إلى تتويج الفائزين بمؤسسة حمد للترجمة في دورتها السابعة، وقد ترسخت الجائزة عبر سنواتها السبع كمظلة لرعاية المترجمين ومهنة الترجمة التي تعد ضرورة لا غنى عنها في نقل الأفكار والإبداعات العالمية إلى القارئ العربي ونقل الإبداعات العربية إلى العالم؛ فأمة تترجم هي أمة حية.

ويسعى نادي الجسرة، عبر فعالياته المختلفة لأن يكون جزءًا من النشاط الثقافي القطري الرسمي والأهلي المتميز، وأن يكون لبنة في صرح الثقافة الكبير الذي تواصل دولة قطر تشييده. والمجلة بوصفها أحد إنتاجات النادي تسعى للمساهمة في هذا الحراك، ونكون قد نجحنا إذا تمكننا من المساهمة في توسيع دائرة القراءة، بحيث لا تكون «الجسرة الثقافية» مجرد مجلة للنخبة فحسب، ولا أن تتخلى عن دورها في اجتذاب قارئ جديد؛ فالمجلة، أية مجلة هي العتبة الأولى التي تأخذ بيد قارئ جديد والأخذ بيده إلى عالم القراءة الواسع، وتلبي طموحات القارئ المتمرس، فضلًا عن التوازن في إلقائها الضوء على الفكر والإبداع وعلى الأدب والفنون المختلفة. ولابد أن القراء قد لمسوا هذا التحول في العدد السابق، وفي هذا العدد وما يليه من أعداد بإذن الله.

وفي عالم تتقدم فيه صور الاتصال الفوري عبر المسافات بلغة بسيطة وظيفية، وبعض التواصل بين الشباب الآن بلغة الفرانكوآراب، في وقت كهذا لابد أن نتذكر بحنين زمن الرسائل، التي تُكتب بعناية وتُنتظر بشغف، وتقطع المسافات والأيام عبر وسيط يحملها من المرسل إلى المرسل إليه. ويأتي ملف هذا العدد حل الرسائل، وهي جزء من حياة وذكريات أجيال ما قبل السوشيال ميديا، كما أن الملف بدوره رسالة بحد ذاتها إلى الجيل الجديد. رسالة معرفة وتأمل حول مفهوم الرسالة ووظائفها، حول العناية والإتقان، حيث يمكن أن تكون الرسالة نصًا أدبيًا لا يقل عن النصوص والإبداعات الأخرى، بل إن هناك إبداعات في الرواية والشعر تقوم على الرسائل فقط.

تتنوع مواد الملف بين تاريخ الرسائل وأنواعها وبين النقد الأدبي الذي يتعلق بحضور الرسائل في الأعمال الأدبية والأفلام السينمائية، كما توجهت المجلة لبعض الكتاب ليكتبوا رسائل إلى أهم الأشخاص الذين أثروا في تكوينهم الثقافي، من الأم إلى معلم المدرسة، إلى كاتب أو مفكر لم يروه ويودون أن يقولوا له شيئًا.

وبخلاف هذا المحور، تتعدد مقالات العدد حول مختلف الظواهر الثقافية، من الشهادات الأدبية والنقد والفلسفة والسينما والعمارة والفن التشيكلي.

مجلة الجسرة الثقافية – العدد 60

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى