د. حنان الفيّاض المستشارة الإعلامية لجائزة الشيخ حمد: الجائزة أصبحت مرجعًا في الترجمة وتاريخها

توجت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، نهاية ديسمبر الماضي، المترجمين الفائزين في دورتها السابعة لعام 2021، بمشاركة أفراد ومؤسسات معنية بالترجمة من 32 دولة تنافسوا لنيل جوائزها.

جائزة الإنجاز لمؤسسات فكرية تعني بالترجمة من وإلى العربية

د.حنان الفيّاض المستشارة الإعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، خصت “الجسرة الثقافية”،بهذا الحوار الذي أضاءت فيه تعاظم دورها كمظلة راعية لجهود المترجمين ،وأجابت فيه عن أسئلتنا حول حصاد التجربة وما تحقق من وعودها ورسالتها:
– إلى أي مدى حققت الجائزة حلم المترجمين بمظلة راعية لإنتاجهم ورسالة المؤسسين بوصفها جسرًا للحوار الثقافي والتفاهم الدولي؟
بداية أشكر “الجسرة الثقافية”هذا الاهتمام في نقل الشأن الثقافي الوطني عبر صفحاتها وهي مجلة مرموقة في الوسط الثقافي العربي، ونعتز بكونها تصدر من قلب الدوحة… إن الحديث عن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي يعيدني دائما إلى منطلق واحد مفاده أن إنجاز المبدعين في أي مجال كان لا يمكن أن يلقى رواجًا ومن ثم نفعًا إذا لم يحظ بعناية مؤسسية أو متابعة تحفيزية تتولاها جهات مؤمنة بالإبداع، وراعية لأشكاله، وحاضنة له، ويأتي دور جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي مكملًا لأدوار العديد من المؤسسات التي تؤمن بهذه الرسالة العالمية وأثرها على الفكر الإنساني والارتقاء به عبر مد جسور التواصل بين أقطاب الحضارات المختلفة التي أثبتت أنها ذات رسائل سامية تسعى للبناء وتنبذ الهدم.

تصنيف وتأريخ ومسح لواقع الترجمة وروادها وطبيعتها في كل البلدان المشاركة

وعلى صعيد المترجمين فقد لاحظنا في معظم جولاتنا الميدانية للعديد من الدول العربية الآسيوية، شغف المترجمين بهذا الحدث المهم وتقديرهم لهذا الجهد، وكثيرا ما كانت تتردد عبارة: “يكفينا أن هناك جهة ما باتت تلتفت لنا ولدورنا في خدمة الفكر الإنساني”كما حظينا في تلك الجولات بالتعرف على حقيقة عملهم وجهدهم الصامت والصعوبات التي يتعرضون لها ما بين دور النشر، وصعوبات الترجمة وغيرها من مسائل كنا نراها مهمة ونؤمن بضرورة الالتفات إليها. كما ألفت الانتباه إلى تقدير المترجمين لدور الجائزة كونها منصة عالمية يتصلون بها على مدار عام كامل بين استفسارات ومقترحات، ويشهد الموقع الإلكتروني للجائزة تفاعلًا كبيرًا من قبل المترجمين.
– اجتازت الجائزة عقبة كوفيد 19 بتوظيف التكنولوجيا والاستفادة من المنصات الالكترونية لتحقيق التواصل مع المترجمين كيف تُقيّمون هذه التجربة على صعيد المشاركة في بعديها الكمي والنوعي؟
في الحقيقة لم يتأثر عملنا في الجائزة بهذه الجائحة ،لا بل على العكس أجد أنه “رب ضارة نافعة”حيث عززنا التواصل مع المترجمين في الدول المشاركة لغاتها في آخر موسمين بشكل كبير وحققنا انتشارًا واسعًا عبر عقد ندوات افتراضية يشارك بها ما لا يقل عن ستة متحدثين من تلك الدول في كل ندوة يناقشون واقع وآفاق الترجمة بين اللغتين ( العربية واللغة الأخرى…) ويمثل المشاركون أساتذة جامعات وأكاديميين ومترجمين، أسهموا في تقديم عرض شامل لواقع الترجمة لديهم، وأستطيع القول بأن تلك الندوات أسهمت في تقديم تصنيف وتأريخ ومسح لواقع الترجمة وروادها وطبيعتها في كل البلدان المشاركة، وأذكر من تلك اللغات على سبيل المثال ( الأمهرية، الهولندية، اليونانية، الصينية، الأوردية، السواحلية، البنغالية، الكورية، ولغة الهاوسا، الفارسية…) ولولا توظيف المنصات التكنولوجية لما استطعنا أن نصل إلى الجميع ونسمع منهم ونقدم لهم رسالة الجائزة. أضف إلى ذلك حجم الانتشار الذي حققناه للجائزة حيث وصلت أخبارها لأقاصي الأرض وتمكنّا من نشر أخبار الجائزة في صحفهم ومنصاتهم بكل سهولة ويسر، بفضل حماسهم لهذا الحدث السنوي اللافت.

2 مليون دولار لثلاث فئات: الترجمة، والإنجاز، والتفاهم الدولي

– كيف تُقيّمون إنجاز الجائزة في مجال نقل العلوم والمعارف والآداب باللغة العربية إلى اللغات الأخرى؟
لاحظنا في تواصلنا مع المترجمين من مختلف لغات العالم أنهم مهتمون جدًا بالتواصل مع الجائزة لإبراز منجزاتهم العلمية والفكرية خاصة تلك الأعمال المترجمة للكتب النادرة، وهذا في حد ذاته منفعة قيمة تبرز عظمة لغتنا العربية التي وصلت علومها إلى كل مكان، ويمكن القول إن الجائزة توصلت بمعظم المؤلفات في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية والآداب العربية التي نقلت إلى لغات العالم باللغة العربية وفي هذا الجهد وسيلة قيمة لمعرفة المعارف والعلوم التي وصلت الآخر من منجزنا العربي في صوره المختلفة القديمة (التراثية) والحديثة. وأحسب أن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تجاوزت بدورها تكريم المترجمين المميزين إلى دور أكبر بكثير يلخص بأنها مرجع وموسوعة في مجال الترجمة وتاريخها.

د. حنان الفيّاض

– كيف تنظر المؤسسات المعنية بالترجمة إلى دور الجائزة في تعزيز دورها ورسالتها؟
لا شك أن حضور الجائزة في الوسط الثقافي العربي والعالمي كبير حيث إن جميع المؤسسات التي تعنى بالشأن الثقافي والترجمة تحديدًا تهتم جدًا بفتح قنوات التواصل مع الجائزة ،خاصة إذا عرفنا أن واحدة من فئات الجائزة تمنح للإنجاز في اللغات التي ترجمت منها إلى العربية والعكس، وهي فئة تمنح في الأغلب لمؤسسات فكرية تعنى بالترجمة من وإلى العربية، ومنها على سبيل المثال: مؤسسة البيت العربي ومؤسسة ابن طفيل للدراسات العربية (اللغة الإسبانية)، ومؤسسة دائرة المعارف الإسلامية (اللغة الفارسية)، ودار النشر الإسلامي (اللغة المالايالامية)، ومؤسسة النجاشي للنشر والتوزيع (اللغة الأمهرية)، وأحسب أن هذه الفئة تتميز بها جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ولم يسبق- في حدود علمي- أن أدرجت في جوائز خاصة بالترجمة عالميًا. ومما يلفت الانتباه أن العديد من جمعيات الترجمة ومؤسسات أكاديمية ومعاهد ترجمية بادرت بالتواصل معنا في الفريق الإعلامي لكي نعقد بالتعاون معهم ندوات وورش عمل خاصة بالترجمة، في الهند / كيرلا والأردن، وسلطنة عمان، والكويت، وغيرها، وهذا مما يؤكد أهمية دور الجائزة في تصورهم، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على سمعة الجائزة وعلو مكانتها لدى المشتغلين في هذا المجال.

الجائزة تحتفي بمعارف وعلوم وآداب: الأمهرية، الهولندية، اليونانية، الصينية، الأوردية، السواحلية، البنغالية، الكورية، لغة الهاوسا والفارسية

– ما انطباعكم حول ردود الأفعال حول الجائزة ونوعيتها واستمراريتها؟
لا يسعني إلا أن أعتز بما وصلت إليه جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، من انتشار وموثوقية عالية بين وسط المترجمين عربيًا وغربيًا، حيث إنني لمست حجم التقدير الذي تحظى به في الأوساط الثقافية العربية والعالمية، وكان هذا عيانًا لاحظناه في كل جولاتنا العربية والآسيوية للتعريف بالجائزة، وكثيرًا ما سمعت علاوة على عبارات الإطراء، أن النزاهة التي تتمتع بها عملية التحكيم تعد علامة فارقة في مجتمع الجوائز على اختلافها، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على حجم العبء المنوط بلجنة تسيير الجائزة والتزامها الصارم بالمعايير العلمية، فالعمل الجيد معيار الفوز، ومؤشر على مترجم مميز.

تفاعل كبير بين المترجمين على الموقع الإلكتروني للجائزة

يُشار إلى أن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ،كرست خلال دوراتها المتعاقبة ترجمة الأعمال ذات الطابع الجاد والقيمة المعرفية في مجال اختصاصها، كما أخذت على عاتقها منذ دورتها الأولى تشجيع الترجمة من اللغة العربية وإليها بأكثر من لغة، فكان اختيار لغة عالمية كل عام إلى جانب اللغة الإنجليزية، فتم اختيار اللغة التركية في الدورة الأولى، ثم الإسبانية في الدورة الثانية، والفرنسية في الدورة الثالثة ثم الألمانية في الدورة الرابعة، لتكون اللغة الروسية في الدورة الخامسة ثم الفارسية في الدورة السادسة فالصينية لدورتها السابعة لعام 2021.

فرسان الجائزة لهذا العام

تصل القيمة الإجمالية لجائزة الشيخ حمد للترجمة إلى مليوني دولار وتتوزع على ثلاث فئات هي: جوائز الترجمة بواقع 800 ألف دولار، وجوائز الإنجاز بواقع مليون دولار، وجائزة التفاهم الدولي بقيمة 200 ألف دولار.
تُوج بالمركز الثاني للجائزة في دورتها السابعة في فئة الترجمة من الإنجليزية إلى العربية المترجم السوري معين رومية عن ترجمة كتاب “معجم العلوم الاجتماعية”تحرير “كريغ كالهون”، بعد حجب المركز الأول لهذه الفئة، وفاز بالمركز الثالث المترجم السوري جمال إبراهيم شرف عن ترجمة كتاب “البراغماتيون الأمريكيون”لـ”شيريل ميساك”.

يارا إبراهيم
وانغ فو (فريدة)
معن رومية
محمد طفيل هاشمي

أما في فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، فقد حصل المترجم عويمر أنجم على المركز الثاني عن ترجمته كتاب “مدارج السالكين”لابن القيم الجوزية، ولم تُمنح الجائزة للمركزين الأول والثالث.
وفي مجال الترجمة من اللغة الصينية إلى اللغة العربية فازت بالمركز الأول يارا إبراهيم عبدالعزيز المصري، عن ترجمة رواية الحب في القرن الجديد لـ”تسان شُيِّيه”مناصفة مع إسراء عبدالسيد حسن محمد حجر وزميلاتها عن ترجمة “موسوعة تاريخ الصين”من تحرير “تشانج تشي”، وحلَّ في المركز الثالث حسانين فهمي حسين عن ترجمة كتاب “ثقافة الطعام الصيني”لـ “شييه دينغ يوان”. فيما حجب المركز الثاني.

فهد مطلق العتيبي
قه تي ينغ (ماهر)
عويمر انجم
عبدالكبر محسن

أما في مجال الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الصينية فقد فاز المترجم الصيني “قه تي ينغ” (ماهر) عن ترجمة كتاب “البخلاء”لـ”الجاحظ”، وجاءت الدكتورة “وانغ فو” (فريدة) وهي خبيرة في المجلس الوطني الصيني للأعمال اللغوية وخبيرة المشروعات العربية بالأكاديمية الصينية للترجمة في المركز الثاني عن ترجمة رواية “طوق الحمام”لـ”رجاء عالم” .
وذهبت جائزة الإنجاز في الترجمة في اللغة الصينية إلى الباحث والكاتب الصيني “لي تشن تشونغ” (علي) عن مجموعة “بيت الحكمة للثقافة”(مصر)، وفي فئات جوائز الإنجاز في ترجمات اللغات المختارة للدورة السابعة لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي فاز عن اللغة الأوردية محمد طفيل هاشمي أستاذ الدراسات الإسلامية في “جامعة العلامة إقبال المفتوحة”في باكستان ومن أهم ترجماته الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي، والباحث عبدالكبير محسن، وعن اللغة الأمهرية، “مؤسسة النجاشي للنشر والتوزيع”، والدبلوماسي والمترجم الأثيوبي حسن تاجو لجاس، وعن اللغة الهولندية، ريشارد فان ليون، وعن اليونانية الحديثة بيرسا كوموتسي مديرة “مركز الأدب اليوناني والعربي”في اليونان، والمترجم المصري خالد رؤوف.

برسا كوموتسي
جمال إبراهيم شرف
إسراء عبدالسيد
أسامة غاوجي

ومنحت جائزة الشيخ حمد للترجمة، جائزة تشجيعية لكلٍ من المترجم والشاعر الأردني أسامة غاوجي، والدكتور فهد مطلق العتيبي أستاذ التاريخ القديم بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود.

مجلة الجسرة الثقافية – العدد 60

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى