متاحف قطر تعلن إعادة افتتاح متحف الفن الإسلامي 5 أكتوبر المقبل

الدوحة – قنا

أعلنت متاحف قطر، اليوم، أن متحف الفن الإسلامي، سيعاد افتتاحه في حلته الجديدة للجمهور، في 5 أكتوبر المقبل، بعد مشروع تجديد وتطوير شامل، وإعادة تصور وتركيب صالات عرض مجموعته الدائمة.
ويُعد متحف الفن الإسلامي إحدى المؤسسات الرائدة في الفن الإسلامي في العالم، وأول متحف عالمي المستوى في المنطقة. ويعاد افتتاحه في الوقت الذي يتوافد فيه الزوار إلى الدوحة لحضور مباريات كأس العالم FIFA قطر 2022، حيث يمنح المتحف ضيوفه تجربة تفاعلية وتعليمية سهلة الوصول.
ويقدّم المتحف أكثر من ألف قطعة فنية مقتناة ومحفوظة حديثًا، يعرض العديد منها لأول مرة، إلى جانب التحف الفنية التي اشتهر بها متحف الفن الإسلامي منذ فترة طويلة. مع إضافة قسم جديد عن الإسلام في جنوب شرق آسيا، يركّز على العلاقة بين الثقافات المختلفة من خلال المعارض التي تتناول تجارة السلع، وتبادل الأفكار عبر العالم الإسلامي وخارجه. وقد نظمت صالات العرض وفقًا للموضوعات التاريخية والثقافية، والفترات الزمنية، والنطاقات الجغرافية، وتكشف عن عظمة تقاليد ومهارة الصنعة الإسلامية.
وأكدت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر أن:” افتتاح متحف الفن الإسلامي مثّل نقطة تحول بالنسبة لدولة قطر، حيث كان إيذانًا بظهور الدولة كوجهة ثقافية جديدة في المنطقة، ومهّد الطريق لإنشاء متاحف ومؤسسات ثقافية أخرى في المنطقة.” وأضافت: “تغمرنا السعادة لأن الجمهور المحلي سيحظى بفرصة استكشاف المتحف مرة أخرى، وإننا ندعو الزوار القادمين لحضور مباريات كأس العالم، أن يشاركوا في إحدى أهم التجارب التي تعبر عن تراثنا وثقافتنا”.
من جانبها، قالت الدكتورة جوليا غونيلا، مدير متحف الفن الإسلامي: “أتشرف بقيادة هذا المتحف الاستثنائي في انتقاله إلى مرحلة جديدة من مسيرته. وسيعود مشروع التجديد هذا بالفائدة على أجيال من الزوار، ويوفر لهم تجربة أكثر عمقًا، يتعرفون من خلالها على التاريخ الحافل للعالم الإسلامي، كما تحكيه مجموعاتنا الفريدة”.
وأوضحت متاحف قطر أن إعادة افتتاح متحف الفن الإسلامي تندرج تحت مبادرة (قطر تُبدع)، الحركة الثقافية الوطنية التي تنشط على مدار العام، والتي ترعى الأنشطة الثقافية في الدولة ، وتروج لها، وتحتفي بتنوعها، جامعةً بذلك المواطنين والمقيمين فيها والجماهير العالمية بالصناعات الإبداعية في البلاد. مشيرة إلى أن معرض (بغداد – قرة العين) الذي يقام في الفترة من (26 أكتوبر 2022 إلى 25 فبراير 2023)، يشكّل بصمة فارقة ويسلط الضوء على إحدى أكثر المدن تأثيرًا في العالم، ويحتفي بها، نظرًا لتراثها كعاصمة للخلافة العباسية العظيمة 750 م – 1258 م، وكذلك في القرن العشرين، حيث أصبحت المدينة من جديد مركزًا مزدهرًا للفنون والثقافة والتجارة.
ودعت متاحف قطر الزوار لاكتشاف معالم التطوير والتجديد التي تبدأ من الطابق الأرضي بمقدمة تمهيدية عن المتحف نفسه، تروي سيرة إنشاء متحف الفن الإسلامي. حيث تم تحويل المجلس السابق إلى معرض يوفر تجربة آسرة للزوار، يتعرفون من خلالها على القصة الرائعة للمهندس “آي إم باي”، وتصميمه المبهر للمتحف، الذي يمثل معلماً لافتًا الآن.
كما تعد قاعة العرض الأولى في الطابق الثاني بمثابة محطة تعريفية، تَبرُز فيها بعض أعظم القطع الأثرية في متحف الفن الإسلامي، بما في ذلك المصحف الأزرق ، ومزهرية الكافور، وقلادة فاراناسي، ومخطوطة رامايانا الخاصة بحميدة بانو بيغوم، وقماش فرانشيتي، ويقدم لمحة عامة عن الموضوعات المقبلة، مع تسليط الضوء على مجموعة واسعة من المواد المستخدمة في الفن الإسلامي، عبر نطاق جغرافي وزمني واسع.
ويتبع ذلك استكشاف لبدايات الإسلام وانتشاره، مع صالات عرض مخصصة للقرآن وتاريخه، وللمجتمع المسلم، والتعليم والتربية في إطار الثقافة الإسلامية، ومن ثم استعراض انتشار الإسلام في كل من الشرق والغرب.
بالإضافة إلى ذلك، سيكون الزوار على موعد مع متابعة الأحداث التاريخية التي أدت إلى إقامة الخلافة الاسلامية، وتوسعها شرقا في إيران وآسيا الوسطى، وتطور ثقافة البلاط في الأندلس، واستمرار التراث الإسلامي في إسبانيا ما بعد الإسلام.
تُبرز هذه المعارض في ترتيبها الجديد أيضًا مجموعة متنوعة من المواد المستخدمة في الفن الإسلامي، بما في ذلك السجاد، والمنسوجات، والمخطوطات، والخزف، والخشب، والعاج، والمشغولات المعدنية، والحجر، والزجاج، والتي تمتد من إسبانيا وشمال إفريقيا إلى الشرق الأقصى، منذ أقدم العصور في الإسلام وحتى القرن العشرين الميلادي.
وتشمل أبرز المعروضات أجزاء من القرآن الحجازي العتيق، وستار الكعبة الشريفة، والقوس المغربي، ونسخة ثمينة من كتاب صور الكواكب الثابتة للصوفي، والجفنة العباسية باللونين الأزرق والأبيض، ولوحا من الجص السلجوقي، وأيلة الدوحة، والسقف الإسباني بالطراز الفني لما بعد الإسلام.
أما الطابق الثالث فيأخذ الزوار عبر العالم الإسلامي من البحر الأبيض المتوسط غرباً إلى المحيط الهندي شرقاً، مع التركيز على الفنون والمجتمعات بين القرنين الحادي عشر والتاسع عشر. وتركز قاعات العرض الرئيسية على إمبراطوريات “البارود” الثلاث: العثمانيون الذين حكموا من تركيا جزءًا كبيرا من الأراضي العربية، والصفويون من إيران، والمغول من جنوب آسيا، الذين يملكون تراثًا تاريخيًا وفنيًا ذا تأثير كبير، لا يزال يطبع هويات السكان في هذه المناطق حتى اليوم.
ويوجد من ضمن المعروضات سجاد ثمين من العصر الصفوي، ومجموعة ساحرة من مجوهرات المغول بمتحف الفن الإسلامي، وعرض جميل للفخار والبلاط الإزنيقي العثماني. وترافق ذلك معروضات لمخطوطات إسلامية وأسلحة ودروع، تنتهي بمعارض جديدة ومثيرة مخصصة للصين وجنوب شرق آسيا، وهذا الأخير موضوع لا يُقدّم عادةً في متاحف الفن الإسلامي، حيث يعيد لأذهان الزوار أن المنطقة اليوم هي موطن لأكبر المجتمعات الإسلامية عبر العالم.
وتشمل القطع الأساسية المتاحة في العرض قطعا أثرية من حطام سفينة سيريبون، وأواني اليشم، ومجوهرات الذهب الإندونيسي والمنسوجات. وتتجلّى أيضا في الطابق الثالث مظاهر كرم الضيافة من خلال عرض لتصميم داخلي بديع من منزل دمشقي في سوريا جرى ترميمه حديثًا، يعود للقرن التاسع عشر- وهو بمثابة عالم مصغر متعدد الوظائف للحياة العثمانية.
ويعدّ “المسار العائلي”، الذي أُنشئ حديثًا، مكونًا رئيسيًا في أعمال التجديد التي شهدتها صالة العرض، ويؤدي استخدام التقنيات الحديثة، والعروض التفاعلية، والتطبيقات متعددة الحواس، إلى منح الزوار والأطفال والكبار تجربة مميزة.
واستكمالًا للعديد من القطع الأثرية والروائع الفنية المتاحة في العرض، سيطّلع الضيوف على صور وأفلام بقوالب هندسية معمارية متنوعة، ومواقع أثرية مختلفة من الشرق الأوسط، وسيُصغون إلى تلاوات من القرآن الكريم وقراءات من الشعر العربي والفارسي، ويستمعون للموسيقى الأندلسية كما يمكنهم التعرف على روائح مختلفة للأعشاب والتوابل التي سافرت لمسافات طويلة عبر العالم الإسلامي وسيتمكّنون من الاطلاع على مواد وزخارف مختلفة كانت تُستخدم في الفنون على مدار الزمن.
وتُسهم التجربة الواسعة التي طالها التحسين لمتحف الفن الاسلامي في تسهيل توافد الزوار لخدمة أكبر عدد من الجمهور، من خلال مدخل معاد تشكيله، ومقاهٍ، ومواقع بيع بالتجزئة في حلل جديدة. توافق جميع التحسينات التي أُجريت على المبنى رؤية المصمم “آي إم باي”.
واحتفاءً بإعادة الافتتاح، شاركت متاحف قطر ودار نشر تايمز وهدسون في نشر كتالوج مصور للمتحف بشكل بديع، الذي يحتوي على ما يزيد عن 500 صفحة، والمخصص لتاريخ ومجموعة متحف الفن الإسلامي.
ويُفتتح معرض (بغداد – قُرَّة العين) في 26 أكتوبر 2022، في قاعة العرض المؤقتة بمتحف الفن الإسلامي. ويستكشف المعرض الأهمية التي حظيت بها بغداد في ظل الخلافة العباسية (750-1258)، ويحتفي بتأثيرها البالغ على المنطقة والعالم، وصولًا إلى يومنا هذا. ويسلّط المعرض الضوء على بغداد كمركز سياسي واقتصادي وفكري ازدهر خلال إحدى أكثر الفترات غِنىً بالابتكار في تاريخ العالم. كما يبيّن الدور الفكري والفني العظيم للمدينة التي استقطبت العلماء والفلاسفة من جميع أنحاء العالم، ويوثق قدرتها الهائلة على التعافي من جراح الحروب والعنف والدمار الذي حل بها عبر تاريخها، ويُبرز صمودها المستمر، بناءً على ما تختزنه من ذكريات تراثها العباسي. يستذكر المعرض ماضي المدينة “المجيد”، ويركز على الدور الذي لعبته المدينة في القرن العشرين، وعلى وجه الخصوص تلك الفترة الممتدة بين الأربعينيات والسبعينيات من القرن الماضي، التي شهدت استعادة بغداد لصورتها كمكانٍ مزدهر ونابض بحياة المدينة.
ويضم المعرض 160 قطعة، بما في ذلك أعمال مستعارة من متاحف ومكتبات ومؤسسات ثقافية دولية ويتضمن تصميم المعرض عناصر سينوغرافيا، بما في ذلك تصوير لنهر دجلة على أرضية قاعة المعرض، وذلك لخلق ربط بين الموضوعات المختلفة.
وينظم معرض “بغداد قرة العين” في إطار العام الثقافي قطر- الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا 2022، ويتولى التقييم الفني للمعرض كل من الدكتورة جوليا غونيلا، مدير متحف الفن الإسلامي، وفريق التقييم الفني في المتحف، ويضم: الدكتورة منية شخاب أبو دية، والدكتورة تارا ديجاردان، ونيكوليتا فايزو، وسيمون ستروث. ويرافق افتتاح المعرض إصدار كتالوج مصور بالكامل يتضمن مساهمات مهمة لباحثين دوليين بارزين.
ويقام معرض بغداد قرة العين بالتزامن مع معرض آخر بعنوان “مدينة السراب: بغداد 1952-1982” في الطابق الرابع من متحف الفن الإسلامي، حيث يسلط الضوء على الأعمال والتصاميم المعمارية لـِ 11 مهندسًا معماريًا عالمياً.
جدير بالذكر أن متحف الفن الإسلامي، هو إنجاز معماري استثنائي، صمّمه المهندس الصيني الأمريكي العالمي الشهير “آي إم باي”، الحائز على جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية ، وافتُتح عام 2008، وهي أول مؤسسة افتتحتها متاحف قطر. ويقع المتحف في مكان بارز على جزيرة صناعية على الكورنيش. والمتحف عبارة عن منارة للفنون الإسلامية، ومنصة للحوار الدولي ومدّ الجسور بين الماضي والحاضر، وبين الشرق والغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى