“قادة لا يُصدرون أوامر.. سر التحوّل العميق”

- “قادة لا يُصدرون أوامر.. سر التحوّل العميق” - 2024-12-25
- القائد القدوة: قوة التأثير الخفي - 2024-10-23
- لماذا يفقد بعض الموظفين ثقتهم برئيسهم ؟ - 2024-08-28
عند النظر إلى مسيرة ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، نجد أنه مثال حي بارز على مفهوم قيادي حديث ألا وهو مفهوم القيادة التحويلية. فمنذ توليه المنصب، قاد تحولًا ثقافيًا داخل الشركة، مشجعًا على الابتكار والتعلم المستمر والتعاون، وقام بالتركيز على تطوير عقلية النمو والتكيف مع التغييرات التكنولوجية السريعة، مما أعاد لمايكروسوفت مكانتها الرائدة في السوق، ومن مقولاته: “إذا كانت أفعالك تُلهم الآخرين للحلم أكثر، والتعلم أكثر، والعمل أكثر، وأن يصبحوا أفضل، فأنت قائد بحق”.
تظهر أهمية القيادة التحويلية كمنهج فعّال لتحقيق النجاح والإلهام، فالقائد التحويلي ليس مجرد شخص يُصدر الأوامر، بل هو فرد قادر على إحداث تغيير إيجابي عميق في فريقه ومحيطه، فهو القيادي الذي يمتلك رؤية واضحة ويستطيع تحفيز الآخرين لتحقيق هذه الرؤية من خلال الإلهام والتوجيه المستمر.
ومن ميزات القائد التحويلي هي قدرته على رؤية المستقبل والتخطيط له، فهو لا يكتفي بمواجهة التحديات اليومية الروتينية، بل يسعى إلى بناء إستراتيجية طويلة الأمد مما يتطلب هذا النوع من القيادة مرونة في التفكير وقدرة على الابتكار، حيث يعمل القائد الذي ينتهج النهج التحويلي على تشجيع فريقه على التفكير خارج الصندوق ومواجهة المشكلات بطرق غير تقليدية، لأنه ببساطة يُقدّر الإبداع ويمنح الأفراد مساحة للتعبير عن أفكارهم وتطوير مهاراتهم.
وأيضا من أهم صفات القائد التحويلي هي قدرته على بناء الثقة بينه وبين فريقه، فهو يستمع بإنصات، ويهتم بمشاعر الأفراد واحتياجاتهم، ويظهر تعاطفه معهم. وهذا النوع من التفاعل الشعوري يُشعر الفريق بقيمتهم ويعزز ولاءهم وحماسهم للعمل دائما، ونجد أنه عندما يشعر الأفراد بأن قائدهم يهتم بنجاحهم الشخصي، فإنهم يبذلون جهدًا مضاعفًا لتحقيق أهداف الفريق إرضاء للقائد الذي زرع الثقة فيهم كرد للجميل.
أما بالنسبة لخاصية الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، فنجد أن القائد التحويلي لا يخشى المخاطرة عندما يكون ذلك ضروريًا لتحقيق تقدم حقيقي في مؤسسته أو منظمته، وقراراته تأتي بناءً على تحليل دقيق وتفكير عميق، وليس بشكل عشوائي. فهذه الشجاعة الإدارية القيادية، إلى جانب الحكمة الذاتية والتروي، تضمن أن يكون القائد مصدرًا للإلهام والاحترام.
وعلاوة على ذلك، يعمل القائد التحويلي على تطوير قادة آخرين داخل فريقه ونقل خبراته لهم، لذلك فهو لا يسعى إلى أن يكون الوحيد المتمكن الذي يقود، بل يسعى إلى تمكين الآخرين وإعدادهم لتحمل المسؤوليات في قابل الأيام، فهذا الأسلوب يخلق بيئة عمل ديناميكية ويضمن استمرارية النجاح المؤسسي حتى في غياب القائد، كما يعزز الإحساس بالمسؤولية الفردية ويشجع الجميع على الإبداع والمبادرة.
فالتطور الشخصي والمهني ضروري لمواكبة التحديات الحديثة في أعين القادة التحويليين، فهو يُحفز الفريق على تطوير مهاراتهم واكتساب معرفة جديدة باستمرار، وذلك الأمر جدير بأن يؤدي إلى تحسين الأداء الجماعي ورفع مستوى الإنتاجية.
فإذا كنت تسعى لتكون قائدًا تحويليًا، فعليك أن تبدأ بتطوير نفسك أولاً، ثم تسعى لتمكين من حولك وتحفيزهم، كن ذلك الشخص الذي يرى الإمكانيات الكامنة في الآخرين ويساعدهم على تحقيقها، وتذكر أن القائد التحويلي لا يُغيّر فقط نتائج العمل، بل يُغيّر حياة الأفراد نحو الأفضل، ويترك أثرًا دائمًا في بيئته ومجتمعه.
** المصدر: جريدة”الشرق”