كنوز مبدعة.. الذكاء العاطفي وأهميته في الحياة الشخصية والمهنية

يُعتبر الذكاء العاطفي من المهارات الأساسيّة التي تُعزّز جودة الحياة الشخصيّة والمهنيّة على حد سواء، وتُعرف هذه المهارة بقدرة الفرد على التعرّف على مشاعره وفَهمها، والتعاطف مع مشاعر الآخرين، والتحكم في ردود أفعاله العاطفية بفضل هذه المهارة، فيصبح الفرد أكثر توازنًا وقدرةً على التواصل، ما يسهم في بناء عَلاقات صحية وإيجابية في جميع جوانب حياته.
ويتكون الذكاء العاطفي من عدة عناصر، أبرزها الوعي الذاتي، الذي يُعنى بقدرة الفرد على فَهم مشاعره وتحديد أسبابها وتأثيرها، وهذا الوعي يُمكّن الشخص من إدارة مشاعره بفاعلية، ومنح نفسه الفرصة للتفكير قبل التصرّف، وهذا يساعد في تقليل التوتر وتجنب القرارات المتهوّرة، ما يساهم في تحسين نوعية الحياة. وهناك عنصر آخر مهم وهو التعاطف الذي يسمح للفرد بفَهم مشاعر الآخرين ومواقفهم، وبالتالي تقديم الدعم والاهتمام المناسبين، وهذا الجانب يخلق بيئةً من التفاهم والتواصل الجيد، ويساعد في بناء عَلاقاتٍ متينةٍ، سواء في الحياة الشخصية أو المهنية.
في الحياة الشخصية يُعتبر الذكاء العاطفي أداةً قويةً لبناء عَلاقاتٍ صحيةٍ ومستدامةٍ، فعندما يكون الشخص قادرًا على التعرف على مشاعره والتحكم فيها يمكنه التعامل مع الآخرين بمرونة وتقبّل اختلافاتهم. والشخص الذي يتمتع بذكاء عاطفي يكون عادةً منفتحًا على النقاشات البنّاءة وقادرًا على حل الخلافات بطرقٍ سلميةٍ، كما أن القدرة على فَهم مشاعر الشريك أو الأصدقاء تجعل العَلاقات أكثر انسجامًا وتساعد على التغلب على التحديات بشكل أفضل.
أما بالنسبة لبيئة العمل، فإن الذكاء العاطفي يلعب دورًا محوريًا في تحسين الأداء وتحقيق النجاح. إذ يساعد الأفراد على فَهم ديناميكيات الفريق، ويعزز من قدرتهم على التعامل مع الضغوط. فالشخص الذي يتمتع بذكاء عاطفي يكون قادرًا على التفاوض بفاعلية، وحل المشكلات، والتعامل مع مختلِف الشخصيات في بيئة العمل.
يُعتبر الذكاء العاطفي من المهارات التي تميز القادة الناجحين، حيث يساعدهم على بناء فرقٍ قويةٍ ومتعاونةٍ، ويتيح لهم القدرة على اتخاذ قرارات تراعي مختلِف جوانب المشاعر والحالة النفسية لفريق العمل.
وعلى الصعيد الصحي، يعزز الذكاء العاطفي من صحة الفرد النفسية والعقلية. فالأشخاص الذين يتمتعون بذكاء عاطفي يميلون إلى القدرة على إدارة مشاعرهم السلبية، ما يقلل من تأثير التوتر على صحتهم العامة، وهذا يجعلهم أقل عرضة للقلق والاكتئاب، وأكثر قدرة على التعامل مع المواقف الصعبة بهدوء.
في الختام، يمكن القول إن الذكاء العاطفي مهارة ضرورية يجب أن يسعى الجميع إلى تطويرها. فهي ليست مجرّد قدرةٍ على فَهم المشاعر وإدارتها، بل هي أداة لتحقيق السعادة الشخصية والنجاح المهني، مع زيادة الوعي بأهمية الذكاء العاطفي، يصبح من الضروري دمج هذه المهارة في برامج التعليم والتدريب حتى يتمكنَ الأفراد من تطويرها منذ سن مُبكرة، ما يُسهم في بناء مجتمعٍ أكثر تفهمًا وترابطًا.

@fatin_alsada

@dr.fatin.alsada

happytalent@fatinalsada.com

** المصدر: جريدة”الراية”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى