أبناء القلعة لزياد قاسم.. عناق المدينة ولذة التفاصيل / محمد الزعبي

الجسرة الثقافية الإلكترونية-خاص-

 

500 صفحة هي أوراق رواية زياد قاسم “أبناء القلعة”، ما أن تبحر بها حتى تجد نفسك بلا مقدمات غارقا في تفاصيل سكان ذلك الحي الذي ينبض بجسد العاصمة عمان، في فترة زمنية مبكرة كانت تشهد تكون الوطن الذي نتنفس هواءه اليوم، كل تفاصيل تلك الأيام طرزها زياد قاسم بلوحة غنية التفاصيل واضحة الملامح مترابطة الأفكار من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والشعبية رغم اختلاف مكوناتها.

لكل شخصية من شخصيات الرواية رمز واقعي يعيش في جبل القلعة، ذلك الحي الهادئ، وربما تستطيع أن ترى نفسل واحدا منهم عندما تغرق في التفاصيل التي اعتنى بها زياد قاسم بدقة فائقة، وإيقاع مدروس، ذلك أن توالد الشخصيات عبر صفحات الرواية وغيابها يقودك إلى أسرار النفس البشرية بكل ما فيها من جموح وتمرد وجنون ورغبة ورقي ونبل ونضال وضياع، ولو زرت جبل القلعة لابد ستلمح وجوها لاحظت وجودها في الرواية.

هي رواية مدينة بامتياز، تشكل واحدة من اهم الروايات التي تمكنت من نقل الصورة الواقعية لنشأة عمان وتطورها وتدوين حركتها بشكل دقيق وعميق، متناولة البنية الاجتماعية التي تكون منها المجتمع الأردني من جانب المكان ومن جانب الشخصيات وفي معالم مختلفة من المدينة حتى الوصول الى واقع نشوء المدنية الحديثة وبداية تشكل الهوية الأردنية الحديثة وكيف تكاتفت الأيدي من كافة المنابع العرقية في بنائها وبناء هويتها الحديثة.

اعتبر بعض النقاد أن رواية “أبناء القلعة” تنتمي لسباعية روائية قدمها الراحل زياد قاسم تحت مسمى الزوبعة، وتعتبر أضخم عمل روائي عربي متكامل ظهر حتى الآن، حيث تدور أحداثها في مدينة عمّان التي تشكل الرحم الذي يحوي عشرات التوائم من المجموعات البشرية القاطنة فيه على تعدد انتماءاتها ومنابتها الأولى، صاغها قاسم بوعي أنثربولوجي وتاريخي للزمان والمكان والشخوص، وجعل روايته تنتمي لذلك النوع من الروايات التحليلية التي تغوص عميقاً في مضامين علم الاجتماع.

.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى