أثر الدراما التركية على المشاهد العربي

الجسرة الثقافية الالكترونية 

*مصطفى عبد المنعم 

 

أكّد عددٌ من الخبراء والمختصين على أهمية دور الدراما وتأثيرها في الوعي المجتمعي وزيادته والترويح السياحي، متناولين دور الدراما التركية وتأثيراتها على الدراما العربية، وذلك في أمسية أقامها الصالون الثقافي بوزارة الثقافة والفنون والتراث.

 

وأجمع المشاركون في الأمسية على أن واقع البث الفضائي العربي، تهيمن على مساحات كبيرة من أوقات بثّه المسلسلات التركية المدبلجة سواء باللغة العربية الفصحى أو باللهجات المحلية العربية المختلفة، كحاجة نتيجة للمد التصاعدي لهذا البث وتزايد عدد القنوات وحاجتها إلى برامج لتغطية ساعات العرض.

 

وحسب المشاركين في الأمسية فقد استطاعت هذه الأعمال اجتذاب فئات عديدة من المشاهدين، الشباب منهم وكذلك الكبار، حيث ازداد الإقبال بشكل غير مسبوق، وأرجع عددٌ من الحضور ممن كان لهم نصيب في المداخلات هذا الإقبال لأسباب عديدة، لعل من ابرزها أن المسلسلات التركية تحتوي على عوامل الإثارة والتشويق من خلال تنوع الموضوعات سواء الاجتماعية منها أو التاريخية، القديمة أو المعاصرة تلك التي تتعرض للمجتمع التركي أو ما يتم اختلاقه “ميلودراميا” ليتم تحويل الواقع إلى ما يشبه الحلم والتفكير في كيفية التأثير في المشاهد، وبالتالي إشباع الحاجات وتلبية متطلبات السوق.

 

دور اجتماعي

وفي هذا الإطار تحدثت الكاتبة القطرية وداد الكواري عن أهمية إنعاش الدراما المحلية وخصت بالذكر الدراما القطرية، مؤكدة أنها نجحت ولفترة غير قصيرة في لعب دور اجتماعي مهم وتقديم فنّ راقٍ من خلال الكثير من الأعمال الاجتماعية الهامة التي كان لها تأثير مباشر على الجمهور، وضربت أمثلة بالعديد من الأعمال منها “حكم البشر”، “يوم آخر”، “نعم ولا “، “ظل الياسمين”، “عندما تغني الزهور” وغيرها، مطالبة بتوفير الدعم لتقديم دراما هادفة وممتعة، في نفس الوقت تعالج قضايا المجتمع بنظرة واقعية بعيدًا عن الوقوع في براثن المسلسلات التي تختلف عن بيئتنا وتستهدف ثقافتنا.

 

الدراما وتجديد الوعي

بينما قال الدكتور عبداللطيف محمود أستاذ التعليم العالي وأستاذ الرواية والسيميائيات بجامعة الحسن الثاني بالمغرب في ورقته البحثية التي قدمها للحضور وحملت عنوان الدراما التركية وتأثيرها على المشاهد العربي: إن الدراما التلفزيونية وخصائصها البنيوية وأشكال تأثيرها تسهم بشكل كبير في تجديد الوعي بالعالم والواقع والذات، لافتًا إلى أن أهم خصائص الدراما هي البساطة والوضوح والتسلية والترفيه ومحاولة تنميط الذوق العام وحصره في قوالب جاهزة.

 

وتحدث د.محمود عما يعرف دراميًا باسم “التيلي نوفيلا”، وهي المسلسلات ذات الطابع اللاتيني التي تتعدى الـ 120 حلقة، موضحًا أن له خصائص ثابتة تشكل بيئة نمطية، وقد ازدهرت في أمريكا اللاتينية وتتسم بتكرار بعض الثوابت الحكائية، حيث تركز على قضايا الحب، الجمال، المال، السلطة، مع تقديمها في شكل مشوق يصلح للحياة العصرية، معتبرًا أن العناصر البنيوية للتيلي نوفيلا هي نفسها التي تبنتها الدراما التركية.

 

ترويج سياحي

أما الدكتور محمد قراصو الرئيس التنفيذي لنقابة الكتاب الأتراك وأستاذ الأدب التركي، فقدم لمحة تاريخية عن واقع الدراما التركية منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث لم يكن موجود غير قناتين تلفزيونيتين ولم تكن وسائل إنتاج الدراما متوفرة، وتشكلت لجنة في ذلك الوقت لدراسة العوائق أمام إنتاج الدراما التركية، حيث كان في السابق يتم الاعتماد على الأعمال الدرامية العربية والأجنبية بشكل كبير خاصة مع التماس جغرافي لبعض البلدان، فالمناطق المتاخمة لسوريا يغلب على أهلها مشاهدة الدراما الشامية ومناطق بحر إيجة يغلب على أهلها الثقافة اليونانية، وبالتالي التأثر بالدراما اليونانية.

 

ولفت إلى أن الدراما التركية ساهمت في الترويج السياحي للدولة سواء على مستوى السياحة الداخلية أو الخارجية، مؤكدًا أن للدراما بعدًا اقتصاديًا كبيرًا حاليًا سواء في بيع الأعمال أو المردود الثقافي والسياحي للدولة، منوهًا بأن الدراما التركية نجحت في أن تصل إلى حوالي 72 دولة حول العالم، لافتًا إلى وجود مؤسسة رقابية للتأكيد على قيم المجتمع.

 

 

المصدر: الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى