أحلام «المنسيين».. صور تبحث عن هوية

الجسرة الثقافية الالكترونية
هنادي غانم
علّق شبّان وشابات «مكتومو القيد» أحلامهم وطموحاتهم على جدران «دار المصور»، فاختصر أشخاص معاناتهم اليومية في تسع وعشرين صورة التقطوها بعدساتهم بعد دورة تدريبية لمدّة شهرين نظمتها «جمعية ذاكرة» بإشراف الفوتوغرافي رمزي حيدر.
تروي كلّ صورة قصّة صاحبها الذي يختصر بحرقة حلمه المسلوب منه لعدم امتلاكه جنسية تثبت هويته. ويكفي أن تنظر إلى كل صورة لتكتشف حجم الألم الذي يسيطر على قلوب هؤلاء الشباب.
وفي محاولة لإيصال صوتهم، نظمت «جمعية مهرجان الصورة ذاكرة» بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين معرضاً للصور الفوتوغرافية بعنوان «المنسيين» أتاح لثمانية شباب فرصة نقل معاناتهم في صورة وخبر. يحاول رمزي حيدر أن يسلط الضوء على قضية الأشخاص الذين لا يملكون جنسية، فيقول إن «دار المصور يعمل مع أشخاص مهمشين اجتماعياً ويساعدهم على التعبير عن أحلامهم ورغباتهم وحتى عن مخاوفهم في صورة، خصوصاً أن الناس اليوم بدأت تتعاطى بطريقة مختلفة مع الصور التي خرجت من إطار وظيفتها التقليدية، إمّا لتوضع على الهوية أو أن تكون صورة صحافية تحمل خبراً، وأصبح لدينا ما يعرف بثقافة الصورة».
ترى مهى أن الحيوانات في بلدها يمتلكون حقوقاً أكثر منها، فتصور كلباً مع بطاقة هويته وتسأل بحرقة: «الكلاب لديها أوراق ثبوتية. الكلاب لديها حقوق… أين هي حقوقي؟». وفي صورة لفتى يعمل تظهر كيف أن الحق في التعلّم الذي يعدّ حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وقد نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تحوّل إلى حلم في صورة، فخليل يونس لم يحقق حلمه بالدخول إلى المدرسة كباقي أطفال سنّه ووجد نفسه مجبراًّ على العمل لأكثر من 16 ساعة يومياً لكي يبقى على قيد الحياة.
أحلام خليل كثيرة ولكنه للأسف ممنوع من تحقيقها، فرغبته في السفر والتعرف على ثقافات وحضارات مختلفة لم يتمكن من تحقيقها، فاكتفى بجمع الطوابع البريدية وتصويرها. ليجد نفسه كمبنى قديم تظهر عليه آثار الحرب عانى الكثير وما زال يعاني للبقاء، فهو لا يستطيع التخطيط لمستقبله، كل ما يمكنه القيام به هو محاولة الصمود لحظة بلحظة بينما يتطور الآخرون من حوله ويتقدمون، أمّا هو فلا خيار أمامه إلاّ البقاء في مكانٍ واحد.
يقف فرحان أمام مجموعة أطفال يلعبون كرة القدم ويتمنى لو كان بينهم، فهو يحب هذه اللعبة وكان يحترفها وبعد أن تمّ اختياره ليلعب في فريق محلي مُنعَ من اللعب لعدم حيازته هوية شخصية فقرر الاحتفاظ بحلمه في صورة.
وتبحث ديلان أورال في حقيبتها لعلها تجد ما يعرّف عنها فتجد أن كل الأشياء في هذه الحقيبة تعرّفها إلاّ هويتها. هذه الهوية التي لا يمتلكها هوفسيب زيتونيان تشعره بأن الظلام يطبق على حياته وأن حقوقه محدودة، فيجسد بصورة لشاب يحمل كماناً بيده ويقف بالقرب من نافذة كيف أن الموسيقى والكمان هما نافذته الوحيدة لحياة أفضل، ويحلم أن يصبح مواطناً عادياً يتمتع بحياة عادية وبالحقوق نفسها التي يتمتع بها الجميع، عندها ستكون مهمته مساعدة الأشخاص الذين يعانون من كونهم عديمي الجنسية.
تختلط مشاعر الألم والحلم في صورٍ تلخص معاناة أصحابها، هذه الأحلام ستظل معلقة في صور في «معرض المنسيين» لأسبوع لتأتي قضية إنسانية أخرى وتحتل جدران «دار المصور».
المصدر: السفير