أحمد الغماز / قراءة في مجموعة رائدة زقوت

الجسرة الثقافية الالكترونية
بين متطلبات القص ومقومات فن الرمز ثمة قصص قصيرة يراد بها تغيير العالم العادي ، والذهاب نحو عالم مفترض ، ثمة لغة جاءت بالرمز لتقول تلك الأحداث التي تسير برتابة وعادية ، ربما للفعل القوي التي تنتجه ظروف القصة ، ظروف الحياة للشخوص المهمشة والجانبية ، اذن لا بد للرمز أن يقول كل شيء ، وأن يستثمر تلك العلاقة الشائكة بين ما تود الشخصية التعبير عن حالتها امام القارىء وبين تلك اللقطة أو اللحظة الهاربة التي تقبض عليها رائدة بكل شفافية ومهارها لتضعها امام ذات القارىء ليبدا بتفكيك العناصر الاولية لتلك الشخصية ومدى ملائمتها لفكره وعلاقاته اليومية مع الأرض والآخر وتفاصيل المألوف والمعاش واليومي
هناك عوالم انسانية لم تستطع رائدة الفكاك منها وكانها تلبستها لتكتبها وتظهرها للعالم المشبع بالمادية ، لماذا ؟ قد نطرح هذا السؤال كثيراً ، لأن القصة عند رائدة لها قيمة ، وتستمد قيمتها من تلك العلاقة الغامضة بينها وبين شخوصها العابرين ، ولأنها على ما يبدو لن تقنعها اللغة الواقعية ، لذلك جاءت القاصة بالرمز الذي يتقاطع احيانا مع لغة شاعرية لا ترى بالعين المجردة بل لا بد للقارىء أن يتشارك معها بتحليل الحدث اليومي ، هي لا تقدم القصة على طبق من ذهب للمتلق وانما تطلب منه أن يلتفت حوله كثيراً حين ينتهي من قراءة القصة ،
لا تذهب بعيدا القاصة عن عالمها وعالم القارىء ، تحضر تلك التفاصيل اليومية بكامل أجزائها ما ظهر منها وما بطن ، تستمد تلك المادة الاولية من الشارع والركاب بالحافلة والموظف والعامل والارصفة الوحيدة ، الناس ، نعم ، هي تكتب القارىء وهذا ما يعنيها ، لا وجود لابطال خرافيين ، بل لأبطال حقيقين على الأرض ، مهمشين ، تدرك أن لكل واحد منهم قصة يجب أن تقال ،
الفانتازيا عند رائدة مبررة وجداً ، لان الحدث القصصي لا يحتمل ان يقال بكل تلك البساطة والسهولة ، فهو حدث استثنائي ، لذلك لا بد للغة أن تكون استثنائية ايضاً لتحمل كل المعاني التي ربما لن تستطيع قولها مباشرة ، فهي لا تنشغل كثيراً بتفسير الأحداث الواقعية لكنها تضعها أمام القارىءء كما هي دون رتوش اللعبة القصصية ، الا أن هناك ما يشي بأن شاعرية تقال بمنهى الذكاء والاحتراف ايضاً ، فلا شطحات تذهب بعيداً بالنص عن المضمون ، بل يسيرا جنباً الى جنب لتحقيق الجمال ، الذي لا بد منه للعمل الأدبي ، مع أن هذه التقنية أحيانا ، تذهب بالقارىء الى المرور السريع او القراءة السريعة ليجد شيئاً ملموساً يتابعه ، وأظن أن رائدة تجاوزت هذه الحالة باللجوء كما ذكرت الى تلك الشاعرية التي تختبىء داخل ثنايا النص رغم المشهد الفانتازي
تظهر المرأة بالقصة ، وقد أجلت الحديث عنها ، لأانه من الظلم أن نقول أن القاصة تلبستها الحالة النسوية ، فالمأة هي الانسان أولاً ، لذلك قد تشترك مع الرجل بكل تلك التفاصيل اليومية ، الا أن المجموعة احتوت على كثير مما تقوله المرأة ، العاملة ، الحبيبة ، المنتظرة ، اذن ، كل تفاصيل العلاقة مع المجتمع التي تتشارك به المراة ، قالتها قصص رائدة زقوت
قهقهة واحدة تكفي ، جاءت بلغة متطورة غير عادية ، لتقول ، الرجل والمرأة ، وتلك الاشكالات التي يحدثها العالم القصصي
صدرت عن دار الاهلية للنشر والتوزيع 2014 .