أحمد مطر.. بمناسبة إشاعة موته – أحمد ندا

الجسرة الثقافية الالكترونية – العربي الجديد –
يومان قضتهما المواقع الإلكترونية بين أخبار موت الشاعر العراقي أحمد مطر ونفيها، حتى جاء الخبر اليقين من أقاربه الذين أكدوا أنها مجرّد إشاعة، وأن صاحب الـ”لافتات” يُعالج في إحدى مستشفيات لندن. ما يذكّر بإشاعات أخرى طالت شاعراً عراقياً آخر هو مظفر النواب، في السنوات الأخيرة.
تقول سيرته المتداولة إن مطر ولد عام 1954، ابناً رابعاً بين عشرة إخوة من البنين والبنات، في “التنومة” إحدى قرى البصرة. وعاش فيها مرحلة الطفولة قبل أن تنتقل أسرته، وهو في مرحلة الصبا، لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي. وفي سن الرابعة عشرة بدأ مطر يكتب الشعر، وسرعان ما صُدم بإعدام شقيقه خالد مشنوقاً، ليدخل المعترك السياسي بقصائد غاضبة؛ ما اضطره في نهاية الأمر إلى الهرب من سلطة مستبّدة لم تكن تسمح بالاختلاف معها. انتقل مطر من العراق إلى الكويت، حيث عمل في جريدة “القبس” محرراً ثقافياً، وهناك عمل مع أسطورة فن الكاريكتير ناجي العلي.
لم يطل المقام بالشاعر والفنان في الكويت، فخرجا منها بقرار نفي مشمولَيْن بغضب كل السلطات العربية التي اعتبرت لافتاته هجوماً مقلقاً مثلما اعتبرت كاريكاتير ناجي العلي (مع الفرق الفنّي الكبير بين التجربتين لصالح ناجي العلي). ومنذ عام 1986، استقر مطر في لندن، واستمر لفترة قصيرة يكتب للقبس الدولي، قبل أن ينتقل إلى جريدة الراية القطرية.
“اللافتات” كانت البوابة التي عرف بها القارئ العربي صوت مطر الهجائي. أبيات مباشرة مكثفة في مجموعة من السطور تحمل مفارقة أو نكتة تعبّر عن رأي في الحال السياسي العربي، موزونة مقفاة. صرامة في البناء لا تختلف كثيراً عن موقفه السياسي.
امتعض مطر من “الغموض في القصيدة”- كما يسمّيه، وكانت عداوته لكل ما هو خارج النص الملتزم فجة، حتى أن انتقاله من العمودي إلى التفعيلة جاء لمقتضيات الضرورة الصحافية وكتابة الموقف السياسي. ما جعله يقع كثيراً في فخاخ المباشرة الفجة والتكرار والركاكة. كل ما سبق يدفعنا إلى السؤال: أين الشعر – كما نفهمه – في ما كتبه صاحب اللافتات، التي رغم كل شيء تشهد على زمن من الإحساس بالغضب ومناخات الكبت السياسي العربي في الثمانينات. وبالطبع أمنياتنا القلبية له بالشفاء قبل السؤال وبعده.