أدباء يناقشون الجوائز الأدبية والبوكر تحديدا

الجسرة الثقافية الإلكترونية-خاص-
من: بريهان الترك
كرست في الآونة الأخيرة جوائز أدبية عديدة لتكريم الأدب والفكر في وطننا العربي، وأخذت صداها في الأوساط الثقافية والإعلامية، من حيث إبراز أسماء جديدة وتحديدا في حقل الرواية، إلا أنها حوربت من قبل الأغلبية المثقفة والمبدعة لأسباب عديدة من بينها عدم النزاهة باختيار الأسماء التي ترشح لها، وعدم أهلية لجان التحكيم، ولترسيخها أسماء جديدة في الرواية والشعر والقصة والنقد ليسوا بالأهلية للمكانة والشهرة التي تضعهم بها.. ومن بين هذه الجوائز جائزة البوكر للرواية العربية.. الجسرة استطلعت رأي مثقفين وكتاب طرحوا وجهات ومواقف نظر مختلفة حول هذه الجائزة بالتحديد البوكر.
ترى الروائية الأردنية ليلى الأطرش أن الجوائز العربية فكرة جيدة، وتؤكد على أنها تضع أسماء أصحابها في دائرة اهتمام القارىء العربي وهو قليل للأسف، على حد تعبيرها،.. وتضيف: “كثيرا ما تعين الفائز على تحسين وضعه المالي وعلى تحفيزه لتحسين منجزه.. ولكن بعض هذه الجوائز تعاني من خلل في آلية منحها.. بدءا من تكوين لجانها التي قد تخضع لحسابات ليست أدبية أو نقدية أحيانا.. وكثيرا ما تمنح دون قراءة النصوص جميعا وهو الأمر المؤسف بل يحكم على الصفحات الأولى من العمل أو حتى على اسم المؤلف.
وتكمل الأطرش: “بالتالي ينعكس هذا على منحها، لأنه بخضع لذائقة وحسابات غير منصفة لهذا قاطع بهض الأدباء بعض الجوائز.. أما عن منحها لشباب فلم لا.. إذا كان العمل يستحق الفوز وتميظ عن عمل لكاتب كبير، ولا ننسى أن أعمال الكاتب مهما كان مهما تتفاوت، وقد يكون صاحب رائعة أدبية لكن رواياته المرشحة ليست بذات المستوى.. والترشيح للجوائز يخضع لعدة عوامل.. رؤية الناشر وعلاقاته بالكتاب، زمن الطباعة والذائقة العامة لتلقي النص..و زمن النشر والمحاصصة الجغرافية والكثير من الخفايا.. الجوائز فكرة جيدة تنقصها آليات خالية من أمراض الوسط الثقافي العربي التي تنخر لجانه أحيانا”.
أما الكاتبة الكويتية ليلى البلوشي فتقول: “الطامة الكبرى حين تكون أكثر الكتب مبيعا هي وحدها من تحظى باهتمام النقاد في العالم العربي، أن تظهر مئات القراءات عن الكتاب الحائز على جوائز في حين تنتظر آلاف من الكتب فرصتها النقدية من نقاد متخصصين، الطامة الكبرى حين يكون النقد تابعا لا مكتشفا وحين تتحكم به الرافعة الإعلامية، وغاب النقد المكتشف، إلا من رحم ربي، ليحل محله من حسن حظ الكتب القارئ المكتشف”.
وتضيف: “أن جائزة البوكر رفعت من نسبة مقروئية الكتب الفائزة والمرشحة وهذا أمر جيد لمؤلفي هذه الكتب حتما ولكنها أيضا نجحت في التأثير على خيارات بعض نقاد في العالم العربي ؛ بمعنى صرنا نقرأ مئات القراءات عن الكتاب الفائز في وقت نفسه هناك إهمال كبير في الاهتمام بكتب أخرى جيدة لم ترشح لجوائز ، ودور الناقد المكتشف إنزاح وبالكاد له وجود”.
ويعتقد القاص والكاتب الأردني مفلح العدوان أننا بحاجة إلى مثل هذه الجوائز لتكريس وفرز الأسماء المبدعة الجيدة، ويقول: “لا يمكن اطلاق حكم مطلق على الجوائز، وبالنسبة للنتائج والاسماء التي تفرزها، قد يكون هناك بعض اختلاف عليها، وتلك الآراء في مجملها نسبية، تحكمها الذائقة، والرؤية النقدية، لكن النسبة الاكبر مرضية”.
وبخصوص جائزة البوكر فيؤكد: “هي من أهم الجوائز العربية، وهي ذات بعد عالمي، وقيمتها المضافة تكمن في الترجمة وتوسيع دائرة التوزيع، وهناك كثير من الأسماء التي فازت تستحق الفوز، وانا بشكل شخصي أقدر كثير من ابداعات تلك الاسماء.. ثم ان الخطوة الأولى منها تبدأ مع دور النشر التي ترشح الروايات.. قد يكون هناك رأي في الآلية، لكن هناك لجان محترمة، كما أن الفكرة مميزة في تقديم وطرح الجائزة”.
ويرى الناقد الأردني د. غسان عبد الخالق أن من المفترض أن نشعر بالسعادة فور الإعلان عن إطلاق أي جائزة ثقافية عربية جديدة، لأن ذلك من شأنه نعزيز الحراك الثقافي العربي. وقد اضطلعت العديد من الجوائز الثقافية العربية _ ومنها البوكر _ بذلك دون ريب . وحينما أقول : تعزيز الحراك الثقافي فأنا أعني تحديدا زيادة الاهتمام بقراءة الروايات وترويج كتابها على نطاق واسع .
ويضيف: “لكننا من موقع المراقبين الثقافيين نأخذ على جائزة البوكر اتجاهها لترويج أعمال روائية يتجه معظمها إلى تفكيك المنظومة الأخلاقية وإشاعة أجواء من العدمية المفرطة إلى الحد الذي قد يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن ثمة “أجندة” محددة تقف من خلف الجائزة! وأيا كان الأمر فسوف أنطلق من تصريحات رئيس لجنة التحكيم لهذه الدورة في معرض الدار البيضاء، وهو الشاعر العربي الكبير مريد برغوثي، لأقول: إن رئيس وأعضاء اللجنة المحترمين ليسوا مؤهلين اعتباريا للتحكيم مادام أن المعيار الرئيس الذي أفصح عنه رئيس اللجنة يتمثل في “اللغة”! هذا معيار كان يمكن أن يكون مقبولا في الشعر ولكنه لا يصلح منفردا لتمييز الروايات الجيدة من الروايات الرديئة ؛ فالرواية معمار سردي في المقام الأول واللغة عنصر رئيس فيها إلى جانب الإطار الحكائي والشخوص والأحداث والجدّة المطلوبة إلخ .
ويتساءل: “ثم أين كانت إدارة الجائزة حينما فوّزت أعمال روائية في دورات سابقة، تشكو إلى الله من ركاكة اللغة وسطحيتها؟ هذا إذا افترضنا جدلا أن ثمة رؤية عامة توجه إدارة الجائزة وتدفعها إلى التشبث بمعايير عامة لا بد من مراعاتها في كل الدورات”.