أربعون شاعرا إنجليزيا يتغنون بحب مصر

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

أيمن رفعت

 

هذا الكتاب “مصر في الشعر الإنجليزي في القرن 19” يضمّ قصائد يستوحى فيها شعراء اللغة الإنجليزية مصر القديمة، ونهر النيل، ومعظمهم من أبناء القرن التاسع عشر، وقام بترجمته إلى العربية د. محمد عناني.

 

وفي المقدمة يقول المؤلف: كان مصدري الأول لإعداد هذا الكتاب، كتاب عنوانه “وجه محطم” وهي عبارة عن مقتطف من قصيدة شيلي المشهورة عن رمسيس الثاني، والعنوان الفرعي للكتاب هو “شعر القرن التاسع عشر الذي يستلهم مصر القديمة” والمحرر هو دونالدب. ريان، ولكنني لم أكتف بقصائده أو أترجمها كلها، بل حذفت بعضاً منهم وصنفت بعضاً أخرى.

 

ويضيف: يشغل عام 1798 مكانة بارزة في التاريخ المصري خصوصاً، وفي حياة دارسي الأدب الحديث عموماً، فهو العام الذي جاء نابليون بونابرت فيه إلى مصر بالحملة التي ألقت الضوء على ما كان يعتبر “الشرق الغامض”.

 

لقد تغيرت نظم كتابة التاريخ، ولم يعد المؤرخون يفصلون بين التاريخ السياسي (والحرب) وبين التاريخ الاجتماعي والفكري (والأدبي). ويصعب علينا أن نقرأ اليوم أدب تلك السنوات الأولى من القرن التاسع عشر من دون ربطه بما كان يحدث في الحياة العامة، إن سلباً أو إيجابياً.

 

فإذا أمعنا النظر في مجموعة القصائد المترجمة من هذا الكتاب المحدود النطاق، وجدنا صوراً منوعة للإحساس الرومانسي بالزمن، باعتباره وسيلة تحرر من العالم المادي.

 

ويعرض المؤلف قصيدة “إلى النيل” جون كيتس (1818):

 

وليد بأفريقيا في جبال القمر

 

جبال عراق وقد طال فيها العمر

 

تعاليت فوق الزمان بهذا الهرم

 

وفيك التماسيح تسبح منذ القدم

 

ويذكر المؤلف: لا أعتزم يقيناً تحليل أية قصائد من هذه المجموعة، بل أقصد وحسب أن أشير إلى بعض خيوط الصور الممتدة من عام 1818 إلى أوائل القرن العشرين، والغاية إظهار مدى تأثير مصر القديمة في مسار الشعر الإنجليزي على اختلاف أشكاله الفنية، وأبنية نظمه وقوافيه.

 

وفي هذا الصدد يشير المؤلف إلى قصيدة “مصر القديمة” لجيرالد ماسي (1889) قال فيها:

 

مصرُ يا من سكنتْ في أحلامي ** من زمانٍ قد طال حتى احتواني

 

فكأني ولدتُ فيكِ قديماً ** من عصورٍ تغيب عن حسباني

 

أما عن الترجمة فأكرر ما دأبت على ذكره في مقدماتي لترجمة الشعر، أي أنني ترجمت القصائد نظماً فكلها منظومة، وأما القصيدتان الخاليتان من القافية، فلم أكلف نفسي عناء الإتيان بقواف عربية لأصل غير مقفى، ومن بينهما قصيدة روبرت براوننج “أول مولود في الأسرة في مصر” قال فيها:

 

حل ذاك الليل في مصر بخطوات وئيدة

 

في خفاء خلف ألوان الغروب الباهر

 

حين فاضت في السحاب الشاحب الساري بسيال النضار

 

وأخيراً خضع الوهج الذي كل لنزعات الظلال

 

وأما عن مذهبي في الكتاب فهو ترتيب القصائد وفق الترتيب الزمني لكتابتها لا لنشرها، فالشاعر الذي لم ينصفه التاريخ الأدبي هو راسي سميث كان قد تسابق مع شيلي في كتابة سونيتة عن مصر نشرت في حياتهما، وأما المسابقة الأخرى المشهورة حول كتابة قصيدة عن النيل والتي تبارى فيها شيلي مع كيتس وهنت فقد نشر ما كتبوه بعد وفاة الأولين، ولم يعلن فائز في أي من هاتين المسابقتين، وإن كان بعض المترجمين يعتقدون اللواء للشاعر لي هنت، ولم أجد دليلاً واضحاً في المصادر على صحة هذا الكلام.

 

ويذكر المؤلف: وأخيراً تأتي قضية بحور الشعر، وهنا أكرر التزامي بالإيقاع الذي أحسه في الأصل، فهو كفيل بأن يأتي حدساً بالبحر اللائق، متمثلاً قول مهدي علام “دع أذنك تفرض الإيقاع”، ولذلك كنت أحياناً لا ألتزم بالبحور الصافية، أي البحور التي تتكرر فيها تفعيلة واحدة عدة مرات، خصوصاً في الشعر المرسل (أي غير المقفى) الصالح لترجمة المسرح (الكامل والرمل والرجز والمتقارب والخبب)، بل كنت أحياناً ألجأ إلى البحور المركبة (مثل الطويل والبسيط والخفيف) مع تغير القافية ما بين الفقرات، فمادام الشعراء الإنجليز يغيرون القوافي عدة مرات، فليس من المعقول أن آتي بما لم يأتوا به.

 

وفي الختام، يقول المترجم: هذه القصائد قصد بها أن تقرأ باعتبارها شعراً لا باعتبارها تاريخاً أو سجلاً لموقف الأجانب من مصر، وغايتي كما سبق أن ذكرت أن أبين كيف كانت مصر القديمة مصدر إلهام لشعر رومانسي الطابع على امتداد القرن التاسع عشر.

 

يذكر أن كتاب “مصر في الشعر الإنجليزي في القرن 19” ترجمة: د. محمد عناني، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في نحو 256 صفحة من القطع الكبير.

 

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى