أسئلة تبحث عن إجابات حول مصير الكتاب في الأردن

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-

في خضم الاستعداد لمعرض عمان للكتاب الذي سيفتتح يوم الأربعاء المقبل بمشاركة العديد من دور النشر العربية، فإن العديد من الناشرين وباعة الكتب الأردنيين يشتكون من تدني نسبة بيع الكتب في الأردن، وعدم الإقبال عليها كما يجب، ويعزو البعض هذا الركود في سوق الكتاب والعزوف عنه من قبل المواطنين، إلى سوء الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، رغم أن المدخنين في ازدياد على سبيل المثال، إضافة إلى الهواتف الخليوية التي لا تنقطع تعبئة بطاقاتها المدفوعة مسبقا.

 

اختلفت الآراء حول هذه الظاهرة، لكن الجميع اتفقوا على ضرورة قيام الجهات المعنية بدعم الكتاب في الأردن، ووضع إستراتيجية مدروسة لتسويق الكتاب في الأردن وخارجه، من أجل تعميق المفهوم الثقافي، خاصة ونحن من أمة إقرأ.

 

وفي هذا السياق قال الناشر محمد الوحش مدير عام دار دجلة للنشر والتوزيع في عمان إن الكتاب الأردني هو الأفضل في الوطن العربي، من ناحية التسويق والناحية الفنية لأنه ليس كتابا ثقافيا، بل في مجمله كتاب أكاديمي، الأمر الذي يعطيه حالة استمرارية في السوق لحاجة الطالب والمؤسسة التعليمية إليه.

 

وفي معرض رده على سؤال حول تراجع الكتاب في الأردن، أوضح الوحش أنه تراجع وبنسبة كبيرة بسبب القدرات الاقتصادية والجانب التربوي، وما تم تفهيمه للمواطن بأن الكتاب حالة ترف، وما فرض عليه من أولويات، وبالتالي أصبحت الحالة الثقافية في آخر سلم أولوياته واهتماماته.

 

وعندما سئل عن سر استهلاك المواطن المتواصل، لبطاقات الموبايل المدفوعة سلفا، قال الوحش إن ذلك صحيح لأن الضخ الإعلامي الموجه لنا، هو أن نكون استهلاكيين بما يخدم الآخر ومنتجاته، وهذا ما يجعل الموبايل في حالة استهلاك كاملة ومتواصلة.

 

وأضاف: إن المطلوب هو إعادة التربية الذاتية للمواطن، فنحن أمة اقرأ، لكننا آخر من نفكر فيه هو القراءة، إذ لا أحد يقرأ، وأصبح مستوى الدراسة في المدارس لا يدعو الطالب أن يتعلق بكتابه حتى يتعلق بموضوعه، وأصبحنا نقول إسرائيل بدلا من فلسطين بسبب تغيير المناهج الدراسية، محملا المسؤولية عن هذه للعائلة أيضا.

 

وأوضح الوحش أن المطلوب من الجميع تهيئة الطفل منذ نعومة أظفاره لحب الكتاب واقتنائه، واصفا العملية بزراعة الشجرة ورعايتها والاهتمام بها.

 

أما بخصوص النشر فقال إن هناك صفتين هما: التجاري وهو المحكم، والثقافي ذو التوجه، إضافة إلى وجود دور نشر بعينها ذات توجه ثقافي، حتى لو لم تحقق الربح، لوجود من يدعم مثل أمانة عمان ووزارة الثقافة، لكنه استدرك القول إن هذا الدعم يستند في غالبيته على العلاقات الشخصية.

 

وفيما يتعلق بالاستعدادات لمعرض عمان للكتاب الذي سيفتتح يوم الأربعاء المقبل، قال الوحش إنه معرض مهم لطرح المنتج “الكتاب” في الساحة الداخلية، مشددا على وجوب تقديم أفضل ما لدينا من كتب لرفعة شأن المعرض، ولجذب المؤسسات التعليمية كافة إليه للتسوق بدلا من السفر إلى الخارج لشراء الكتب، علما أن المصريين والسوريين واللبنانيين يشاركون في المعرض سنويا بإنتاجهم الضخم، لكنه بين أن هذه المؤسسات توفد مسؤولي الشراء للتسوق من الخارج للحصول على المياومات.

 

وطالب الوحش الدولة بدعم الكتاب، وأن ترعى النشر كما فعل العراق قبل الاحتلال حيث دعمت الدولة الكتاب، وجعلته في متناول أيدي الجميع في الداخل والخارج، مختتما أنه بدون دعم مؤسسي للكتاب فلن نخرج بإنتاج مميز.

 

ومن جهته قال الناشر جهاد أبو حشيش مدير عام دار فضاءات للنشر أن كل كاتب يحلم أن يصل إلى الحد الذي يصبح فيه قلمه يدر عليه دخلا شريفا، ويطمح كل ناشر حقيقي أن يفوز بالكاتب الذي يتسارع القراء لاقتناء كتابه، لكن في كل بلد مؤسسات دولة ترعى الشأن الثقافي وتدعمه، ففي أوروبا وبعض الدول العربية، تقوم الدولة بتقديم مبالغ عالية، دعما لدور النشر حال ترخيص العمل بها لتساعدها على خلق بداية جيدة، وعلى ترويج ما تنشر من كتب ولتقوم بعمل برامج تسويقية وإعلامية خاصة بها، وبناء بنية تحتية، فما الذي توفره وزارة الثقافة أو غيرها من المؤسسات الأردنية للناشر في الأردن؟

 

وأضاف إن هناك دور نشر لو دفعت لها أضعاف كلف كتاب الشعر فلن تطبعه لأنها تجده خاسرا ضمن رؤيتها، وبعضها يشتغل بالكتاب الثقافي، لأن مؤسسة كالعويس مثلا مهتمة بالشعر أو مؤسسة جمعه الماجد قد تشتري منك نسخة أو اثنتين فقط وقد لا تشتري غالبا، ولهذا لا تستطيع أن تقول للناشر إن لم تكن الدولة معنية بالأمر، أيها الناشر تحمل الخسارة، وعلى فرض أنه تحملها لمرة أو اثنتين فلن تجده يستمر بل سيقفل كما فعلت 36 دارا لبنانية مؤخرا.

 

 

 

وبين أبو حشيش أن الكاتب يدفع لنشر كتابه، لكن الدار لا تبت في الأمر قبل أن يعرض على لجنة القراءة وعلى حساب الدار، ويعلم هذا الكثير مشيرا إلى أنه تم رفض البعض وقيل لهم أن ما تنوون نشره لا يمتلك الحد الأدنى ولذلك فأي فلس يعد بمثابة سرقة نرفض أن نكون طرفا فيها، وتعلم جمعيات عربية للكتاب أننا أعددنا لها ما يتهافت عليه الكثيرون فقط لأن شرط اطلاعنا المسبق قبل الموافقة لم يتحقق.

 

وأوضح أبو حشيش أنه يحاول جهده النظر إلى الأمر بما يضمن الحد الأدنى إن كان الكاتب ناشئا ولمح فيما يكتبه بذرة إبداع ويتوخى أن نصيب، ويمارس دورا إعلاميا عاما بالإعلان عن الإصدار وحفل التوقيع لتقديمه للجمهور باذلا من خلال الدار استطاعته وللجمهور القرار في النهاية، وإن استمر معها تصبح معنية بالعمل معه أولا على صعيد تجاوز نصه إبداعيا لما سبق، ثم تطوير المتابعة الإعلامية لتشمل ما هو ممنهج ومدروس أكثر لأن اللحمة ومراهنتها على النص تصبح راسخة وتكون قد بدأت بامتلاك القناعة أنه يتحول من الكتابة إلى الإبداع.

 

 

 

وتساءل إلى أي مدى تهتم وزارة التربية بالكاتب الأردني وكم نسخة تشتري من كتابه؟ وأنت تعلم.

 

هل تعلم أن شومان تشتري من دار النشر نسخة واحدة من الكتاب، وأيضا جامعة اليرموك وغيرها وعلى الأكثر نسختين وإن حسبت المواصلة فأنت ستدفع أكثر من ثمن الكتاب المباع؟ وأمانة عمان التي كانت تشتري من المؤلف 50 نسخة صارت تشتري منه 20 نسخة ومن الناشر 10 نسخ ولا تشتري إلا من طرف واحد، ولذلك تركنا المؤسسات الأردنية ليتم بيعها من قبل الكاتب.

 

كما تساءل أيضا: هل تعلم أن الناشر إذا تعامل بجدية سيحتاج لما يقارب خمسين ألفا للمشاركة في المعارض العربية فقط لأن كلفة أي معرض ومصاريفه لا تقل عن 7 آلاف دولار قد لا يبيع فيها، خاصة إن لم يكن لديه كتاب أكاديمي؟ وهل تعلم أن وجود مستشار ثقافي واحد في الدار سيكلف الناشر مبلغا ليس بسيطا، وان وجود مسؤول إعلامي وصحفي يحرر خبر الإصدار ونقاد يقيمون النصوص سيكلف كذلك وإن وجود لجنة تحرير ولجنة تدقيق وهذا الأمر لا تتبناه أردنيا حتى وزارة الثقافة لعلو التكاليف المالية؟ وقد لا أغالي إن قلت إن فضاءات هي من تقوم بذلك وهذا يثقل كاهلنا جدا.

 

وهل تعلم أن معظم الكتاب الأردنيين يندر أن يشتروا كتابا أردنيا؟ لأنهم غالبا يريدونه إهداء، ونادرا ما يشترون كتابا غير أردني وهؤلاء المهتمون فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى