أغلَقوا شاشة العرض / مهند السبتي

الجسرة الثقافية الإلكترونية-خاص-
القراءة الجيدة، تعود بك إلى الكتابة الجيدة، تماما كأن تلتقي بمن لم يتنفسوا هواءنا الفاسد، بمن لم يمرروا ضربة قاضية في غير مكانها، في حين أن العالم كان سيصفق بلا انقطاع.
إنك لا تريد له أن يظهر على الشاشة، تريد له أن لا يكون مرئيا، أن لا يحمله الإعجاب إلى الساحات ولا أن يدخلوه إلى البيوت على أنه الاكتشاف العظيم، سأقدم له نصيحة بالاختباء، فلا ينتهي إلى قبضة قاتلة، هكذا يمكن أن نعيد قسمة الحياة بين الأوغاد والطيبين، بين من لهم القدرة على الظهور، والآخرين ممن يطورون قدراتهم على التخفي والاختباء.
المشكلة في الذاكرة، لو أنهم مسحوها قبل أن يلقوا بك إلى حياة يصفونها بالجديدة، فأنت لن تفتح النافذة لتكتشف، ستقلّب الأوراق لتقول عن الفارق بين ما خبرته وما تصادفه الآن، السرير الذي اتسع لشخصين ثم إنه يضيق بجثة هامدة، سوف تقوم بحساب بسيط للخطوات التي كان يتسع لها البيت والضحكات بالطبع، ثم لن تشعر بالرضا، المشكلة في الذاكرة لو أنهم مسحوها.
أحداث الفلم لا تنتهي عندما تغلق شاشة العرض، كنت أقول أن الرجل الذي وضع رأسه تحت تصرف الآلة لن يشعر بالخوف ولا بالتقدم البطيء للموت، حتى أن موته سيكون أشبه بانتهاء بطارية الشحن، ثم بانغلاق الجهاز دون أن يصدر عنه ما يشير إلى الألم الشديد، هذا ما لم يحدث، فقد استقبل الجهاز أحاسيس البشري الذي حفظ مشاعره في ملف خاص، ثم ارتطم الرجل والجهاز العاقل_ كما كان مفترضا_ بحنين عاجل ومتقد لامرأة بعينها، لحياة كانت تجمعهما معا. المهم أن البشر الملتجئين إلى الآلة لم يحفظوا أنفسهم من الأحاسيس القاتلة والشهية معا، ثم إنهم نقلوا هذه الأمراض المميتة إلى الأجهزة، بما اصطلحوا على تسميته بالفيروس، لهذا أصبحت الأجهزة قادرة على اقتحام حياة آخرين، تشويشها، وحمل ما نسميه بالخاص والمقدس إلى العام والممتهن بآراء آخرين لن يبرروا حدوث حالة من الحب، في عالم يأخذ صورة عابسة له على أنها شعار المرحلة.
*شاعر وكاتب من الأردن