ألعاب الأطفال القاتلة


في السنوات الأخيرة، أصبحت ألعاب الفيديو الحديثة جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال والمراهقين، حيث يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات مندمجين في عوالم افتراضية مليئة بالإثارة، ورغم أن هذه الألعاب يمكن أن توفر الترفيه وتنمّي بعض المهارات، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا لها، خاصة تلك التي تتضمن مشاهد عنف أو محادثات غير لائقة أو رسائل خفية يمكن أن تؤثر على الصحة النفسية والسلوك.
وتكرار التعرض لمشاهد العنف داخل الألعاب يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حساسية الطفل تجاه العنف في الواقع، وزيادة ميله إلى السلوك العدواني، كما أن بعض الألعاب تتيح خاصية المحادثة المباشرة (Chat) مع لاعبين مجهولين، وهو ما قد يفتح الباب أمام التنمّر الإلكتروني أو استدراج القُصّر من قبل أشخاص ذوي نوايا سيئة، هذا النوع من التجارب قد يولّد لدى الطفل مشاعر القلق، العزلة، والاكتئاب.
في بعض الحالات، يصبح الطفل أو المراهق أكثر تأثرًا بالرسائل السلبية أو الإيحاءات الخطيرة التي قد يتلقاها أثناء اللعب، بعض الألعاب أو المجموعات السرية المرتبطة بها قد تحث اللاعبين على القيام بتحديات خطيرة، مثل إيذاء النفس أو الانتحار، على غرار «تحدي الحوت الأزرق” الذي أودى بحياة عدد من المراهقين حول العالم، كذلك، يمكن أن تتسلل أفكار سلبية إلى عقل المراهق إذا كان يعيش ظروفًا أسرية أو اجتماعية صعبة، فتكون اللعبة بيئة محفّزة لزيادة تلك الأفكار.
وطالعتنا الأخبار بعدة قصص لحوادث مرتبطة بالألعاب فمثلاً: في عدة دول سُجلت حالات انتحار بين المراهقين بعد مشاركتهم في تحديات إلكترونية خطيرة عبر ألعاب أو منصات دردشة داخل الألعاب، كما عُرضت تقارير إعلامية وثّقت أطفالاً أصيبوا بجروح بسبب تنفيذ أوامر أو تحديات تلقوها من لاعبين آخرين مجهولين، بالإضافة إلى زيادة حالات التنمّر الإلكتروني أثناء اللعب والتب دفعّت بعض المراهقين للدخول في نوبات إكتئاب حادة.
ولهذا على الأهل أن يكونوا أكثر وعياً للتعامل مع أطفالهم والمراهقين في السماح لهم باللعب في ألعاب الفيديو مع مراقبة لنوعية الألعاب ومحتواها، وقراءة التقييمات والمراجعات لمعرفة محتواها، تحديد الوقت المسموح، ووضع حدود زمنية للعب لتجنب الإدمان وتأثيره على النوم والدراسة، المشاركة في اللعب، محاولة تجربة اللعبة مع الطفل لفهم طبيعتها ومحتواها، التوعية بالمخاطر، مناقشة الطفل بوضوح حول مخاطر العنف الإلكتروني والتحديات الخطيرة، استخدام أدوات الرقابة، تفعيل ميزات الحماية الأبوية لمنع الوصول إلى محتوى غير مناسب، الدعم النفسي، ملاحظة أي تغيّر في سلوك الطفل أو مزاجه، وعدم التردد في طلب المساعدة من مختصين نفسيين إذا لزم الأمر، فذلك أفضل من أن تُفجع الأسرة بفقدان أطفالها،
* تبقى ألعاب الفيديو أداة ترفيهية مؤثرة في حياة الجيل الجديد، لكن دور الأهل في التوجيه والمراقبة ضروري لحماية الأبناء من مخاطر العنف والإيحاءات السلبية التي قد تؤدي إلى إيذاء النفس أو الانتحار، الوعي والمشاركة الأسرية هما خط الدفاع الأول أمام هذه التحديات الرقمية.
** المصدر: جريدة”الشرق