إضاءة على المجموعة الشعرية \”نقوش على خاصرة أيلون\” للشاعر حسن أبودية / صابرين ع.ف

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص –
أ.حسن عبد السلام أبو دية كاتب وقاص وشاعر فلسطيني من مواليد قرية “يالو” المهجرة..مقيم في الإمارات العربية المتحدة..صدر له نصوص “ثلاثية العذاب” ومجموعة قصصية “جسد” ومجموعة شعرية “نقوش على خاصرة أيلون” وكلها عن دار فضاءات للنشر والتوزيع..ومجموعة قصصية “العيون المشتعلة” ونصوص “بثينة وأبناء الرمل” عن دور نشر أخرى..
يتسابق أ.أبودية وحرفه في خط التراب الفلسطيني والقضية في رؤية تحمل الطابع التفاؤلي بأن الغد أفضل..فالقدر لا يمنع غرس بذرة الانتماء لكل من فقد بوصلته واستسلم لمرار الواقع..
“أيلون” التي نقشها الشاعر في أرواح المعذبين هي الاسم الكنعاني لقرية يالو المهجرة كما يشير في مقدمة مجموعته الشعرية..تعويذته التي يتنسم طيفها حين يناجيها..مأوى الجرح ومنفى الملح..مكان ولادته..الحاضرة في ثنايا التشظي..ابنة للأم..والأم جنةٌ مقدسة…
قصيدة النثر في شعر أ.أبودية خَلق حر له مضمونه الموضوعي..رؤيا شعرية وفلسفية ..وبرغم ألغام الوزن والموسيقى إلا أنه يطوع الحرف لنبض شريانه..فيبني عالماً يتأرجح الصوت فيه ما بين محافظ على الغموض الشعري وما بين الصور الحية والمفردات القوية…
ما يلفت الانتباه هو العنوان الذي ينطوي على ثلاث مفردات مفتاحية للغة..أولها “النقوش” وهي الآثار..مفردة تدل على تدوين التاريخ لحفظه من الضياع والاندثار..المفردة الثانية وهي “الخاصرة” صورة مجازية للوجع والعشق معاً..فالخاصرة يشكها الألم كما أنها الجزء الجمالي في جسم الإنسان..في جمع النقيضين يشدد أ.أبو دية على أهمية المكان والمقصود قرية يالو..ذات التوصيفات الدلالية والحسية لحرف الشاعر..فهي تمثل الأم..البيت..الوطن..العرض..الطفولة..الذاكرة..والهوية..
أما المفردة الثالثة فهي “أيلون” أصل التدوين..المكان الذي ينتمي له الشاعر بكل حواسه وفكره…
معجم مفرداته يمنح الصور الأدبية إيقاع وتفردلأنها مفردات الذاكرة..كذلك مراوحته ومزاوجته وتنقله في تصوير الهم الجماعي تارةً وأناه وذاتيته تارةً أخرى معاتباً ومناجياً ومستعيناً بذاكرة الطفل الذي غادر القرية قسراً وبقيت له من شريط الذاكرة بيارة وتنور..
الماء والنور عاملان رئيسان في لملمة أشلاء الغربة وتحقيق العدالة الوجودية للإنسان فما بالكم إن كانت عوامل رئيسية في معادلة الشعر؟!
يختم الشاعر إحدى قصائده “صهيل الذاكرة” بحلمٍ يأمل أن يتحقق في ترنيمة الأطفال التي نقلتها لنا الجدات..حلم العودة..لأنه قدر الأبرياء من مذابح التاريخ..
الذاكرة تخترق الزمن لتجعل من التجربة والمنفى مساحة لامكانية كما أنها تضع فواصلاً زمنية بين الماضي والحاضر..لا تنهي الألم وإنما تجعله لا يفقد الأمل بحلم العودة وقد اتضح ذلك في قصيدته “الحقيقة”..