“إمبراطورية في المزاد” يختتم عروض مهرجان المسرح الشبابي

الجسرة الثقافية الالكترونية

*مصطفى عبد المنعم واشرف مصطفى

المصدر: الراية

 

اختتم العرض المسرحي “إمبراطورية في المزاد” أمس فعاليات مهرجان المسرح الشبابي الذي تم تنظيمه برعاية من وزارة الشباب والرياضة منذ الأحد الماضي في حين يرتقب أن يكون موعد حفل الختام وإعلان الجوائز مساء اليوم بمسرح قطر الوطني.

 

قدم العرض السادس والأخير الذي يحمل عنوان «إمبراطورية في المزاد» مركز شباب برزان من تأليف علي أحمد باكثير وإخراج صالح محمد المري، الذي يعد أحد المخرجين القطريين الجدد على الساحة المسرحية الشبابية، ويخوض غمار الإخراج بعد مشاركته في العديد من الأعمال المسرحية، بالإضافة إلى أنه أسهم في إخراج العديد من الأفلام القصيرة، والعمل من بطولة عدد من الشباب القطري المتميز، منهم مشعل الدوسري، وعبدالله الزيارة، ومحمد الزيارة، وعادل سعيد، وسيف اليزوري، فضلاً عن مشاركة عشرة من منتسبي النشاط المسرحي بمركز شباب برزان.

 

من جهته قال مخرج المسرحية صالح محمد المري إن المسرحية تتناول بشكل مختصر الوطن العربي وقضاياه، وتحاول ملامسة الواقع الحالي الذي تعيشه معظم دولنا العربية، وثمن صالح المري احتضان مركز شباب برزان، لمثل تلك الأعمال المسرحية وللشباب مؤكداً أن ذلك الاحتضان يؤكد دعم المركز للشباب القطري، الذي أنشئت المراكز الشبابية لدعمهم وتطويرهم.

 

كتب علي أحمد باكثير هذه المسرحية عام 1951م. وهي مسرحية من أربعة فصول، تدور أحداثها حول سقوط إمبراطورية بريطانيا العظمى – كما كانت تعرف آنذاك- والتي لم تكن تغيب عنها الشمس. وذلك بعد تكون الكتلة الثالثة في مؤتمر دلهي للسلام، التي دعت إلى تصفية الإمبراطورية البريطانية وبيع مستعمراتها في المزاد لتشتري شعوبها حريتها. كما تكشف مسرحية باكثير أبعاد الهيمنة الصهيونية في بريطانيا، وسيطرة اليهود على السياسيين البريطانيين.

 

قدم المخرج معالجة مختلفة تماماً عن النص الأصلي الذي كتبه باكثير وقام بإسقاط الوضع على عالمنا العربي، واكتفى بالتركيز على مشهد السجن الذي يأتي في الفصل الثالث من المسرحية الأصلية ليروي من خلاله بعض ما حدث فيما قبل، وحذف باقية المشاهد التي تحدثنا في أمور مختلفة أراد مؤلف النص التركيز عليها أبرزها سيطرة الكيان الصهيوني على القرارات البريطانية في ذلك التاريخ، وتروي أحداث المسرحية بعد معالجتها بطريقة مختلفة عن معاناة أحد القادة من ويلات السجن ويرى ان ابنه الذي انضم للثوار هو مثال للابن العاق. خاصة بعد وفاة زوجته وبعد أن قرر أن يقطع علاقته بهذا الابن، إلا أنه يذهب لوالده ليطلب منه مفتاح خزينته الحديدية ويخبره أن الثوار قد صادروا ممتلكاته وممتلكات الأغنياء بهدف شراء حرية البلدة. وسرعان ما تنقلب الأحداث وتأتي أخبارة جديدة مفادها أنه سيتم إطلاق سراح الأب، بعض معارضة كتلة ثالثة لما يحدث على الساحة.

 

يحاول العرض في شكله العام التعبير عن الحاضر من خلال محاولة قائمة علي افكار و أشكال معاصرة و جديدة لتمثل الصراع الذي يمر به العالم في اللحظة الراهنة فيأخذنا العرض من النص الأصلي بظروفه التاريخية المختلفة إلى الحاضر عندما نجده يناقش قضايا أشبه بما يمر بها العلم العربي، كما يتحدث عن انتظار الأمل الزائف والوهم الذي يجب أن يدركه المجتمع لكي يأخذ حذره منه.

 

اجتهد الشباب في أداء تمثيلي راق حاول الوصول إلى مرحلة الاتزان مبتعداً عن الانفعاليات الزائدة إلا في بعض اللحظات التي قد يكونون فقدوا السيطرة فيها، وكذلك اجتهدوا في الأداء الحركي الذي تجلى في بعض الاستعراضات المضافة للعرض، لكن أهم ما عاب الإخراج، أنه جعل الشخصيات الرئيسية تتحرك في محيط دائرة تتوسط المسرح وكان من الأنسب للمخرج أن يستغل كل جنبات الخشبة ليعج بالحياة، ويملأ كل الفراغات، بدلاً من أن يصيب الإيقاع في مقتل خلال بعض اللحظات باكتفاء العرض بحركة محدودة، رغم كونها إحدى أهم سبل أداء الممثل، وتساعده على إيصال ما يريد ولقد حاول المخرج أن يقدم المسرحية من خلال مستويين للحركة والتعبير مع إحداث التوافق بينهما فجعل الأحداث تدور في المستوى الأعلى بالدائرة التي توسطت المسرح بينما يحيط الشعب بهذه الدائرة لتؤكد سيطرته على هذا الحاكم الظالم.

 

واستخدم العرض عددا من الاستعراضات من خلال بعض أفراد الشعب الذين جاء بهم ليحلوا مكان الكورس بما يعطي مجالاً للعرض لسرد بعض الأحداث التي استغنى عن تصويرها بطريقة السرد. كما لجأ المخرج لاستخدام عنصر الموسيقى طوال العرض ليحدث حالة من الشجن تساعد الممثلين على أن يتعايشوا مع أدوارهم التي تعج بالحزن والمآسي، وللإيحاء بجو التوتر والقلق وكذلك الحزن الذي يعيش فيه البطل، ولتصوير حالتي (حبه) – لزوجته التي توفيت منذ زمن ليس ببعيد – و(العنف) وهما حالتان متناقضتان، ولا شك أن تلك المؤثرات الموسيقة وكذلك الإضاءة قد نجحا في التعبير عن الصراعات الداخلية التي تتفاعل في داخل نفس البطل الذي يمثل إنسان هذا العصر التائه بين الرغبة في التواصل مع الناس ورفضهم ومحاولة التخلص منهم، أي بين البوح والفضح. وهو ما يعبر عنه في المسرحية بقول الجمل المتناقضة، كما ساعدت الأغنية التي اختتمت العرض على تلخيص الفكرة، وإضافة حالة حماسية أرادها مخرج العمل.

 

وبشكل عام فقد أعطى هذا العمل مساحة وافرة لعدد من الممثلين الشباب ليحصلوا بذلك على فرص للمشاركة في مثل هذه المحافل والمهرجانات المهمة ويتخطوا مهابة الوقوف أمام الجمهور، وبلا شك فإن الهدف من تقييم إبداعات المواهب الناشئة والجديدة هو تشجيعهم وحثهم على مواصلة التعليم والتدريب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى