«إيجيبتون»: الكرتون أصدق من الواقع

الجسرة الثقافية الالكترونية
وئام يوسف
تحكي قناة «إيجيبتون» على «يوتيوب» واقع الشباب المصري، بطريقة ساخرة. أنتجت القناة خلال ثلاث سنوات أكثر من 200 شريط حول مواضيع مختلفة. تسلّط إحدى الحلقات الضوء على استغلال المدير المتسلط لجهود موظفيه من دون مردود مادي جيد، وانتقامه منهم إن طالبوا بحقوقهم. تنتقد حلقة أخرى بعنوان «شظايا ريهام سعيد» الإعلام المصري، وتحديداً برنامج «صبايا الخير»، من خلال السخرية من الوجه المثالي الذي تظهره القناة، وما تخفيه من كذب وتلاعب بأخلاقيات الإعلام. وخصصت بعض الحلقات لما تعانيه الفتيات المصريات في ظل التناقض المجتمعي والديني، وكيف ينتهي المطاف إلى أن تشعل الفتاة نفسها، هرباً من ذلك الفصام.
«حيحان» أحد أكثر الفيديوهات طرافة على القناة، ويتناول ظاهرة التحرش الجنسي بشكل نقدي، عندما تتحول في عام 2020 إلى وباء يحمل اسم «حيحانتيوس» وتفرض وزارة الصحة حظراً بسببه، محذرة الفتيات من خلال لوحات طرقية من الشبان المصابين بالوباء. ويظهر المصابون بأنَّ لهم ملامح الإنسان البدائي بعيون جاحظة وإفرازات لعاب زائدة. سخريةٌ لاقت قبولاً وانتشاراً كبيرين جعل عدد متابعي القناة على «يوتيوب» يقارب 600 ألف متابع أغلبهم من فئة الشباب، في حين تعدت نسبة إجمالي المشاهدات 80 مليون مشاهدة.
مؤسس «إيجيبتون» أشرف حمدي طبيب أسنان لم يزاول مهنته، واتجه إلى رسم الكاريكاتور في عدّة صحف ومجلات ومواقع، منها مجلة «صباح الخير» و «روز اليوسف» ومجلة «كاريكاتير»، و «الأهرام»، وموقع «مصراوي». كما عمل لفترة طويلة في مجال الرسوم المتحركة كمصمم شخصيات ورسام «ستوري بورد» في العديد من الشركات الخاصة.
نشأت قناة «إيجيبتون» مع بدء العمل ببرنامج شراكة «يوتيوب» في مصر العام 2013. أتاح البرنامج لمستخدمي الموقع من مصر مشاركة أرباح الفيديوهات التي يرفعونها، ما ساعد صنّاع المحتوى على الاستمرار في إنتاج أعمالهم كمستقلين. يقول حمدي: «بالرغم من أن العائد المادي ضعيف إلا أنه يساهم في تغطية بعض تكاليف الإنتاج، ما شجعنا على إنشاء شبكة قنوات «إيجيبتون» للعمل كمستقلين على الانترنت، نظرًا للحرية الكبيرة في التعبير بعيدًا عن معوقات النشر التقليدية، ومن دون تدخل أي جهة إنتاجية في أفكار الأعمال وطريقة تنفيذها».
تناولت العديد من البرامج التلفزيونية قناة «إيجيبتون» لما حقّقته من مشاهدة عالية خصوصاً بين فئة الشباب. «آراء الشباب تظهر من خلال تعليقاتهم على حلقات القناة التي تأخذ الآراء بعين الاعتبار وتستعين ببعض السناريوهات المقترحة»، حسب قول حمدي.
من أشهر شخصيّات «إيجبتون»، شخصيّة «أيمون المجنون»، وهو شاب أصيب خلال «ثورة يناير»، ودخل في غيبوبة مدة خمس سنوات، ليصحو ويجد أن أحلام الثورة لم تتحقّق بعد، فيصاب بالإحباط والجنون. يقرر «أيمون» الإقامة في غرفة مجهولة الموقع والحديث أسبوعياً عبر «إيجيبتون» عن مواضيع وأفكار يعتقد أنها تحتاج إلى مراجعة. من يتابع «أيمون» يلمس أنّه ليس مجنوناً بل الواقع المحيط به. «أيمون» شخصية ابتكرها أشرف حمدي للحديث عمّا لم تنجح الثورة في إنجازه.
أراد أشرف حمدي من خلال «أيمون المجنون»، خلق شخصية كرتونية ثابتة ليتعلق بها الجمهور وتستمر فترة طويلة ويتناول من خلالها المواضيع السياسية والاجتماعية والفلسفية والفنية. يقول لـ «السفير» إنّ «التعبير من خلال شخصية مباشرة أقل كلفة وتطلّبًا للوقت مقارنة بإنتاج أفلام بشخصيات متعددة». بعد نجاح حلقات «أيمون المجنون»، سَتُقدَم بشكل يومي خلال شهر رمضان المقبل، بحسب حمدي.
لم يكتف أشرف حمدي بتقديم مواده من عالم الكرتون، بل قدّم محتوى موجها للأطفال. وقد أطلق قناة «كلايتون» لتعليم الأطفال صناعة هياكل وأشكال من الصلصال، بطريقة بسيطة وألوان جميلة. ذلك ليس آخر مطاف، فأشرف حمدي مستمر في ابتكار مساحات ملونة لأجيال ضاق بها الواقع.
المصدر: السفير