اتحاد الصحافيين العرب . . الرواد وتحديات نصف قرن

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص
غريب الدماطي:
كان الستينات من القرن الماضي هو عقد التحديات الكبرى التي واجهتها أمتنا العربية، ثورات انطلقت قبل هذا التاريخ تحاول أن تثبت أوضاعها وتحقق أحلام شعوبها، وهبات في دول أخرى تحاول اللحاق بمسيرة التحرر، ودول استعمارية تحاول استمرار فرض إرادتها ولا تريد أن تتخلى عن مصالحها، وقوى دولية جديدة تسعى لوراثة الاستعمار القديم . في ظل هذا المشهد الدرامي كان ميلاد اتحاد الصحفيين العرب منذ نحو 50 عاماً بفكرة بين الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وشيخ الصحفيين العرب وأول رئيس للاتحاد حسين فهمي، انطلاقاً من إيمان بدور المثقفين العرب وبدء ميلاد صحافة عربية تهتم بتكوين وعي عربي متقدم .
جاء احتفال أمس الأول بالقاهرة بمناسبة مرور 50 عاماً والمشهد العربي يواجه تحديات مصيرية جديدة، وجاء لقاء السيسي مع رجال الصحافة العربية وكأنه يذكرهم بالبدايات الأولى لأصل فكرة نشأة الاتحاد، كما انطلقت الأصوات خلال الفعاليات التي جرت بالقاهرة تطالب باستعادة دور الإعلام العربي وتذكر كيف مهّد لنا الطريق رواد ناضلوا ودفعوا ثمناً غالياً خلال هذا المشوار الطويل .
ووسط حضور لفيف من كبار الكتاب والصحفيين والمثقفين المصريين والعرب والمسؤولين المصريين، احتفل أمس الأول اتحاد الصحفيين العرب ب”اليوبيل الذهبي” على تأسيسه، حيث كرم 20 من فرسان الصحافة، وهم: الدكتور عبدالله عمران تريم، وكامل الزهيري، ومكرم محمد أحمد، وصبري أبو المجد، وصلاح الدين حافظ، وسجاد الغازي، وطلال سلمان، وسعيد الجناحي، وفضل الله محمد فضل الله، وإبراهيم عبده الخوري، ومحمود المردي، وأركان محمد سعود المجالي، وإلياس مراد، ومحمد بن سليمان الطائي، وفاطمة حسين العيس، وحسن البطل، والدكتور صابر فلحوط، ومحبوب علي القباطي، ومحمد حسين معلم محمد، وعبدالله عمر خياط .
وقال إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء المصري، في كلمته أمام الحفل: إن الاتحاد أكد في دستوره التأسيسي “عزم الصحفيين العرب على استخدام أقلامهم ومواصلة النضال لتحرير الوطن العربي من كل تدخل أجنبي أو نفوذ استعماري” . وأضاف: “اسمحوا لي- وأنا أستعيد معكم تلك الكلمات البليغة- أن أقول أليست هذه النصوص الباهرة هي نفسها التي نحتاجها اليوم، ونحن نناضل كشعوب ودول مستقلة وحرة لندفع شر بلاء جديد شديد التخلف والظلامية، يهاجم بشراسة في أكثر من قطر عربي، ليعود بشعوبنا سنوات طويلة إلى الوراء وليمحوا آثار كل نهضة حققناها وليهدم كل حضارة بنيناها” .
ومن جانبه، قال حاتم زكريا، الأمين العام للاتحاد: إن عمل الاتحاد يرتكز على جناحين هما “الحرية والمسؤولية”، وهو ما يسد إيمان الصحفيين بأن دفاعهم العنيد عن الحرية لا يعني إغفالهم خطورة المسؤولية التي يحملون أعباءها عبر سنوات العمل الصحفي، وأخلاقيات المهنة جزء لا يتجزأ من حريتها ورسالتها، والصحفيون يلتزمون بهذه الأخلاقيات عن إيمان بأن الصحافة خدمة لجماهير القراء أولا، وأن ثقة القراء هي أغلى ما يطمح إليه الصحفي .
وأشار إلى أنه لتجسيد هذا الشعار ينبغي على الصحفيين العرب الالتزام باحترام الحياة الخاصة للمواطنين بما لا يمس سمعتهم، فرسالة الصحافة مقدسة لا تخضع للانتهازية أو الابتزاز أو التشهير أو الوشاية، كما أن رسالة الصحافة تقتضي الموضوعية والتأكد من صحة المعلومات قبل النشر والحصول على المعلومة من مصادرها حق للصحفي لا بد أن يكفله القانون حتى يمكن إلزامه بالتصحيح إذا تبين خطأ ما نشر واتباع الخطوات القانونية التي تقرها نقابته لمحاسبته .
وأكد زكريا أن أوضاع الحريات الصحفية في وطننا العربي مازالت أوضاعاً تعيسة في مجملها ولا شك في أن تعزيز الدفاع عن حرية الصحافة التي تتعرض لانتهاكات متعددة في المنطقة العربية يتطلب جهوداً مستمرة من الاتحاد باعتبارها قضيته الأساسية ومحور حركته وسر نشاطه، وشدد على ضرورة أن يولي الاتحاد عملية صقل الصحفي العربي جانباً من الرعاية لرفع كفاءته المهنية في عصر العولمة، وفي السياق نفسه فإن الاتحاد بعد دراسة جادة تنفيذا لتوصية لجنة الإعداد للاحتفال لتدشين موسوعة تاريخ الصحافة العربية وذلك في إطار توثيق تاريخي لنشأتها وسيرتها ويؤرخ الاتحاد هذه الموسوعة في شكل عمل علمي ضخم يعد إنجازاً علمياً، كما يدرس الاتحاد بالتعاون مع كلية الإعلام جامعة القاهرة إنشاء مرصد صحفي لرصد وتحليل الصحف العربية وحل مشاكلها التحريرية والإدارية وتطويرها في ظل التقدم التقني الهائل والمنافسة الشرسة من المواقع والصحف الإلكترونية .
رواد أثروا الصحافة العربية
تحت عنوان “رواد أثروا الصحافة العربية” أصدر اتحاد الصحفيين العرب كتاباً يتضمن أسماء من تولوا رئاسة الاتحاد وأمانته العامة، والسيرة الذاتية لكل منهم، إضافة إلى 20 شخصية صحفية من كبار الكتاب والصحفيين العرب، حل فيها المغفور له بإذن الله عبدالله عمران تريم ثانياً بعد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل .
وتناول الكتاب سيرته الذاتية، وأشار إلى أن عبدالله عمران ولد في عام 1948 وحصل على ليسانس التاريخ في كلية الآداب جامعة القاهرة عام ،1966 وعلى الدكتوراه في التاريخ الحديث في جامعة اكستر بالمملكة المتحدة عام ،1986 وكان عضواً في فريق المفاوضات التساعية والسباعية لإقامة دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1968 إلى ،1971 وشغل منصب وزير العدل 1971 إلى 1972 ووزيراً للتربية والتعليم من عام 1972 إلى ،1979 وشارك مع شقيقه المرحوم تريم عمران في تأسيس صحيفة “الخليج” عام 1970 وتوقفت واستأنف إصدارها عام ،1980 حيث تطورت بعد ذلك إلى مؤسسة دار الخليج يصدر عنها مطبوعات يومية وأسبوعية وشهرية .
كما أنشأ المرحوم عبدالله عمران مركز الخليج للدراسات، وتولى رئيس مجلس إدارة المؤسسة بعد وفاة شقيقه تريم عمران في 16 مايو ،2002 واختير شخصية العام الإعلامية ضمن جائزة الصحافة العربية عام 2009 .
وقد كلفه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات بتأسيس جامعة الإمارات خلال توليه منصب وزير التربية والتعليم، وكان أول رئيس للجامعة .
عمل على وضع العديد من المناهج وطرق التعليم وقام بتأسيس مؤسسة تريم عمران للأعمال الثقافية، تخليداً لذكرى شقيقه، ولتعزيز العمل الصحفي والإعلامي في دولة الإمارات، كما أنشأ مركز تريم للتدريب والتطوير الإعلامي ليقدم دورات ودروساً ومحاضرات إعلامية وصحفية مجاناً لكل من يعمل في الإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة .
واللافت أن الكتاب تضمن عدداً من السيرات الشخصية للكتاب، من بينهم محمد حسنين هيكل، وقال الاتحاد في مقدمة الكتاب إنه منذ نحو ما يزيد على 50 عاماً بدأت الخطوات الأولى لتأسيس اتحاد الصحفيين العرب على يد نخبة من رواد الصحافة العربية، في وقت كانت الصحوة القومية في عز صعودها وقوة ازدهارها، تعبيراً عن تطلعات الشعب العربي في كل من أقطاره للتحرر والوحدة والعزة والكرامة، وعلى مدى 50 عاماً حافظ اتحاد الصحفيين العرب على مبادئه في الحرية والمسؤولية، وعلى مهامه في مساندة المشروع القومي العربي للنهوض والتحرر والتوحد .