اعتذار رجال الأعمال عن تمويل المهرجان … يغيّب النجوم العالميين

هبة ياسين

على رغم ما تعانيه صناعة السينما من صعوبات إنتاجية، وفي ظل أوضاع اقتصادية مضطربة تشهدها مصر هذه الفترة، إلا أن القاهرة ما زالت قادرة على احتضان كبرى تظاهراتها السينمائية متمثلة في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، الذي انطلق للمرة الأولى العام 1976، ليكون واحداً من أول المهرجانات السينمائية الدولية التي تُقام في الوطن العربي وأحد أهم المهرجانات الرسمية في العالم. وانتظم انعقاده السنوي باستثناء العامين 2011 و2013، نتيجة الاضطرابات السياسية والأمنية في مصر.
وتحت شعار «السينما للجمهور»، ينطلق هذا العام في دورته الثامنة والثلاثين في الفترة من (15- 25 تشرين الثاني – نوفمبر) الجاري. تحت رئاسة الدكتورة ماجدة واصف، والمدير الفني الناقد يوسف شريف رزق الله.

لزوم الديبلوماسية
وتحل السينما الصينية ضيف شرف المهرجان لهذا العام، تزامناً مع الاحتفال بمرور ستين عاماً على إقامة العلاقات الديبلوماسية بين مصر والصين العام 1956، بحضور وفد صيني كبير، يقدم 20 فيلماً بينها 18 فيلماً تم إنتاجها بين العامين 2000 حتى 2016 وفيلمان من كلاسيكيات السينما الصينية إنتاح الأربعينات والخمسينات في القرن الماضي.
أكثر من 204 أفلام من 60 دولة حول العالم يتم عرضها خلال 382 حفلة، وتتم ترجمة 45 منها تيسيراً على الضيوف الأجانب لمتابعة الأفلام العربية. والسينما المصرية حاضرة بقوة خلال هذه الدورة عبر عرض 18 فيلماً جديداً بالإضافة إلى الأفلام المشاركة في الفاعليات المختلفة للمهرجان وتمت ترجمتها كي يتسنى للضيوف اكتشافها. ووقع اختيار إدارة المهرجان على فيلم «يوم للستات» إخراج كاملة أبو ذكري للعرض في افتتاح الدورة الثامنة والثلاثين. والعمل من تأليف هناء عطية وبطولة إلهام شاهين ونيللي كريم ومحمود حميدة وأحمد الفيشاوي وناهد السباعي وإياد نصار وهالة صدقي. كما سيمثل السينما المصرية أيضاً في المسابقة الرسمية للمهرجان فيلم «البر التاني» للمخرج علي إدريس.
يُكرم المهرجان هذا العام عدداً من المبدعين، وتُمنح جائزة فاتن حمامة التقديرية لأربع شخصيات هي: المخرج الراحل محمد خان، والمخرج المالي الشيخ عمر سيسكو والمنتج الفلسطيني حسين القلا والفنان المصري يحيى الفخراني.
أما جــائزة فاتــــن حمامة للتميز فتذهب إلى 3 شخصيات هي: المخرج وكاتب السيناريو الصيني جيا زانكيه، والمخرج وكاتب السيناريو الألماني كريستيان بيتزولد الذي يترأس لجنة تحكيم المسابقة الدولية والممثل المصري أحمد حلمي.
وقـــال المدير الفــــني للمهرجان يوسف شريف رزق الله إن الدورة الحالية تشهد حضور عدد كبير من الضيوف، بلـــغ 75 ضيفاً من 32 دولة. وأبرز الوجوه المشاركة هذا العام من بين صناع الأفلام المخـــرج النيبالي مين باهدور بام، الحاصل علىـــ جائـــزة أسبوع النقاد في مهرجان فينيســـيا، ومخــرجة الأفلام التسجيلية الأمـــيركية ميشيل غولدمان، والمخرج الجـــزائري كريم طريدية، والمخرج اللبناني أسد فولادكار، والمخرج الروماني دان تشيزو، والمـــخرج التشيخي بيتر فاكلاف، وعدد من النجوم المكرمين وأعضاء لجان التحكيم والمشاركين في ندوات وفاعليات المهرجان.

العودة إلى وسط المدينة
ويشهد هذا العام عودة عروض أفلام المهرجان إلى دور العرض السينمائي بوسط القاهرة وهي صالات أوديون الثلاث وصالتا سينما «كريم 1 و2»، وقد توقف العرض بها منذ العام 2012 بسبب الظروف الأمنية عقب اندلاع ثورة كانون الثاني (يناير) العام 2011. وبذلك يرتفع عدد الصالات المخصصة للمهرجان إلى عشر صالات بعد انضمامها لصالات عرض دار الأوبرا.
ويعرض المهرجان هذا العام ثمانية أفلام مرشحة لجائزة الأوسكار العالمية في فئة الأفلام الأجنبية غير الناطقة بالإنكليزية، من ألمانيا وكندا والفلبين وغيرها، ومن بينها الفيلم الهنغاري «قتلة على كراسٍ متحركة»، والفيلم النيبالي «الدجاجة السوداء» الحائز جائزة أحسن فيلم في أسبوع النقاد بمهرجان فينيسيا السينمائي.
يتكون المهرجان من أقسام عدة هي القسم الرسمي للأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة، والمسابقة الدولية – خارج المسابقة، مهرجان المهرجانات، والبانوراما، وكلاسيكيات السينما العالمية. وتركز أقسام المهرجان على أنماط مختلفة للإنتاج السينمائي العالمي، ومنها المسابقة الرسمية والقسم الرسمي خارج المسابقة، وقسم «البانوراما الدولية» الذي يعرض 43 فيلماً لم تشارك في مسابقات كبرى، وقسم للأفلام المصرية المعاصرة يعرض 8 أفلام، وقسم «شكسبير والسينما» لمناسبة حلول الذكرى الـ400 لوفاته ويضم 9 أفلام، وقسم «مهرجان المهرجانات» ويضم 35 فيلماً تم عرضها في عدد من المهرجانات الدولية، وتشمل المسابقة الرسمية الدولية 16 فيلماً من مصر وفرنسا وبولندا وهنغاريا وإيطاليا والهند والصين وتشيخيا وإستونيا وجورجيا وكرواتيا والبرتغال والجزائر.
كما تعرض تسعة أفلام خارج المسابقة الرسمية من بريطانيا والفلبين واليابان والمكسيك ورومانيا وألمانيا والولايات المتحدة.
وتهتم دورة هذا العام بعرض الأفلام التسجيلية أبرزها مشاركة المخرج الأميركي الشهير مايكل مور بفيلمه «أين الغزوة المقبلة؟»، وأيضاً الفيلم الأميركي «جمهورية ناصر: بناء مصر الحديثة» للمخرجة ميشال غولدمان الذي يتناول مشاهد من تاريخ الزعيم جمال عبدالناصر. كما يقام على هامش المهرجان عدد من البرامج الموازية هي: آفاق السينما العربية وهو برنامج مستقل تنظمه نقابة المهن السينمائية في مصر بدعم من المهرجان. ويشمل عرض 8 أفلام، ويستهدف البرنامج تشجيع الحوار بين الثقافات والمساهمة في تطوير فنون وعلوم الفيلم سواء الروائي أو التسجيلي أو التشكيلي. وهناك برنامج آخر موازٍ هو: مسابقة سينما الغد للأفلام القصيرة وتشمل 30 فيلماً، وهناك أيضاً أسبوع النقاد ويشمل 7 أفلام.
لم يخل الاستعداد للمهرجان من مشكلات تقليدية في شأن اختيار الأفلام المشاركة، فبعد إعلان الفيلم المصري «آخر أيام المدينة» للمخرج تامر السعيد كأحد الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان، تراجعت إدارة المهرجان عن اختيارها وأعلنت استبعاده، ما أثار ضجة في الأوساط السينمائية. وبررت إدارة المهرجان ذلك خلال بيان رسمي أشارت فيه إلى أن «الفيلم عُرض في نحو 15 مهرجاناً دولياً قبل موعد مهرجان القاهرة السينمائي، وكان يتحتم على صانعي الفيلم احترام مهرجان بلادهم، كونه مهرجاناً دولياً كبيراً وليس مهرجاناً إقليمياً، مؤكدين تقديرهم جودة الفيلم واحترامهم صانعيه». وكان صناع الفيلم المصري والشركة المنتجة له قد أصدروا بياناً في وقت سابق، اعتبروا فيه قرار إدارة المهرجان متعسفاً، مؤكدين التزامهم بما تم الاتفاق عليه مع المهرجان.
وواجه المهرجان عقبات مالية بالغة في ظل مشكلات اقتصادية خانقة أحدقت بالبلاد خلال الفترة الماضية، ما انعكس على المهرجان الرسمي الذي تموله الدولة، وصرحت رئيسة المهرجان الدكتورة ماجدة واصف إلى «الحياة» بقولها: «واجهتنا عدة صعوبات تتعلق بمشاكل تمويلية بفعل انخفاض قيمة الجنيه المصري وارتفاع الأسعار بشكل جنوني وتأثيرها في أسعار تذاكر الطيران واستضافة الضيوف المشاركين، لكن لم يؤثر ذلك على التزاماتنا تجاه ضيوف المهرجان وتمكننا الوفاء بها»، وأضافت واصف «الجهات الأساسية الممولة للمهرجان هي وزارات الثقافة والسياحة والشباب الرياضة. وطلبنا زيادة الميزانية المخصصة للمهرجان هذا العام، لكن الظروف الاقتصادية للبلاد حالت دون ذلك، نظراً لاتجاه الحكومة لترشيد النفقات». وأوضحت رئيسة المهرجان: «في الدورات السابقة، الى جانب التمويل الأساسي للحكومة المصرية، اعتمد المهرجان أيضاً على التمويل التكميلي عبر مساهمات رجال الأعمال، ومن المؤسف اعتذارهم هذا العام عن عدم تقديم الدعم ربما بفعل الظروف الاقتصادية المضطربة، ما كان له أبلغ الأثر على أنشطة عدة للمهرجان أبرزها عجزنا عن استضافة نجوم السينما العالمية الذين يتقاضون مبالغ طائلة، لا تستطيع ميزانية المهرجان الوفاء بها، وكان رجال الأعمال الداعمون للمهرجان يتحملون تكاليف هذا الصدد عبر التعاقد والسداد المباشر للنجوم العالميين، ورغم كل تلك العقبات فإن المهرجان قائم وهذا أمر إيجابي في حد ذاته».
وقالت واصف: «نعمل بأقصى جهدنا كي يخرج المهرجان في أفضل صورة على المستويات كافة سواء التنظيمية أو الفنية، وهناك تحديث للمهرجان، رغم أنها خطوة تأخرت كثيراً حيث كانت الأمور التنظيمية تتم بشكل بدائي، استعنّا هذا العام بالتقنيات الحديثة، وأبرمنا تعاقداً مع إحدى الشركات الرائدة في مجال حجز تذاكر السينما إلكترونياً، وعبر أرقام مختصرة للتيسير على الحضور وتجنباً للزحام، وأنشأنا تطبيقاً على الهاتف المحمول ليتسنى للجميع متابعة أنشطة المهرجان أو حجز تذاكر العروض، مع إتاحة الفرصة للمشاهد أن يحدد المقعد المناسب له داخل القاعة، مع استمرار الشكل التقليدي للحجز من شباك التذاكر».

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى