\”اعدام\” نصب فني في عمان يثير جدلا واسعا بين الفنانين والمثقفين الأردنيين

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص – 

على مدى سنوات أثارت المنحوتة التي صممها الفنان السوري ربيع الأخرس، وربضت ثلاثة عشر عاما على أحد ميادين عمّان  الرئيسية والمعروف ب”الدوار السابع”، جدلا واسعا بين المثقفين والفنانين الأردنيين.. البعض رحب بالفكرة كونها تعكس احتفاء المدينة وأهلها بالفن وما يحمله من رسائل جمالية وإنسانية واعتبروها ملمحا جماليا فريدا تآلف مع فضاءات المكان منذ عام 2002، بينما طالب آخرون بازالتها نظرا لضعف قيمتها الفنية والإبداعية ورداءة المواد المستخدمة في تنفيذها-كما يرون-.

وبعد أن قامت أمانة عمان الكبرى(بلدية عمان) قبل أيام  بازالة المنحوتة المعنونة ب”الانسان والتاريخ” فإن الجدل اتخذ زخما اضافياً، حيث طالب بعض الفنانين عبر صفحاتهم الفيسبوكية بتسيير مظاهرات احتجاجية على تلك الخطوة التي اعتبروها اعداما للفن والابداع، بينما رحب آخرون بذلك مطالبين بضرورة تزيين المدينة بمنحوتات منفذة بأساليب ابداعية احترافية تتناغم مع مناخات عمّان وتاريخها الحضاري.

 

خامة رديئة وذوق هابط

 

الفنان والصحفي رسمي الجراح كان من بين أشد المتحمسين لازالة نصب “الدوار السابع من مكانه”، حيث كتب قبل أشهر في موقعه الالكتروني( شو في مافي)  …”منحوتة ربيع الأخرس عبارة عن كتلة دميمة جاثمة على الدوار السابع بلون قاتم ومتقشرة تبعث على الكآبة والتقزز, كومة من قمامة تحجب الرؤية وتكشف عن ذوق صانعها الهابط وتبعث اسئلة صادمة”.

ويتابع الجراح” النصب الذي نفذ ابان احتفالات عمان عاصمة الثقافة العربية 2002 خضع لتعديلات كثيرة منها على شكله غير الجمالي والاجساد العارية للاشخاص المعاقين الخارجين من شكل يعتقد انه مستوحى من شكل الكتاب ولكن من يمعن النظر يجد ان الاشخاص صرعى متسلقون مثل دود خرج من كومة قمامة , فضلا عن خامته الرديئة التي تتفتت وتتفسخ”.

 

كما ويتعجب البعض من صيحات الاستنكار وما وصفوه «تباكي البعض» على منحوتة الدوار السابع، حيث تتساءل القاصة بسمة النسور بتعجب «لما كل هذه (اللطميات) على نصب الدوار السابع! انها مجرد ازالة لمنظر قبيح»، يشاطرها الرأي في ذلك كل من الروائي هاشم غرايبة، الاعلامية اكرام الزعبي، الناقد محمد أبو زريق والفنان التشكيلي عصام طنطاوي الذي يعلق «كان عملا بائسا قاتما لا يليق بمدخل عمان ولايستحق كل هذا التباكي. .وأتمنى لو توكل مهمة التمثال الجديد للفنان الكبير كرام النمري».

 

الفنان والنحات خيري حرزالله يطالب بنصب فنية تليق بجماليات المكان العماني وتاريخه وتشرف عليها لجان متخصصه وأضاف «انا مع ازالته وذلك بسبب بشاعته وعدم حسن تنفيذه. عمان تفتقر إلى النصب التذكارية وتستحق نصا فنية ذات قيمة عالية، لكي نغني تارخها الحديث بأشكال حضارية. ولكي يكون للاجيال القادمة تاريخ من الوعي الجمالي. لذلك اقترح على امانة العاصمة عمل مسابقة سنويه للفنانيين الاردنيين يطرحون من خلالها افكار تليق بعمان وتاريخ عمان، وتأليف لجنة فنية مؤلفة من فنانيين اكاديميين ومأهلين لذلك».

 

اعتداء على الفن والابداع

 

أما المحتجين على ازالة المنحوتة، فقد هاجموا وبعنف أمانة عمان الكبرى وكل المسؤولين عن قرار “اعدام الفن والجمال” بحسب وصفهم، فها هو التشكيلي والشاعر سعيد حدادين يكتب” جريمة هدم النصب على الدوار السابع …دليل على ان امين عمان …لايستحق امانة عمان …لانه غيرمطلع على الحضارات …ولاتعنية الفنون والثقافه.”، ويضيف ساخراً” ..ينعى كل من الدوار الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن .. صديقهم واخيهم الغالي …الدوار السابع …بحادث ازمة سير …تقبل التعازي في امانة عمان”. 

 

ويتأسف التشكيلي والنحات سهيل بقاعين لازالة منحوتة الفنان ربيع الأخرس وتحطيمها بصورة مجحفة بحق الفن والابداع، وقال «كان بإمكان أمانة عمان الكبرى نقل المنحوتة الى مكان مناسب بدل تحطيمها»، كما طالب بقاعين بإيلاء فن النحت ومنجز النحات الأردني مزيدا من الاهتمام مذكرا بالعديد من المنحوتات المنتشرة في شوارع العاصمة والمهملة منذ سنوات.

 وكتبت التشكيلية نعمت الناصر في صفحتها على الفيسبوك (العزاء لنا يا ربيع الأخرس بتحطيم عملك) معتبرة ما حصل شيئا مخجلا ومعيبا.

….وأمانة عمان تبرر

 

 أمين عمان الكبرى عقل بلتاجي  أكد ان الزالة النصب جاء تلبية لمتطلبات الهندسة المرورية والأزمات الخانقة التي تشهدها المنطقة، وأجرى اتصالا مع الفنان ربيع الأخرس، بحسب ما أعلن هذا الأخير، والذي كتب في (إطلالة فيسبوكية): «أمين مدينة عمان بعد اتصال هاتفي بيني وبينه اليوم اعتذر منّي على إزالة مجسم (الإنسان والتاريخ) وطالبني بعمل جديد لي تعويضاً، ظناً منه أنني أدافع عن عمل لربيع الأخرس، العمل الذي وضعته بالدوار السابع لم يعد ملكي ولا ملكاً لأمانة عمان.. وتابع «عربياً؛ ليس غريباً أن يُقتَل كل ما يمس الروح الإنسانية. في عمان قتلوا منحوتة (الإنسان والتاريخ)، ولن أستغرب أن يُقتل الفن في أي مكان من المحيط للخليج».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى