اغتيال جديد لروح الإسكندرية الثقافية

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

لإسكندرية ـ تعرضت مدينة الإسكندرية العريقة في الشهور الأخيرة لحملة كبيرة تهدف إلى تشويه وجهها الثقافي والحضاري المعروف عنها.

 

كان آخرها للأسف من مؤسسة إعلامية عريقة هي مؤسسة الأهرام التي بدأت نشاطها في القرن قبل الماضي في مدينة الإسكندرية، وتحديدا في 27 ديسمبر عام 1875.

 

وقد أرادت مؤسسة الأهرام لمبناها الجميل في شارع طريق الحرية في تقاطعه مع شارع النبي دانيال وسط الإسكندرية التاريخية، أن تتحول مكتبته الى نشاط تجاري آخر غير التثقيف والتنوير.

 

فقد أعلنت المؤسسة في كبريات صحفها عن تأجير المكتبة الملحقة بمبنى المؤسسة بالإسكندرية، لتتحول إلى غرض آخر غير ثقافي، ربما تتحول بعد تأجيرها إلى كافتيريا أو صالة أفراح أو مقر لأحد البنوك الجديدة، وهي الأنشطة التي تدر دخلا كبيرا أو عائدا ضخما هذه الأيام.

 

العاملون بالمكتبة وفي مبنى المؤسسة بالإسكندرية لم يقفوا مكتوفي الإيدي بعد إحساسهم بالخطر الداهم الذي تقدم عليه مؤسستهم، فأرسلوا خطابا الى كبار المسئولين في مقر المؤسسة بالقاهرة جاء فيه:

 

نحن العاملون بمؤسسة الأهرام فوجئنا بإعلان صادر بجريدتنا الغراء يتضمن عرض مكتبة الأهرام بالإسكندرية للإيجار، وقد آلمنا وأفزعنا هذا الإعلان الذي يبدو أن البعض داخل المؤسسة بمبنى الأهرام بالإسكندرية نقل صورة خاطئة عن المكتبة التي تعتبر قيمة ثقافية وفكرية وعلمية، وهي تمثل المكتبة الثانية بالثغر بعد مكتبة الإسكندرية العالمية، كما أنها ضمن مبنى الأهرام العريق ذي الطابع الأثري والطراز المعماري العريق.

 

ويرى الموقعون على المذكرة ـ التي حصلت ميدل إيست أونلاين على نسخة منها ـ أن أسلوب العرض بالمكسب والخسارة لا يتفق نهائيا مع مؤسسة تنويرية وفكرية تهدف للارتقاء بالمجتمع وأبناء الوطن.

 

ويؤكد العاملون بالمبنى أنه جرى منذ وقت قليل تطوير المبنى والانفاق عليه مبالغ طائلة، وصلت إلى سبعمائة ألف جنيه مصري (ما يقرب من 88 ألف دولار أميركي) وأصبح تحفة معمارية، وفي نهاية الأمر يعرض جزء من هذا المبنى للإيجار للدخلاء والمغرضين.

 

لا ندري لصالح من يتم بيع وتأجير وهدم التراث السكندري العريق والعبث به، في حادثة هي الثالثة على مدى أشهر قليلة، ولعل البعض منا يتذكر مسلسل “الراية البيضا” للراحل العظيم أسامة أنور عكاشة التي عرض فيها لمحاولات المعلمة فضة المعداوي بائعة السمك في حي الأنفوشي الاستيلاء على إحدى الفلل الأثرية الجميلة على كورنيش الإسكندرية، ليحل محلها ناطحات السحاب والأبراج التي تشوه جمال المدينة ومعالمها المتميزة.

 

وبدأت الحملة التعدي على روح الإسكندرية الثقافية من خلال الأغارة على باعة الصحف والمجلات في ميدان محطة الرمل، بحجة تشويه الميدان والاستيلاء على مساحات واسعة لعرض الكتب والمجلات والأقراص الممغنطة للأفلام المنسوخة بطريقة غير قانونية.

 

ومن يذهب الآن إلى هذا الميدان الشهير بمدينة الإسكندرية يرى كيف تحول هذا الوجه الثقافي الذي كان يرتاده كل عشاق الأدب والثقافة والفكر من أهل المدينة والزائرين لها، إلى مساحات صغيرة لا يكاد يبين منها المعروض من جديد الكتب والجرائد والمجلات.

 

وكان التعدي الثاني الذي أحدث ضجة إعلامية وثقافية وما يشبه الاعتصام الثقافي، هو ما حدث لمبنى آتيليه الاسكندرية (جماعة الفنانين والكتاب) العريق الذي أنشئ عام 1967، وتنقل مقر الآتيليه في عدة مبان حتى استقر في المبني الحالي في فيلا رقم 6 شارع فيكتور باسيلى بالأزاريطة وهو عبارة عن فيلا أنشئت عام 1893 ولها حديقة واسعة ومسرح، بناها التاجر اليوناني تمفاكو ثم انتقلت ملكيتها إلى تاجر الأخشاب الثرى السيد كرم ثم انتقلت ملكية المبنى إلى عدة أفراد ثم إلى البنك المصري الإيطالي عام 1956 والذى أجر منه الآتيليه الفيلا بالحديقة في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام، وفى عام 1969 بيعت معظم الحديقة لتتحول إلى عمارات. وفي عام 1999 أصبح المبنى أثريا تابعا لهيئة الآثار المصرية حفاظا على تراثه المعماري ومكانة الآتيليه الثقافية والفنية بالمدينة.

 

وينظم الآتيليه المعارض بكل أنواعها (فنون تشكيلية – الحرف التقليدية – التصوير الضوئي – المطبوعات والكتب – رسوم الأطفال والهواة – معارض فردية وثنائية وجماعية).

 

وقد حدثت إغارة من أشخاص يدعون انهم من ورثة أصحاب الفيلا ويريدون الاستيلاء على بعض مباني الفيلا وتحويلها الى إبراج حديثة.

 

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى